جاءتْ شريعةُ الإسلام بكمالِ العدل، وأمرتْ بتحصيل المصالح، فلا عدلَ فوقَ عدلِها، ولا مصلحةَ فَوْقَ ما تضمَّنَتْهُ من المصالح، وقَرَّرَتْ أنَّ كُلَّ فِعْلٍ يكونُ معه الناسُ أقربَ إلى الصَّلاح، وأبعدَ عن الفساد؛ فهو من الشريعة؛ وإنْ لَمْ تنُص عليه الشريعة؛ كما قرَّره ابنُ القيم وغيرُه من أهل العلم.
وخصوصاً من هذا العموم؛ أقرَّت الشريعةُ (التحكيمَ) طريقاً من طُرُقِ الحُكم، وحفظِ الحقوق؛ بل وحثَّتْ عليه؛ كما في التحكيم بين الزوجين، وأقرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبا شريح على تحكيمِهِ بين قومه، وقال: ((مَا أَحْسَنَ هَذَا))، وعليه أجمع الصحابةُ رضي الله عنهم.
والحمدُ لله الذي يسَّر لنا فقهاً ((يأخذُ بما يظهرُ له من جديدٍ صالح، ولا ينكثُ يدَه من قديمٍ نافع)).
وبالنظر في الأنظمة السُّعودية نَجِدُ أنها قرَّرتْ نظامَ التحكيم طريقاً للفصل بين الخصوم؛ نزولاً على اتفاقهم، واعتبرته قضاءً خاصّاً؛ يختصرُ الوقتَ والجهدَ والتكاليف.
وقد تنقَّل هذا النظامُ بين العديد من المراحل؛ تبعاً لأطوار الحركة التجارية والاقتصادية في المملكة.
ورصدُ أهمِّ هذه الأطوار القانونية للتحكيم؛ هو مما يندرجُ تحت علم «تاريخ القانون» الذي يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بأسبابِ التطورِ الاقتصاديِّ، ويقعُ تحتَ السِّياقِ الشاملِ للتاريخ الاجتماعي، ويسهمُ في تفسير السلوكياتِ الاجتماعية المختلفة؛ مما يزيدُ الفقيهَ علماً بروح النظام، ووعياً بمقاصدِه، وإدراكاً لحاجات المجتمع التنظيمية.
وهو كذلك خطوةٌ تُمهِّدُ لدراسةِ أسبابِ تطور القوانين، والأسباب المؤثّرة في تغيُّرها أو تعديلها أو جمودها، وتحليل آثارها على الواقع والمحلِّ القانوني، وتكوين المَلَكَةِ القانونية التي تستطيعُ نقدَ التنظيمات السَّارية، وتقويمها، وتطويرها، واستشراف الحاجات التنظيمية للمجتمع، وصياغتها، وتجويدها.
والإحاطةُ بمراحل التحكيم التجاري في المملكة تزيدُ المحكَّمَ والمختصَّ إحاطةً بأحكام التحكيم، وبأنواعه ونطاقه ومجالاته في الواقع الاقتصادي والتجاري، وتزيدُه فهماً لمقصود المنظِّم، ومرونةً أمامَ المرافعة التحكيمية، وتقرِّبُ إليه في حالِ التحكيم الدولي؛ المعاهداتِ والاتفاقياتِ المؤثّرةَ في قضايا التجارة الدولية، والأحكامَ الموضوعيةَ المناسبة عند تنازع القوانين.
والأدواتُ النظامية المؤثّرةُ على التحكيم التجاري في المملكة، والتي تشكِّلُ أعرافَه وإجراءاتِه؛ مختلفةٌ ومُتَعَدِّدَة؛ منها: المراسيم الملكية، وقرارات مجلس الوزراء، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية، واللوائح والقرارات والتعاميم الوزارية.
وكذلك «عقود الامتياز» للتنقيب عن النفط، والتي تتضمَّنُ شروطاً تحكيمية، ومع أنَّ الأصلَ في هذه العقود أنّها عقودٌ إدارية؛ إلا أننا نغلِّبُ عليها هنا الوصفَ الاقتصادي والتجاري؛ باعتبار دخول هذه العقود في النشاط التجاري للدولة، ولما لهذه العقود من أثرٍ كبير على عملية التحكيم التجاري في المملكة، وفي منطقة الخليج عموماً.
