البيعة في اللغة مأخوذة من مادة باع، والباع في الأصل مسافة ما بين الكفين إذا انبسطت الذراعان يميناً وشمالاً، ويطلق الباع أيضاً على اليد، ولهذا سميت البيعة بهذا الاسم، لأن المبايِع (بكسر الياء) يمد يده للمبايَع (بفتح الياء).
قال الله تعالى {فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111 سورة التوبة).
وقال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (10 سورة الفتح).
وقال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (12 سورة الممتحنة).
وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قوله عليه الصلاة والسلام (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قوله عليه الصلاة والسلام (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).
وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قوله عليه الصلاة والسلام (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).
وأجمع أهل العلم على وجوب البيعة على المسلمين لخليفتهم أو إمامهم أو سلطانهم أو ملكهم، كما اتفقوا على أنه لا يشترط في انعقاد البيعة مبايعة أفراد وآحاد الناس، بل تنعقد البيعة بمبايعة أهل الحل والعقد من الأمراء والعلماء والرؤساء ووجوه الناس كما نقل ذلك غير واحد من العلماء، ومنهم العلامة النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم 12/112-113.
وإذا انعقدت البيعة لولي الأمر المسلم ترتبت على ذلك أحكام شرعية منها:
1- وجوب السمع والطاعة له في غير معصية الله، قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59 سورة النساء)، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قوله عليه الصلاة والسلام (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)، وإذا أمر بمعصية لم يطاع فيها وأطيع في غيرها لا يجوز إثارة الفتنة بسبب أمره بالمعصية بل الواجب السمع والطاعة والنصح كما سيأتي.
2- تحريم الخروج عليه بالقول أو الفعل ما لم يرى منه كفر بواح عندنا فيه من الله برهان، ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قوله (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره واليسر والعسر وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان، وأن نقوم بالحق حيثما كان لا نخاف لومة لائم).
إما إذا حصل الكفر البواح عند الحاكم جاز الخروج عليه لاستبداله بحاكم مسلم شريطة ألا يترتب على ذلك مفسدة كبرى في الدماء أو الأعراض أو الأموال، فإذا ظن ترتب مثل هذه المفاسد حرم الخروج على الحاكم الكافر دفعاً لأعلى المفسدتين، فإن مفسدة بقائه مع أمن الناس أدنى من مفسدة ذهاب الدماء أو الأعراض أو الأموال.
3- الدعاء له بالتوفيق والصلاح والاستقامة، لأن صلاحه يعود عليه وعلى رعيته وبلاد المسلمين، قال الفضيل بن عياض م سنة 187هـ -رحمه الله- وهو من أئمة السلف الصالح (لو كانت لي دعوة مستجابة لما جعلتها إلا في السلطان) قيل له لما ذلك يا ابا علي؟ قال (إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح وصلاحه صلاح للعباد والبلاد).
40- وجوب النصح له سراً مشافهة أو مكاتبة أو بواسطة من يتصل به، ففي صحيح مسلم من حديث تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- قوله -عليه الصلاة والسلام- (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وفي الحديث الصحيح عند الإمام أحمد وغيره عن عياض بن غنم -رضي الله عنه- قوله عليه الصلاة والسلام (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه)، فهدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهدي أصحابه في النصح للإمام أن يكون سراً، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- لما قيل له: ألا تكلم عثمان، قال (أو ترون أني لا أكلمه حتى أسمعكم!!! أني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه) وهذه هي رواية الإمام البخاري -رحمه الله-، فالنصيحة العلنية بدعة مخالفة لهدي النبي عليه الصلاة والسلام وهدي أصحابه -رضوان الله عليهم-، وهي من هدي الخوارج والبغاة حيث إن أول من نطق بها إمام الخوارج الأول ذو الخويصرة في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبسببها قتل أمير المؤمنين الخليفة الراشد الثالث عثمان -رضي الله عنه- من قبل البغاة، وقتل أمير المؤمنين الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- من قبل الخوارج المارقين، وبهذا يعلم أن التجمعات والتجمهرات لأجل النصيحة بدعة خارجية تفسد ولا تصلح، وتضر ولا تنفع.
5- وجوب لزوم الإمام وجماعة المسلمين لاسيما في زمن الفتن، ففي الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- لما قال للنبي -عليه الصلاة والسلام- بما تأمرني إن أدركت زمن الفتن قال -عليه الصلاة والسلام- (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).
6- تحريم الإفتيات عليه في المسائل العامة من أمور السياسات والجهاد والحرب والسلم، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قوله -عليه الصلاة والسلام- (إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به).
والبيعة الشرعية للإمام والخليفة حق من حقوق الراعي على الرعية، وعمل بها المسلمون من بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- كما في بيعة خليفته الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- وحادثة سقيفة بني ساعدة المشهورة في ذلك، ثم بعد ذلك في مبايعة الخلفاء الراشدين الثلاثة كل في زمانه، ثم جرى العمل بهذه البيعة الشرعية في سائر دول وإمارات ومماليك المسلمين على اختلاف العصور والأقاليم.
