أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامَّة للسياحة والآثار أن المملكة تشهد نقلة غير مسبوقة في حجم الاستثمارات الفندقية وتنوعها خاصة مع دخول الكثير من الأسماء الفندقية العالميَّة للسوق السعودي لأول مرة أو كتوسع لوجودها السابق.
ونوّه في حوار إعلامي بعد تسلّمه أمس الأحد جائزة القيادة من مؤتمر الاستثمار العربي الفندقي 2014م بدبي بحضور الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس دائرة الطيران المدني بحكومة دبي بتزايد أهمية المملكة الاقتصاديَّة، ومكانتها كمحور مهم في منظومة الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أن «المملكة العربيَّة السعوديَّة تتمتع باقتصاد قوي بفضل الله، ثمَّ بفضل الاستقرار والنظرة بعيدة المدى والإدارة الاقتصاديَّة والماليَّة المتوازنة التي يشرف عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله-، والملك عبد الله يعرف تاريخ المملكة وتراثها ويدعو للعناية به، وهو أكثر الدافعين للتطور».
وأضاف: «هذا العام شهد الانطلاقة الحقيقية لأعمال الهيئة بانطلاق منظومة قرارات من الدَّوْلة من أبرزها نظام السياحة وقرار الموافقة على مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز للتراث الحضاري، وقرار الموافقة على دعم الهيئة ماليًّا وإداريًّا، وننتظر القرارات المكملة التي تدعم وتنظم القطاع وبرامج التمويل التي اقترب إقرارها بالتنسيق مع وزارة المالية».
وأكَّد الأمير سلطان على أن الهيئة توجه كل أنشطتها وجهودها للسائح المحلي، وقال: «الهيئة تركز على المواطن لأنَّه السوق الأهم، والمملكة العربيَّة السعوديَّة لم تكن يومًا مغلقة، فالملايين يزورونها كل عام من الحجاج والمعتمرين، والآن بدأت الهيئة في تطبيق برنامج «سياحة ما بعد العمرة» الذي يتيح للمعتمرين القيام ببرنامج سياحي في المملكة بالتنسيق مع وزارات الداخليَّة والخارجيَّة والحج وفق نظام محدد، إضافة إلى الزوار من حضور المؤتمرات والمعارض أو الذين يزورون الهيئة للعمل وغيرهم».
وعد سموه تجربة دبي في المجال السياحي والفندقي تجربة مهمة وأثبتت أن الأحلام يمكن أن تتحقق، وأضاف: «لدينا في المملكة أحلام أكبر بحجم بلادنا ومكانتها الكبيرة وثقلها في المنطقة والتنوع الطّبيعي والثقافي والمناخي وبحجم تميز مواطنيها ومحبتهم لبلادهم والذين أزعم أنهَّم يتفوقون على الجميع في حبهم لبلادهم».
وقال سموه: استلم الجائزة نيابة عن عدد كبير من المواطنين والمستثمرين والمسئولين من أمراء المناطق والوزراء الذين تعاونوا معنا في مشروع كبير لتطوير قطاع الإيواء السياحي بالمملكة، وعن كل مستخدمي المرافق الفندقية وغالبيتهم من المواطنين السعوديين الذين أسهموا في تطوّر هذا القطاع بوعيهم وذائقتهم ومطالبتهم في الارتقاء بمستويات الخدمات الفندقية.
وأشار إلى أن التنظيمات الجديدة التي طبَّقتها الهيئة أسهمت في نموِّ الاستثمارات الفندقية في المملكة بشكل متزايد، ودخول عدد كبير من الشركات الفندقية العالميَّة في السوق السعوديَّة بعد قيام الهيئة بتطوير القطاع الفندقي، وتصنيفه، وتحفيز الاستثمار فيه، وإحكام الرقابة عليه وفرض العدالة للمستهلك والمستثمر. وقال: «إضافة إلى النمو في الاستثمارات الفندقية في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، هناك توجه نحو إقامة وجهات سياحيَّة متكاملة تحوي أنماطًا مُتعدِّدة من النزل السياحيَّة بمختلف أنواعها (منتجعات، فنادق مختلفة الدرجات، الشقق الفندقية، والنزل البيئية، والمخيمات الصحراوية، والنزل الريفية والزراعيَّة) في مختلف مناطق المملكة وفي عدد من المواقع مثل العقير، العلا، فرسان، حائل، الثمامة، القصيم، الدرعية، الليث، عسير، وغيرها».