وجعلتُ ترتيبَ هذه الأدوات موافقاً للتسلسل التاريخيِّ لصدورها؛ بحيث تكونُ أوفقَ للمقصود، وأكثرَ دلالةً على الارتباط بين الواقع التجاري والاقتصادي، وبين الحالة القانونية للتحكيم في المملكة، وأثرِ كلٍّ منهما على الآخر.
وقد وقفتُ على (60) أداةٍ قانونية؛ قنَّنَتْ أحكامَ التحكيم وإجراءاتِه، واكتفيتُ هنا بذكر أهمِّ (26) أداة؛ طلباً للاختصار. كما لم أتطرَّقْ هنا إلى بيان آثار هذه الأدوات، وتحليلها، وبيانِ ارتباطِ بعضِها ببعض، واكتفيتُ بالإشارة المختصرة إليها؛ منوِّهاً بجهود الجهات التنظيمية للدولة في تطوير الأنظمة والبيئة الاقتصادية؛ مع الإقرار بصعوبة الوصول لكثيرٍ من الوثائق والمحفوظات القانونية، وهذا أوانُ الشروع.
أولاً: الفترة من (1341هـ-1923م) إلى (1400هـ-1980م).
1- في عام 1341هـ-1923م، وبتاريخ 20-9-1341هـ؛ نُظِّمتْ اتفاقيةُ الامتياز بين الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وميجر فرنك هولمز وكيل النقابة الشرقية العامة والمحدودة، والمتعلقة بالتنقيب عن النفط في منطقة الأحساء.
وقد نصَّتْ الاتفاقيةُ في فقرتها (23) على الإحالة على التحكيم حال النزاع، وتحديد نطاقه، وإجراءاته، ونهائية أحكامه الصادرة بموجبه.
2- وفي عام 1350هـ-1931م؛ صدر (نظام المحكمة التجارية) بالمرسوم الملكي رقم (32) وتاريخ 15-1-1350هـ.
وقد نصَّ النظامُ -ولأول مرة في تاريخ الأنظمة السعودية- على بعض الأحكام المتعلقة بالتحكيم؛ كما في المواد: (493-497)، و(538)، و(599)، و(610-613)، حيثُ نَظَّمتْ هذه الموادُّ الأحكامَ المتعلقةَ بالتحكيم بصورة مختصرة؛ إذْ إنَّ اللجوءَ إلى التحكيم لم يكن خياراً شائعاً في ذلك الوقت.
3- وفي عام 1352هـ-1933م، وبتاريخ 5-2-1352هـ وقَّعت المملكةُ وشركة كاليفورنيا للزيت القياسي (سوكال) اتفاقيةَ امتيازٍ للتنقيب عن النفط؛ أُنشئتْ بموجبها شركة كاليفورنيا العربية للزيت القياسي (كاسوك) لإدارة الامتياز، (عُرِفَتْ في 31-1-1944م بشركة أرامكو)، وقد صُدِّقَت بالمرسوم الملكي رقم 1135 وتاريخ 14-3-1352هـ.
ونصَّت المادةُ (31) من الاتفاقية على الإحالة إلى التحكيم حال النزاع، وبعض الإجراءات المتعلقة بذلك.
4- وفي عام 1365هـ-1946م صدر نظام الغرف التجارية والصناعية المنشور في جريدة أم القرى (العدد 1089 وتاريخ 15-2-1365هـ)، والذي نصَّ بموجب المادة (5) على اختصاص الغرفة بحل المنازعات التجارية والصناعية بطريق التحكيم إذا اتفق أطرافُ النزاع على إحالتها إليه.
5- وفي عام 1366هـ-1947م، وبتاريخ 25-11-1366هـ؛ صدر أولُ نظامٍ للعمل والعمال في المملكة، ونصَّ في المادة (38) على حق اللجوء إلى التحكيم في حل نزاعات العمل والعمال.
