الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن وآله، أما بعد:
تنبهت الشريعة الإسلامية لخطورة المال الحرام على الدين ، وجاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( أطب مطعمك ) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله- تعالى- أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً)، وقال تعالى :( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبـات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء :يارب يارب ، ومطعمه حرام ،ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟»[رواه مسلم].
وفي كل ما سبق تأكيد على عدم قبول العمل إلا بأكل المال الحلال وتجنب كل الطرق المؤدية إلى الحرام.
ولقد كان السلف الصالح - رحمهم الله تعالى - يعرفون خطورة المال الحرام على الدين والنفس، فكانوا يتحرَّون أن يكون مطعمهم طيباً، ففي صدر الإسلام لا يزال أثره قوياً في صدور المؤمنين، وعندما علم بعض الصحابة - رضي الله عنهم - عقوبة أخذ المال الحرام سواء من المال العام، أو من عامة الناس استعفوا عن الولاية، واعتذروا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قبولها لخوفهم - على رغم قوة إيمانهم - أن يلحقهم شيء من الغلول، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذرهم.
وفي مطلع شهر أكتوبر من عام 2003 م وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاق الدولي لمكافحة الفساد؛ حرصًا منها على محاربة هذه الآفة الخطيرة التي أصبحت تهدد مجتمعات العالم كله. ومن هذا المنطلق حرصت قيادة بلادنا الرشيدة على توعية المجتمع، والتأكيد على أهمية الرقابة الفاعلة من خلال هيئة حكومية تعنى بهذا الأمر، وتضع الأنظمة والقوانين التي تحارب الفساد وتقضي عليه، ولقد حرصت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على إقامة ندوة توعوية في رحاب جامعتنا المباركة؛ سعيًا منها لبيان الأثر السلبي الذي يتركه الفساد.
هذ وإنّ الجامعة والهيئة - مشكورتين - قد استشعرتا أهمية التوعية في هذا الجانب المهم ولهذا أقيمت هذه الندوة النوعية.
نسأل الله أن ينفع بها وأن يبارك في الجهود وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.