وأبان الأمير سلطان أن الشراكة منهجية بدأتها الهيئة وكانت عامل النجاح في وقت لم تكن هذه المنهجية معروفة، وقد سعت الهيئة إلى الإقناع وتغيير الواقع باطِّلاع الشركاء على تجارب النجاح من خلال عدد من البرامج منها زيارات استطلاع الخبرة للدولة المتقدِّمة في المجال السياحي والفندقي.
وأوضح أن الهيئة تعمل على تطوير عدد من الوجهات السياحيَّة منها مشروع تطوير العقير السياحي الذي تبلغ نفقاته التطويرية 17 مليار ريال، والمرحلة الأولى للمشروع تتَضمَّن إنشاء 1364 غرفة فندقية باستثمارات تقدّر بـ900 مليون ريال، ومشروع تطوير سوق عكاظ بمحافظة الطائف، ومشروعات المنتجعات السياحيَّة الكبرى على البحر الأحمر، ومحور الهدا الشفا بالطائف، وغيرها.
وأكَّد سموه على أن الهيئة بدأت منذ تأسيسها بالعمل على أحداث نقلة نوعية في قطاع الايواء السياحي، مضيفا: «الرحلة لم تكن سهلة ولم تبدأ بانتقال الإشراف على قطاع الإيواء عام 2009، الذي شهد مرحلة انتقالية من وزارة التجارة إلى الهيئة التي استغرقت 3 سنوات، وإنما سبقت ذلك بتقديم الهيئة برنامجًا تطويريًا متكاملاً عام 2007 وأسهمت الهيئة في تنفيذه وتمويل أجزاء منه قبل انتقال الصلاحية للهيئة، وهو ما أدَّى إلى دخول الأسماء العالميَّة في مجال الفندقة بعد استقرار الأنظمة، ووضوح المعايير، والتأكَّد من العدالة.
وأشار إلى أن من المهام التي قامت بها الهيئة لتطوير القطاع تطوير إجراءات واشتراطات الترخيص، وتطوير نظام تصنيف جديد للفنادق والوحدات السكنية المفروشة، وإعداد وتطبيق سياسة تسعير جديدة تتلاءم مع درجات التصنيف بما يحفز الاستثمار في هذا النشاط إعادة تقييم جميع مرافق الإيواء السياحي القائمة (حوالي 4000 مرفق) حسب نظام التصنيف الجديد.
إصدار معايير تصنيف الأنواع الأخرى من الإيواء السياحي (الشقق الفندقية، الفلل الفندقية، المنتجعات، النزل السياحيَّة، الموتيلات، الاستراحات الريفية) وأكَّد على أن الهيئة عملت بتوجيهات الدَّوْلة في مراعاة مصلحة المستثمر والمستهلك بالتوازن، وتقف على ذات المسافة بين مصلحة المستثمر والمستهلك، وتعمل على أن تكون شريكًا مساندًا للمستثمر لتقديم الخدمات المطلوبة للمواطن بالأسعار الحقيقية التي تعكس مستوى الخدمة، إضافة إلى نمو أعمال المستثمرين لزيادة العرض في الفنادق بجميع درجاتها، مع مناصرتها لحقوق مستخدم هذه المنشآت وحقه في الخدمة بمستويات راقية وأسعار عادلة.
وقال: إنّه من المتوقع أن تشهد المملكة نموًّا كبيرًا في مرافق الايواء عند الإعلان عن برنامج التمويل السياحي الموسع (الذي بات قريبًا) وما يتبعه من اتساع في مشروعات الايواء.
وأضاف: «التحدي أمامنا اليوم أن نمول المرافق السياحيَّة وأهمها الايواء لنتمكن من تطوير مواقع الايواء السياحيَّة ومستوياتها التي تَضمَّن التدفقات».