6- وفي عام 1372هـ-1953م؛ وبتاريخ 10-9-1372هـ؛ وقَّعت المملكةُ على اتفاقية تنفيذ الأحكام بين دول جامعة الدول العربية، ونصَّتْ المادةُ (3) على أنَّ السلطة المختصة المطلوب إليها تنفيذُ حكمِ محكَّمين صادرٍ في إحدى الدول العربية؛ لا تملكُ إعادةَ فحص موضوع الدعوى الصادر فيها حكمُ المحكمين المطلوب إليها تنفيذه، ولا يجوزُ لها أنْ ترفضَ طلبَ تنفيذِه إلا في ستِّ حالاتٍ، وعلى سبيل الحصر.
7- وفي عام 1374هـ-1955م، وبتاريخ 2-7-1374هـ؛ وقَّعت المملكةُ وشركةُ أرامكو اتفاقيةَ تحكيم «مشارطة» تنصُّ على أنَّ المسألة الأولى التي على هيئة التحكيم البتُّ فيها؛ هي القانون واجب التطبيق؛ بحيث يكونُ وفقَ النظام السعودي والشريعة الإسلامية... إلخ.
وقد كان للحُكم التحكيمي الصادر وفقاً لهذه الاتفاقية؛ أثرٌ كبيرٌ على عقود التحكيم في المملكة ومنطقة الخليج؛ أُلِّفت فيها مؤلفاتٌ مطولة عربيةٌ وأجنبيةٌ؛ ليس هذا محلُّ تفصيلها.
8- وفي عام 1383هـ-1963م صدر قرار مجلس الوزراء رقم 58 وتاريخ 17-1-1383هـ، والذي يُعتبر أول تنظيم للتحكيم بشأن المنازعات الإدارية، وقد نصَّ القرارُ على أنه لا يجوز لأيِّ جهة حكومية أن تقبل التحكيم كوسيلة لفض المنازعات إلا في حالاتٍ استـثنائية.. إلخ.
9- وفي عام 1385هـ-1965م صدر نظام الشركات بالمرسوم الملكي رقم (م-6) وتاريخ 22-3-1385هـ، ونصَّ في المادة (29) على حقِّ مدير الشركة في اللجوء إلى التحكيم إذا كان في ذلك مصلحة للشركة.
10- وفي عام 1389هـ-1969م؛ صدرَ نظامُ العمل والعمال بالمرسوم الملكي رقم (م-21) وتاريخ 6-9-1389هـ الذي نصَّ في المادة (183و184و187) على حق اللجوء إلى التحكيم في المنازعات العمالية.
ثانياً ـ الفترة من عام (1400هـ-1980م) إلى عام (1414هـ-1993م).
11- وفي عام 1400هـ-1980م؛ صدر نظامُ الغرف التجارية الصناعية بالمرسوم الملكي رقم (م-6) وتاريخ 22-4-1400هـ، وبموجب المادة (5) و(37) من النظام؛ فإن للغرف التجارية الحق في حسم الخلافات بطريق التحكيم إذا اتفق الأطرافُ على ذلك؛ كما نصَّتْ المواد (49-54) من اللائحة على القواعد الإجرائية المتعلقة بالتحكيم.
12- وفي عام 1400هـ-1980م أيضاً، انضمَّت المملكةُ إلى اتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار (الاكسيد) الموقعة في واشنطن بتاريخ 17-3-1965م. وقد نصَّت الاتفاقيةُ على إنشاءِ مركزٍ دولي لتسوية منازعات الاستثمار عن طريق التحكيم.
13- وفي عام 1403هـ-1983م، وبتاريخ 23-6-1403هـ؛ وقَّعت المملكةُ على «اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي»؛ حيث نصَّتْ المادةُ (37) منها؛ على وجوبِ الاعتراف بأحكام المحكمين، وتنفيذها لدى أيٍّ من الدول المتعاقدة، والإجراءاتِ المتعلقة بذلك.
14- وفي عام 1403هـ-1983م أيضاً، وبعد أنْ رأى المنظِّمُ حاجةَ الواقع الاقتصادي في المملكة إلى إفراد أحكام التحكيم في نظامٍ مستقل؛ صدرَ نظامُ التحكيم في (25) مادة؛ كأوَّلِ دولةٍ عربية تُصدر نظاماً مستقلاً للتحكيم، وذلك بالمرسوم الملكي رقم (م-46) وتاريخ 12-7-1403هـ، والذي تضمَّن إلغاءَ النصوص المتعلقة بالتحكيم الواردة في نظام المحكمة التجارية. ثم صدرت اللائحة التنفيذية لهذا النظام بقرار مجلس الوزراء رقم 7-2021-م وتاريخ 8-9-1405 في (48) مادة.
