شرع الله تعالى الزواج وحث عليه لما فيه من المصالح العظيمة التي لا تخفى، وأباح سبحانه التعدد لحكم ومصالح عظيمة قال تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} وإذا كان الإسلام قد رغب في الزواج وحث عليه فإنه قد نهى عن العضل ومنع النساء من الزواج فقال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وذلك لأن في ذلك ظلما للمرأة وحرمانا لها من السعادة الزوجية حيث ترى أمثالها قد تزوجن وعشن عيشة سعيدة، وكذلك فيه حرمان للمرأة من الذرية الصالحة الذين يرجى برهم ومنفعتهم لوالديهم وأيضاً هذا العضل يورث المرأة الهم والغم والآلام العضوية والنفسية، وقد يوقع المرأة في الفاحشة وغير ذلك من المفاسد والمضار التي تعود عليها وعلى المجتمع المسلم، ومما يؤسف له أن هذا العضل المحرم لأسباب ليست جائزة شرعاً فتمنع المرأة من الزواج إما لعادات قبلية كالتحجير على المرأة وقصر زواجها على ابن عمها أو قريبها أو ابن قبيلتها، وإما طمعاً في راتبها إن كانت موظفة أو رغبة في خدمتها أو غير ذلك من الأسباب التي لا وجه لها شرعاً، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله في مولياتهم وليعلموا أنهم سيحاسبون أمام الله عز وجل على ظلمهم لمولياتهم ومنعهن من الزواج الذي أباحه الله لهن وجعله طريقاً مشروعاً لقضاء الوطر ولحصول الولد وقد قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فعلى الرجل العاقل الناصح لموليته ألا يعضلها ولا يمنعها من زواج الكفؤ المرضي في دينه وخلقه ولو بحث لها هو بنفسه عمن يصلح زوجاً لها فله أسوة في ذلك فقد فعل مثل ذلك بعض السلف الصالح كما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه عرض على أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما الزواج من ابنته حفصة بعد وفاة زوجها لعلمه رضي الله عنه بصلاحهما وتقواهما ومنزلتهما في الإسلام ، ومعلوم أن سنته تتبع كما قال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهيين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) رواه أبو داود والترمذي فالواجب على المسلمين الحذر من تضييع هذه الأمانة العظيمة فهم مسئولون عنها كما قال- صلى الله عليه وسلم-: «كلكم راع ومسئول عن رعيته» متفق عليه.