وأبان أن قطاع الإيواء السياحي في المملكة شهد نموًّا متسارعًا في الاستثمارات خلال العقد الماضي. ومن المتوقع أن يستمر بالنمو في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن عدد منشآت الايواء السياحي (الفنادق، الوحدات السكنية المفروشة، الفلل الفندقية، الشقق الفندقية، النزل السياحيَّة، فنادق الطرق، المنتجعات)، قد بلغ حتَّى نهاية مارس 2014م (3710 منشأة) منها (1222)، فندقا، و(2488) وحدة سكنية مفروشة، فيما بلغ عدد الغرف الفندقية في الفنادق (299.500) غرفة، وفي الوحدات السكنية: (87.080) غرفة، وتتمركز أكثر من 77 % مع الاستثمارات الفندقية في المملكة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتوقع سموه أن تشهد المملكة طفرة في مجال المنشآت والمشروعات الفندقية خلال العامين المقبلين بالتزامن مع التطوّر الذي تشهده المدن السعوديَّة والنمو السنوي المتزايد للسياحة المحليَّة، مشيرًا إلى أنّه من المتوقع بحلول عام 2020م الانتهاء من إنشاء عدد كبير من فنادق «مختلفة الفئات» بحجم استثمارات يقدر بـ143.9 مليار ريال.على مستوى عالٍ من جودة الخدمة والكثير منها يحمل أسماء لشركات فندقية عالميَّة.
وقد جاءت هذه المشروعات استجابة للطلب المتزايد على النشاط السياحي بشكل عام والإيواء بشكل خاص في مدن المملكة المختلفة وهو ما تترجمه الأرقام المتزايدة لنسب إشغال الفنادق في المملكة.
وأكَّد أن السياحة الوطنيَّة تُعدُّ مسارًا رئيسًا لتوفير فرص العمل للمواطنين، وتحديدًا قطاع الإيواء السياحي. لافتًا إلى أن إجمالي السعوديين العاملين في قطاع السياحة بنهاية عام 2013م بلغ (203.484) يمثِّلون ما نسبته (27.1 في المئة) من إجمالي العاملين في الوظائف المباشرة، أما عدد العاملين من السعوديين وغيرهم في هذا القطاع فقد بلغ بنهاية عام 2013م أكثر من مليون و126 ألفًا في الوظائف المباشرة وغير المباشرة، ومن المتوقع وصولهم عام 2020م إلى أكثر من مليون و773 ألفًا.
وقال: إن الدَّوْلة اهتمت بقطاع المعارض والمؤتمرات كمؤثِّر ومستفيد من مرافق الايواء، التي يؤثِّر ازدهارها في ازدياد الطلب على الخدمات الفندقية، والإسهام في إيجاد أسواق جديدة في مناطق مُتعدِّدة، وزيادة الحركة خارج المواسم المعتادة.
وقد عملت الدَّوْلة على تطوير قطاع المعارض والمؤتمرات وتنظيمه بإيجاد برنامج وطني له يعمل على تنظيم هذا التمط وتحفيز الاستثمار فيه وإثراء رونامته في مناطق المملكة.
وتطرَّق إلى مرافق الايواء النوعي التي تبنَّتها الهيئة مثل القرى التراثية، المخيمات الصحراوية، النزل الريفية، مشيرًا إلى أنها تُعدُّ مبادرة إضافية استكملتها الهيئة في نشاط الإيواء السياحي ستتيح فرصًا استثمارية أرحب وأوسع، وستساعد في التعريف بخدمات المستثمرين بشكل دقيق، وستوفر للسائح خيارات أكثر.