ويُعَدُّ صدورُ هذا النظام إيذاناً بالبداية الحقيقية للتحكيم التجاري الحديث في المملكة.
ثالثاً ـ الفترة من عام (1414هـ-1993م) إلى عام (1433هـ-2012م).
15- وفي عام 1414هـ-1993م؛ قرر قادةُ دول مجلس التعاون الخليجي خلال القمة (14) بـالرياض في 6-8-7-1414هـ؛ إنشاءَ (مركز التحكيم التجاري لدول مـجلس التعاون)؛ حيث بدت الحاجةُ لمثل هذا المركز بسبب زيادة حجم الاستثمارات في المنطقة، وحركة التبادل التجاري بين مواطني دول المجلس، وبينهم وبين الشركات الاستثمارية الأجنبية.
16- وفي نفس العام، وبعد عشرة أيام من انعقاد القمة الخليجية؛ صدر المرسوم الملكي رقم (م-11) وتاريخ 16-7-1414هـ بالموافقة على مصادقة المملكة على (اتفاقية نيويورك 1958م) الخاصَّة بالاعتراف بأحكام المحكَّمين الأجنبية وتنفيذها، والتي أقرها مؤتمرُ الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم التجاري الدولي المنعقد في نيويورك في الفترة 20-5-10-6-1958م.
17- وفي عام 1416هـ-1995م؛ قرر المجلسُ الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في دورته (16) المنعقدة بمسقط؛ بتاريخ 12-14-7-1416هـ؛ الموافقةَ على «اتفاقية تنفيذ الأحكام»، والتي نصَّت في المادة (12) منها على تنفيذ أحكام المحكمين لدى أيٍّ من الدول الأعضاء بنفس الكيفية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
18- وفي عام 1421هـ-2000م؛ صدر أمرٌ سامٍ بالموافقة على تأسيس (فريق التحكيم السعودي)؛ بحيث يضمُّ نخبةً من المختصِّين من الجهات ذات العلاقة؛ كوزارة العدل وديوان المظالم وغيرها، ويرأسُ الفريقَ صاحبُ السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين، ويُعنى الفريقُ بتنظيم كل ما يتعلق بالتحكيم؛ كتنسيق جهود الجهات ذات الصلة، وتمثيل المملكة دولياً وإقليمياً، ونشر ثقافة التحكيم بالبحوث والندوات والدورات التدريبية، والمؤتمرات الدولية، وبناء كفاءات تحكيمية متميزة، وتعزيز حضور الشريعة الإسلامية في مراكز التحكيم الدولية؛ كغرفة التحكيم الدولية في باريس.
19- وفي عام 1423هـ-2002م؛ صدر نظام الهيئة السعودية للمهندسين بالمرسوم الملكي رقم (م-36) وتاريخ 26-9-1423هـ، ونصَّت المادةُ (42) من اللائحة على أنَّ الهيئة تتقاضى مقابلاً مالياً عن التحكيم الفني في المنازعات؛ كما صدرتْ موافقةُ مجلس إدارة الهيئة على إنشاء مركز تحكيمٍ هندسي؛ لتعزيز مبدأ التخصُّص في فصل المنازعات الهندسية.
20- وفي عام 1423هـ-2002م أيضاً؛ صدر خطاب سمو رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء برقم 5328-ر وتاريخ 4-10-1423هـ المتضمن أنه تمَّت الموافقة الكريمة على قرار مجلس الوزراء رقم 221 وتاريخ 6-9-1423هـ القاضي بالموافقة على إحالة القضايا التجارية المحضة، والتجارية بالتبعية التي تقام من شركة أرامكو السعودية أو عليها إلى ديوان المظالم لنظرها؛ بما في ذلك اعتماد وثائق التحكيم والتصديق على أحكامه، وقد صدر بذلك تعميم معالي وزير العدل برقم 13-ت-2104 وتاريخ 26-10-1423هـ.
