أتذكر السيّد الأستاذ حسن كرَّاني بكل حُرْقة وأنا أتأمل جميلات النشرة الجوية على قناة العربية تحديداً، إنها حُرقة مبررة حتماً على طفولتنا المستباحة بصوت الأستاذ حسن في الأحوال الجوية كل يوم وليلة.
إننا جيل من المحرومين لذة التأمل في جمال الصوت والوقفة والخطوة التي تتحرّك بلباقة يندى لها القلب.
إننا جيل من المنتصبين أمام جميلات الفضائيات الإخبارية .. فنتابع ونتأمل.. بكل حسرة وعذاب.
إن هؤلاء الجميلات اللواتي تتسابق عليهن الفضائيات وتتخطفهن كما تفعل الطير، هُنَّ من يعقد عليه الرِّهان في هذا السباق الفضائي المحموم.
اليوم، لم يعد لـ«عبيلة وشوالة وراس أبو قميص»، وكل نواحي البلاد التي تعرفنا عليها عبر صوت كرّاني الرخيم، والملتزم، والمحترم، أي أهمية تذكر، أمام جميلات المناخ في هذه اللحظة من التاريخ.
تخرج عليك الجميلة كأنها في عرض لملكات الجمال، في أزهى وأجمل حُلّة لا يمكن أن تتوقّعها أنت كمشاهد، فيلتبس عليك الأمر، يصبح الحديث عن جغرافية العالم وجغرافية جسدها حديثاً مختلطاً بكل أسى.
يلتبس عليك الأمر، تصبح في حيرة أمرك، وإن كنت قد مررت بديوان أدونيس أول الجسد، فإنك حتماً ستتذكر مع كل نشرة أخبار قوله «رأسها أمطارٌ وعواصف، لكن جسدها بحارٌ من العطش».
يلتبس عليك أمر درجات الحرارة، فتشتبه بنفسك كلما ارتفع رقم الدرجة التي تنطقها الجميلة، تقلّب يدك وتضعها على جبينك وتتحسس جسدك.
ثم تخشى أنك مصاب بعدوى الكرونا فور انتقال العدسة إلى الجميلة الثانية التي بدأت حديثها عن هذا الوباء، وما إن تبتسم الجميلة إلا وتُشفى من كل أمراضك على مرَّ الزمن..
كنت ضد حكايات تسليع المرأة واستغلال جمالها عبر النشرات الدموية، والفضائيات التي لا يهمها شيء سوى جمع المزيد من المال.
لكني اليوم ضد الحماقة والعقد النفسية، ومع هذه الفكرة بكل ما أوتيت من قوة، بل أشد على أيديهم في هذه المحطات التي تخاف الله في أعينِ المشاهدين الكرام، فالمشاهد بشَرٌ في كل حال، والبشر منحازون بطبيعتهم إلى الجمال مها تكن الظروف.
ومع كامل الاحترام للمخضرم حسن كراني.