وعدّ الأمير سلطان بن سلمان الجهود التي قامت بها الهيئة بالتعاون مع الجامعات والمؤسسة العامَّة للتدريب التَّقني في إنشاء كليات للسياحة والفندقة هي من أبرز المهام التي أدت إلى الإسهام في تطوير القطاع الفندقي من خلال تأهيل الشباب السعودي للعمل في هذا القطاع، مشيرًا إلى أن التعاون المشترك بين المؤسسة والهيئة في إنشاء أربع كليات للفندقة والسياحة في مدينة الرياض والمدينة المنورة والطائف والأحساء، إضافة إلى عدد من المشروعات الحديثة لإنشاء كليات للامتياز السياحي في المملكة من خلال جامعات سياحيَّة دوليَّة، حيث يتم حاليًّا إنشاء 8 من هذه الكليات التي تشمل تخصصات تقنية وإدارية في الرياض (تم افتتاحها)، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، الطائف، جدة، الأحساء، نجران.
ومن المتوقع أن تخرج كل كلية نحو 2000 طالب سنويًّا وأكَّد الأمير سلطان على أن قطاع الإيواء سيكون من أهم الدعائم الاقتصاديَّة التي توفر التجربة السياحيَّة المتكاملة للسائح المحلي الذي تستهدفه الهيئة في برامجها وأنشطتها، وقد عملت الهيئة على أن تكون مرافق الايواء عنصرًا رئيسًا في التجربة السياحيَّة المتكاملة والتكامل مع أنشطة تنظيم الرحلات، والإرشاد السياحي، ومنظمي الفعاليات.
وتطرَّق إلى برنامج التهيئة الشاملة لملاك ومشغلي الوحدات السكنية المفروشة، الذي ألزمت به الهيئة المستثمرين كشرط لاستخراج الترخيص ويهدف إلى تهيئة المستثمرين ومشغلي هذه المشروعات لضمان تشغيل منشآتهم بطريقة تكفل الاستمرار واطلاعهم على الفرص والضوابط المتعلقة بنشاطهم، بدلاً من مُجرَّد الترخيص له وتركه لمواجهة مستقبل استثماره بلا تبيان للفرص وآليات العمل التي تكفل استفادته من الاستثمار والانعكاس الإيجابيّ على الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن الهيئة تجري مسحًا لاحتياجات التوسع الفندقي في المناطق خلال السنوات الخمس المقبلة مع الأخذ في الاعتبار تقدير التدفقات وتحديد المعوقات أمام المستثمرين.
وأضاف: «في المرحلة القريبة القادمة، وبما تتلقاه السياحة في المملكة من دعم من الدولة، وتفاعل من القطاع الخاص، وتزايد في إقبال المواطنين عليها، فإننا نستشرف صدور منظومة من القرارات المهمة من الدولة، تشمل تطويرًا شاملاً ومتكاملا للمشروعات المتعلقة بالسياحة، وتطوير آليات التمويل والدعم الحكومي لقطاعات الاستثمار السياحي بما فيها القطاع الفندقي والتوسع في ذلك.
وكان الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامَّة للسياحة والآثار قد تسلم جائزة القيادة في الاستثمار الفندقي من مؤتمر الاستثمار العربي الفندقي 2014م بدبي بحضور الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس دائرة الطيران المدني بحكومة دبي وذلك تقديرًا لدوره المهم في تطوير قطاع السياحة والاستثمار الفندقي في المملكة.
وقال بيان صحافي صدر عن اللجنة المنظمة لمؤتمر الاستثمار العربي الفندقي في دبي: إن هذا التكريم يأتي تقديرًا للجهود التي يبذلها سموه في الدفع قدمًا بتطوير قطاع السياحة السعوديَّة وإطلاق المبادرات التي تأتي استجابة لزيادة الطلب على قطاع السياحة في المملكة، وجذب ودعم وتطوير الاستثمارات الفندقية بالمملكة، واستحداث نظام «سياحة ما بعد العمرة» الذي يتيح للمعتمرين التجوَّل في المملكة مع إمكانية التمديد لمدة شهر على التأشيرات الخاصَّة بالعمرة.
ويستضيف مؤتمر الاستثمار العربي الفندقي 2014 ـ الذي تنظمه شركة ميد إيفنتس ـ عددًا من الجلسات النقاشية التي ستسلّط الضوء على أهم العوامل التي تقف وراء نمو قطاع السياحة في المملكة العربيَّة السعوديَّة.