كيف يمكن أن نفسر أن هناك 820 أسرة تعيش على مساعدات الضمان الاجتماعي، أي ما يقارب 665 ألف نسمة من المجتمع، في مقابل تربع 41 مليارديراً سعودياً على عرش الثراء العربي!
وكيف يمكن أن نفسر عدم امتلاك 60 % من المجتمع لمنازل خاصة بهم، وسكنهم بمنازل وشقق مؤجرة، في مقابل امتلاك السعوديين لوحدات سكنية في الخارج، تصل نسبتها في مصر وحدها أكثر من 11% من الوحدات السكنية هناك، وهي بالطبع لمن يمتلكون فللا وقصورا في الداخل!
كيف يمكن أن نفسر أن هناك 44 % من المواطنين يسكنون في شقق سكنية، مقابل 39 % يقيمون في فلل، بعدما كان السكن في شقة، زمن الثمانينيات، أمراً يخص الوافدين، ولا يخص المواطنين إطلاقاً.
كيف يمكن أن نفسر شكوى وزير الإسكان من عدم توفر أراض بيضاء تمتلكها الدولة، كي تقيم عليها وزارته مساكن صغيرة للمواطنين الذين لا يمتلكون منازل، في مقابل وجود 73 % من الأراضي السكنية البيضاء في الرياض فقط، ما زالت في قبضة تجار العقار، وستبقى طويلا طالما لم يتم اتخاذ إجراءات تسهم في تخلصهم منها لصالح من لا يمتلكون سكنا خاصا بهم!.
هذه الأرقام والنسب الموجعة، وغيرها مما لم أطلع عليه، تجعلنا ننتظر مبادرات وحلولاً عاجلة تعيد أوضاع المواطنين إلى حالتها القديمة، قبل موجة الغلاء، وارتفاع معدلات التضخم المتزايدة، خاصة أن نسبة النمو السكاني لدينا تعد عالية قياسا بالدول المجاورة، بمعنى أن عدد السكان المتوقع عام 2025 سيصل نحو أربعين مليوناً، وما لم نخطط جيداً، ونعالج أزمتنا الراهنة في السكن، وفي معدلات الفقر، وفي نسب البطالة، وأزمة الخريجين المؤهلين للعمل، وفي إحكام معدل التضخم المتصاعد، سنجد أنفسنا بعد عشر سنوات في أزمة لا يعلم تبعاتها إلا الله سبحانه!
نعم، نحن بحاجة ماسة إلى استنفار جميع أجهزة الدولة، خاصة مع هذا الازدهار الاقتصادي المتميز، في استثمار مختلف الثروات الطبيعية، والاستفادة من ذلك في حل معظم هذه الأزمات، ولا أعتقد أن أي مواطن، بل أي إنسان في العالم، يحتاج أكثر من ثلاث أساسيات في حياته، امتلاك مسكن يليق به وبأسرته، ووظيفة بسيطة تضمن له ولعائلته دخلا ثابتا، ونظاما صحيا يؤمن علاجه إذا مرض، فهل تحقيق هذا المطلب الثلاثي أمر مستحيل، على بلد حباها الله وأكرمها بثروات كبيرة وضخمة، وبقادة حريصين على راحة مواطنيهم ومطالبهم.
إذن، فالأمر يتمثل في العمل المخلص الدؤوب لكل وزير ورئيس دائرة حكومية أو خاصة، والتخلص من الإهمال وعدم الاكتراث في حقوق المواطنين، والشعور الحقيقي بالمسؤولية أمام الله سبحانه، بالإضافة إلى تجفيف منابع الفساد والقضاء عليها في مختلف التعاملات الحكومية والخاصة، حتى نصل جميعا، بوطننا، إلى الحلم المنتظر!.