أوصى المشاركون في ورشة «تجارب تخفيض نسبة المياه غير المحسوبة في دول منظمة التعاون الإسلامي»، التي اختتمت أعمالها أمس بجامعة الخليج العربي، بوضع كفاءة خفض المياه المفقودة من الشبكات الصحي في عين اعتبار صناع القرار قبل الشروع في مشاريع إنتاجية جديدة لتوسيع محطات الإنتاج، مطالبين باعتماد (الموازنة المائية) بما يسهم في التحكم في وجه صرف المياه، وتحديد مستوى التسربات.
وأوصى المشاركين بتشكيل جهاز معني بحساب الفاقد من شبكة المياه، وظيفته تحديد بيانات دقيقة لأوجه استهلاك المياه، تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة المبنية على المعلومات القابلة للقياس. ودعوا لاستخدام التقنيات الحديثة للتحكم في مستوى المياه المفقودة، وطالبوا في هذا السياق ببناء القدرات على مستوى الموارد البشرية عبر التدريب والتعليم المستمر، والاشتراك في صنع القرار.
وعلى المستوى التنظيمي طالب المشاركون في الورشة بتخصيص منهجية واضحة لآلية العمل، وأكدوا أهمية وضع مقارنة معيارية مبدؤها الاستفادة المتبادلة من تجارب الدول العربية الإسلامية، والتشبيك فيما بينها.
وفي هذا الإطار أكد الدكتور العوهلي أهمية عقد هذه الورشة لما لموضوعها من أهمية في رفد الأهداف التنموية لدول مجلس التعاون الخليجي، لافتاً إلى أن استدامة المياه في دول مجلس التعاون تعتمد في جزء كبير منها على رفع كفاءة المياه في جانبي العرض والطلب، من خلال تخفيض نسبة المياه المفقودة على مستوى العرض، وتخفيض معدل استهلاك الفرد للمياه الذي يعتبر عالياً جداً في دول مجلس التعاون على مستوى الطلب.
وشدد العوهلي على أن تخفيض المياه غير المحسوبة سيعود بالنفع الكبير على الدول الإسلامية في الجوانب المالية والاقتصادية والبيئية. موضحاً أنه على المستوى المالي سيكفل هذا النهج تقليل التكلفة المالية المستنزفة في المياه غير المحتسبة، وعلى مستوى الطاقة سيسهم في تقليل الغازات المنبعثة، والمياه الحارة والمالحة المنصرفة للبيئة البحرية من جراء عمليات التحلية؛ ما يؤدي إلى تضرر البيئة البحرية. أما على المستوى الاقتصادي فإن تقليل تسرب المياه غير المحتسبة سيدعم توجيه الاقتصاد لدعم القطاعات التنموية كالتعليم والصحة والإسكان، بدلاً من أن يستنزف في مجالات لا تعود بالنفع على المواطنين.
من جانبه، بين الدكتور مراد جاباي الرئيس التنفيذي للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه أن الاجتماع هدف لتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء في الشبكة لبحث سبل تخفيض نسبة المياه المفقودة نتيجة للتسرب من شبكات المياه.
لافتاً إلى أن خبرات الدول تتفاوت بين متقدمة وواعدة، وتصل نسبة المياه المفقودة في بعض الدول بين 20 و30 %، وهي النسبة المقبولة عالمياً. فيما تبلغ في دول أخرى أكثر من 50 %، وهو ما يقتضي وضع استراتيجيات لصيانة الشبكات لتوفير المياه المسربة. إلى ذلك، قال مدير برنامج إدارة الموارد المائية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي الأستاذ الدكتور وليد خليل زباري إن نسبة المياه غير المحسوبة في بعض الدول العربية والإسلامية تصل إلى نسب عالية جداً، تقدر بـ40 - 60 %، ويمثل التسرب من الشبكة النسبة الأعلى منها، ولها تأثيرات بيئية واقتصادية ومالية عديدة، وتؤثر بشكل عام على استدامة خدمة المياه البلدية وكفاءتها. مؤكداً أن دول مجلس التعاون الخليجي تعكف في الوقت الراهن على خفض هذه النسب، ولديها العديد من البرامج في هذا المجال؛ إذ يتراوح التسرب المادي من شبكة المياه البلدية بين 30-40 %، وهو على خلاف مع التكلفة العالية التي تتكبدها دول المجلس في إنتاج وتوزيع هذه المياه عالية الجودة (المحلاة أساساً)، التي تتراوح تكلفتها بين 1-2 دولار أمريكي للمتر المكعب (في البحرين 725 فلساً للمتر المكعب). وفي سياق الورشة عرضت الباحثة سعاد خلف الحاصلة على شهادة الماجستير من جامعة الخليج العربي في تخصص نظم المعلومات الجغرافية مشروع تخرجها الذي فاز مؤخراً في مسابقة (GMDC) العالمية للابتكار التقني متفوقاً على 8 جامعات عالمية، وصلت إلى نهائي المنافسة، وهو مشروع يعنى بتصميم تطبيق إلكتروني على الهاتف يعرض خرائط مكانية لشبكات توزيع المياه في هيئة الكهرباء والماء، تتيح للمهندسين والفنيين الاطلاع التفصيلي على شبكات المياه. ويتيح خاصية إعداد التقارير الفورية الإلكترونية تبيان وضع الشبكة بالصور والإحداثيات وإرسالها لغرفة العمليات. كما تحتوي على قاعدة معلومات تفصيلية بمواصفات الأنابيب، تتيح للعاملين في صيانة الشبكات الاطلاع عليها إلكترونياً في الميدان؛ وبالتالي سهولة وضع الحلول والبدائل لصيانة الشبكات.
وعلى الصعيد ذاته، عُرض عدد من الدراسات خلال الورشة، وقدم محمد الشافعي دراسة حالة عن الأردن بعنوان «المياه غير المحسوبة في مدينة العقبة.. تقييم مالي وتقني»، كما قدمت هناء المسقطي من هيئة الكهرباء والمياه بمملكة البحرين أنشطة وإجراءات البحرين في تخفيض المياه غير المحسوبة، وتناولت أروى حومادي تحديات وجهود اليمن في تخفيض المياه غير المحسوبة، فيما قدمت ميلاد ملاح من لبنان دراسة حالة عن المياه غير المحسوبة في مدينة طرابلس.
أيضاً عرض نور ازهاري استراتيجيات وبرامج تخفيض المياه غير المحسوبة في ماليزيا، وتناول مصطفى بياض بناء القدرات في تخفيض المياه بالمغرب، وتطرق جاسم الزري لجهود سلطنة عمان في تخفيض المياه غير المحسوبة، كما تناول الدكتور فرات حيدر تجربة العراق في هذا المجال.
يُشار إلى أن الورشة التي نظمتها الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، ومقرها الأردن، بالتعاون مع هيئة الكهرباء والماء بمملكة البحرين وجامعة الخليج العربي، وبدعم من البنك الإسلامي للتنمية (فرع جدة)، افتتحت أعمالها بمقر جامعة الخليج العربي بحضور سعادة الشيخ نواف بن إبراهيم آل خليفة نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الكهرباء والماء، ورئيس جامعة الخليج العربي الدكتور خالد بن عبدالرحمن العوهلي، وشارك فيها عدد من الخبراء من الدول الإسلامية من البحرين، الأردن، العراق، بنغلادش، اليمن، لبنان، ماليزيا، المغرب وسلطنة عمان. وشملت الورشة زيارة ميدانية بتنظيم من هيئة الكهرباء والمياه إلى محطة الحد للطاقة للتعرف على جهود مملكة البحرين في هذا المجال.