21- وفي عام 1426هـ-2005م؛ صدر نظام العمل بالمرسوم الملكي رقم (م-51) وتاريخ 23-8-1426هـ، ونصَّت المادةُ (224) على جواز تسوية الـخلافات العمالية عن طريق التحكيم.
22- وفي عام 1426هـ-2005م أيضاً؛ صادق المجلسُ العمومي في منظمة التجارة العالمية في جلسته المنعقدة بجنيف بتاريخ 11-11-2005م على وثائق انضمام المملكة إلى (اتفاقية منظمة التجارة العالمية wto)، ومع أنَّ هذه الاتفاقية لا تختصُّ ابتداءً بالتحكيم التجاري؛ إلا أنَّ جـميعَ الدول المنضمَّة إلى هذه الاتفاقية تلتزمُ بتطبيق قواعدِها، وتعديلِ الأنظمة الإجرائية ذات الصِّلة لتتوافق مع هذه القواعد؛ كأنظمة التحكيم التجاري والمرافعات، وأنظمة التجارة والصناعة والإجراءات الجمركيَّة والاستثمار وحقوق الملكية الفكرية ونحو ذلك.
23- وفي عام 1428هـ-2007م؛ صدر نظام القضاء وديوان المظالم الجديدين، واللذان يُمثِّلان نقلةً نوعيةً كبرى في تاريخ القضاء السعودي، وذلك بالمرسوم الملكي رقم (م-78) وتاريخ 19-9-1428هـ.
وقد نصَّت المادةُ (13) من نظام ديوان المظالم على اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل في طلبات تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية.
رابعاً ـ الفترة من عام (1433هـ-2012م) إلى الآن.
24- وفي عام 1433هـ-2012م؛ صدر المرسوم الملكي رقم (م-34) وتاريخ 24-5-1433هـ بالموافقة على إصدار نظام التحكيم الـجديد؛ مؤذناً بانتقال مسيرة التحكيم التجاري في المملكة إلى طورٍ جديدٍ غيرِ مسبوق؛ مواكباً لما تشهده المملكةُ من نهضةٍ في الاقتصاد والنظم التجارية والصناعية، ومتضمناً أحدثَ النظريات في مجال التحكيم التجاري، ومجموعةً من القواعد والإجراءات التي تفعِّلُ خيارَ التحكيم في حسم المنازعات.
25- وفي عام 1433هـ-2012م أيضاً؛ صدر نظام التنفيذ بالمرسوم الملكي رقم (م-53) وتاريخ 13-8-1433هـ؛ حيث نصَّت المادةُ (9) على أنَّ أحكامَ المحكَّمين المذيلة بأمر التنفيذ هي من السندات التنفيذية؛ كما نصَّت المادة (12و13) على رفض تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكَّمين الصادرة في بلدٍ أجنبي إذا كان الحكم مشمولاً بإحدى الحالات المنصوصِ عليها في النظام على سبيل الحصر.
26- وفي عام 1435هـ-2014م؛ أقرَّ مجلسُ الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 14-6-1435هـ إنشاءَ لجنةٍ دائمة للتحكيم في وزارة العدل، ومركزٍ للتحكيم التجاري في المملكة باسم (المركز السُّعُودي للتَّحكِيم التِّجاري)، تحتَ مظلة مجلس الغرف التجارية والصِّناعية، ويكون مقرُّه مدينة الرياض؛ يتولَّى الإشرافَ على إجراءات التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية التي يتفق أطرافُها على تسويتها تحكيمياً تحت إشراف المركز، وقد نصَّ القرارُ على جملةٍ من الإجراءات المتعلقة بهيكلة المركز ونطاقه واختصاصاته.. إلخ.
وبإنشاء هذا المركز؛ يكونُ التحكيمُ في المملكة قد انتقلَ إلى طور التحكيم المؤسسيِّ المنظَّم الذي يَعُدُّه المختصُّون قسيماً للتحكيم الحر أو الفرد، ولكلٍ منهما مزاياه وسماته، كما سيكون للمركز أبلغ الأثر على الواقع الاقتصادي وحركة الاستثمار في المملكة، وسينعكس أثره الإيجابي على عقود الإنشاءات والتوريد والنقل والعقود التجارية المختلفة التي تشهد قفزاتٍ غير مسبوقة في ظل المشاريع والإنفاق الحكومي. أ.هـ.