ولما أسس الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن م سنة 1179هـ -رحمه الله- الدولة السعودية الأولى سنة 1157هـ في الدرعية بايعه على ذلك جماعات وأفراد دولته، وعلى رأسهم الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب بن سليمان ابن مشرف م سنة 1206هـ -رحمه الله-، وفي سنة 1179هـ بايع المسلمون في هذا البلاد وعلى رأسهم الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود م 1218هـ بعد وفاة والده إماماً لهم.
وفي سنة 1218هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ العلامة عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب م 1244هـ -رحمه الله- الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود م سنة 1129هـ -رحمه الله- بعد وفاة والده إماماً لهم، وفي سنة 1229هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود م سنة 1233هـ -رحمه الله- إماماً لهم بعد وفاة والده، وكانت البيعة تنعقد عادة في قصر سلوى الشهير بحي الطريف في الدرعية.
ولما أسس الإمام تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود م سنة 1249هـ -رحمه الله- الدولة السعودية الثانية سنة 1238هـ في الرياض بايعه المسلمون في هذه البلاد إماماً لهم، وقد قدم سنة 1241هـ كبير العلماء يومئذ الشيخ المجدد الثاني عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب م سنة 1285هـ من مصر فبايع الإمام تركي وآزره ونصره، وفي سنة 1249هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ المجدد الثاني عبدالرحمن بن حسن الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود م سنة 1282هـ إماماً لهم بعد رحيل والده، وفي سنة 1282هـ بايع المسلمون في هذه البلا وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ المجدد الثاني عبدالرحمن بن حسن الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود م سنة 1207هـ إماماً لهم بعد وفاة والده، وفي سنة 1288هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ م سنة 1293هـ -رحمه الله- الإمام سعود بن فيصل بن تركي آل سعود م سنة 1291هـ -رحمه الله- إماماً لهم خلفاً لأخيه عبدالله، وفي سنة 1291هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود م سنة 1346هـ إماماً لهم بعد وفاة أخيه سعود، ولقد قام الإمام عبدالرحمن بن فيصل بعد شهرين من مبايعته بالتنازل لأخيه الأكبر عبدالله بن فيصل فبايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن الإمام عبدالله بن فيصل مرة ثانية إماماً لهم، وفي سنة 1207هـ بايع المسلمون في هذه البلاد وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ العلامة عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ م سنة 1339هـ الإمام عبدالرحمن بن فيصل إماماً لهم للمرة الثانية بعد وفاة أخيه الأكبر الإمام عبدالله -رحمه الله-، وكانت البيعة تنعقد عادة في قصر الحكم بالرياض، وبقيت هذه العادة معمولاً بها إلى يومنا هذا؛ فالبيعة العامة للملك أو ولي عهده أو ولي ولي عهده تتم عادة في قصر الحكم الشهير وسط العاصمة الرياض.
ولما دخل الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود م سنة 1319هـ الرياض بايعه المسلمون إماًماً لهم وعلى رأسهم كبير العلماء يومئذ الشيخ العلامة عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-، وقد قدم إلى الملك المؤسس والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل -رحمه الله- سنة 1320هـ من الكويت وبايع ولده الملك المؤسس عبدالعزيز في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، وأصبح الإمام عبدالرحمن الشخصية الأولى في هذه البلاد، ورأس مؤتمر الرياض الشهير سنة 1342هـ وتوفي بالعاصمة الرياض سنة 1346هـ -رحمه الله- ودفن في مقبرة العود.
وفي سنة 1351هـ لما أعلن الملك المؤسس -رحمه الله- توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية رشح ابنه الأمير سعود حينئذ ولياً للعهد، وبالفعل تمت مبايعة الأمير سعود ولياً للعهد من الشعب السعودي في أول سنة 1352هـ في المسجد الحرام بحضور أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ، وعلى رأسهم كبيرهم يومئذ الشيخ العلامة محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ م سنة 1367هـ -رحمه الله- وفي سنة 1373هـ بايع المواطنون جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1388هـ -رحمه الله- ملكاً للمملكة العربية السعودية بعد وفاة والده المؤسس -رحمه الله-، وكان في مقدمة المبايعين أفراد الأسرة المالكة، والعلماء والمشايخ وعلى رأسهم الشيخ العلامة عبدالله بن حسن بن حسين آل الشيخ م سنة 1378هـ -رحمه الله- رئيس القضاة في الحجاز ونواحيها حينئذ، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ م سنة 1389هـ -رحمه الله- رئيس القضاة في نجد ونواحيها حينئذ، وقد بويع يومئذ أخوه الأمير فيصل يومئذ ولياً للعهد.
وفي سنة 1384هـ بايع المواطنون جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1395هـ -رحمه الله- ملكاً للمملكة العربية السعودية خلفاً لأخيه جلالة الملك سعود -رحمه الله-، وكان في مقدمة المبايعين أفراد الأسرة المالكة، والعلماء والمشايخ على رأسهم مفتي الديار السعودية حينئذ سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-. وقد بويع يومئذ أخوه الأمير خالد ولياً للعهد.
