عاش المجلس التأسيسي مساء أول أمس الأربعاء أسوأ أيامه على الإطلاق، حيث شهدت مقاعده حالة من الهرج والشتائم والسباب والتوتر في أقصى درجاته عقب سقوط قانون العزل السياسي، أو ما يسمى بقانون تحصين الثورة، أو الإقصاء السياسي لرموز العهد السابق من الحياة السياسية.
فبعد أن عجزت لجنة التوافقات التي يشرف عليها رئيس المجلس التأسيسي ذاته مصطفى بن جعفر عن البت نهائياً في قانون العزل السياسي، تقرر «تصديره» إلى الجلسة العامة التي التأمت مساء أول أمس وسط حضور كثيف للنواب ولرؤساء الكتل الذين كثفوا تحركاتهم يميناً وشمالاً سواء من أجل تمرير القانون أو إسقاطه.
وراجت في كواليس المجلس بأن أغلب نواب حركة النهضة يساندون المصادقة على القانون فيما تتمسك أقلية بالموقف الرسمي لحركتهم الذي ينص على وجوب إلغاء الإقصاء، وأمام هذا الخلط واللغط، اضطر زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي إلى التحول إلى مقر المجلس حيث التقى نواب كتلة الحركة في مسعى أخير لتشكيل صف واحد ضد تمرير القانون.
وما إن ظهرت النتائج التي تؤكد فشل المصادقة على القانون، وإن بنسبة فارق بسيطة جداً، ونجاح الرافضين للقانون في إسقاطه، حتى ساد الهرج وعلت الأصوات مرددة في أغلبها النشيد الوطني إلى جانب بعض الشعارات التي تطالب بخروج المنتمين سابقا إلى حزب التجمع المنحل أو المنضوين اليوم تحت لواء الأحزاب التي تفرخت عنه من المجلس ومن الحياة السياسية عامة.
ولم تدم فرحة الدستوريين والتجمعيين القدامى طويلاً، إذ سرعان ما انتشر خبر إمضاء عدد من نواب المجلس على عريضة تنص على إعادة عملية التصويت على الفصل 167 من مشروع القانون الانتخابي والمتعلق بإقصاء التجمعيين من الترشح للانتخابات القادمة وبالتالي المشاركة في المشهد السياسي.
وفي الشأن الميداني تأكد رسمياً بشأن الإرهابيين المتحصنين بالجبل، أن عددهم يتراوح بين 100 و200 يدخلون الشعانبي ويغادرونه كلما اشتد القصف عليهم، حيث يحتمون بالجبال المحيطة به والتي كانت أمس هدفاً لعمليات أمنية وعسكرية قوية، فقد تهاطلت على جبل سمامة وجبل السلوم طلقات المدفعية والطائرات المروحية التي تسعى إلى سد المنافذ أمام الإرهابيين ومنعهم من الهرب إلى وجهات أخرى.
وينتظر أن تنتهي هذه العمليات البرية والجوية قريبا حيث سيتم الإعلان رسميا عن ذلك وعن عدد القتلى في صفوف العناصر الإرهابية مع عرض صورهم وهوياتهم كاملة، وفق مصدر مأذون بوزارة اداخلية الذي أوضح أيضاً أن العمليات تتم بنسق تصاعدي بعيداً عن أعين الإعلام ضماناً لحسن سيرها ونجاحها ولسلامة قوات الأمن والجيش.