وفي سنة 1395هـ بايع المواطنون جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1402هـ ملكاً للمملكة العربية السعودية بعد وفاة أخيه الملك فيصل -رحمه الله-، وكان في مقدمة المبايعين أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ على رأسهم سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ابن حميد م سنة 1402هـ -رحمه الله- رئيس الإشراف الديني في المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء حينئذ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن ابن باز م سنة 1420هـ -رحمه الله- رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة وعضو هيئة كبار العلماء حينئذ، وقد بويع يومئذ أخوه الأمير فهد ولياً للعهد.
وفي سنة 1402هـ بايع المواطنون جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1426هـ ملكاً للمملكة العربية السعودية بعد وفاة أخيه جلالة الملك خالد -رحمه الله-.
وكان في مقدمة المبايعين أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ على رأسهم سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ابن حميد -رحمه الله- رئيس مجلس القضاة الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء حينئذ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن ابن باز -رحمه الله- الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وعضو هيئة كبار العلماء حينئذ، وقد بويع يومئذ أخوه الأمير عبدالله ولياً للعهد.
وفي سنة 1412هـ من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- صدر النظام الدستوري السعودي وهو النظام الأساسي للحكم، ونص فيه على مسألة البيعة كما في الفقرة (ب) من المادة الخامسة التي جاء نصها (يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)، وكما في الفقرة (د) من المادة نفسها حيث جاء نصها (يتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة).
وكما في نص المادة السادسة (يبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره).
وأصبحت هذه البيعة الشرعية نظاماً دستورياً في المملكة العربية السعودية التي تستمد حكمها من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهما الحاكمان على نظامها الدستوري وجميع أنظمة الدولة.
وفي سنة 1426هـ بايع المواطنون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل السعود -حفظه الله- بعد وفاة أخيه الملك فهد -رحمه الله- وفي مقدمة المبايعين أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ -حفظه الله-، وبويع يومئذ صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1432هـ -رحمه الله- ولياً للعهد.
ولا زلت أذكر حضوري لهذه المبايعة في قصر الحكم المشيد بالرياض ضمن وفد عشيرتي العقيلي الخالدي من أهالي الحلوة وأنا لا زلت طالباً في كلية الشريعة بالرياض قبل تسع سنوات.
وفي سنة 1427هـ صدر الأمر الملكي الكريم ذي الرقم أ/135 بإصدار هيئة البيعة التي استبشر فيه المواطنون خيراً، لأنه ضمانة لدستور البيعة الشرعية في المملكة العربية السعودية، ومهيأ لسلاسة سير الحكم في أبناء وأحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- في هذه البلاد، ثم صدر سنة 1428هـ الأمر الملكي الكريم ذي الرقم أ/164 بإصدار اللائحة التنفيذية لنظام البيعة لتؤكد أن خادم الحرمين الشريفين الملك الوالد عبدالله بن عبدالعزيز هو المؤسس لتفاصيل دستورية نظام البيعة في المملكة العربية السعودية، متمماً بذلك جهود والده وإخوانه من قبله -رحمهم الله تعالى-.
وفي سنة 1432هـ صدر الأمر الملكي الكريم أ/244 باختيار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود م سنة 1433هـ -رحمه الله- ولياً للعهد إثر وفاة شقيقه ولي العهد السابق له الأمير سلطان -رحمه الله-، وقد بويع الأمير نايف ولياً للعهد من قبل المواطنين، وعلى رأسهم أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ -حفظه الله تعالى-.
وفي سنة 1433هـ صدر الأمير الملكي الكريم باختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -حفظه الله- ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه ولي العهد الأمير نايف -رحمه الله- وقد بويع الأمير سلمان ولياً للعهد من قبل المواطنين، وعلى رأسهم أفراد الأسرة المالكة والعلماء والمشايخ وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ -حفظه الله -.
وفي هذه السنة الجارية 1435هـ صدر الأمر الملكي الكريم ذي الرقم أ/86 باختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - حفظه الله- ولياً لولي العهد، ويبايع ولياً للعهد حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد، وذلك تحقيقاً لرغبة الملك وولي عهده، وتأييد الأغلبية من أعضاء هيئة البيعة.
وضماناً لسير وسلالة الحكم السعودي في هذا البلد الأمين عبر أمر ملكي كريم مؤكد لدستورية البيعة في المملكة العربية السعودية، وقد بويع الأمير مقرن ولياً لولي العهد من قبل المواطنين وفي مقدمتهم أفراد الأسرة المالكية والعلماء والمشايخ وعلى رأسهم مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ - حفظه الله تعالى-.
نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي عهده الموفق، وأن يعينهم على تحقيق المزيد من رغبة الوطن والمواطنين، والإسلام والمسلمين -آمين-.