الجزيرة - الرياض:
عد وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله عبدالرحمن الحصين خطوة شركة المراعي باستيراد ما تحتاجه من الأعلاف كافة من الخارج بالعمل الأمثل الذي يؤكد سياستها والتزامها بالمحافظة على الموارد الطبيعية وقيامها بالدور الوطني المطلوب، مؤملاً بأن تحذو الشركات الزراعية كافة حذوها بهذه الخطوات الحيوية.
كما نبه إلى أن استمرار معدل الاستهلاك الحالي لمياه أحفورية غير متجددة ونافدة لا يعني فقط عدم إمكانية استمرارية النشاط الزراعي في منطقة حائل وغيرها من المناطق وظروفها متشابهة، بل يعني تهديداً مباشراً وصارخاً لأهم مقومات المنطقة ونمائها ألا وهو الماء للقطاع السكني.
وقال الحصين، خلال حفل تدشين صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل مؤخراً مشروع الدواجن لشركة المراعي تحت العلامة التجارية «اليوم»، إن تجربته الشخصية المباشرة وغير المباشرة مع خطط العمل دون تحديد سقف زمني لإنفاذها يؤدي حتماً إلى أن يستغرق ذلك أمداً طويلاً، ونحن في واقع الحال في سباق مع الزمن لتدارك ما يمكن تداركه من ثروتنا المائية غير المتجددة قبل نفادها على محاصيل زراعية يتوفر لها البديل وعلى رأس القائمة زراعة الأعلاف، مستشهدًا بحجم المعاناة التي يتكبدها القطاع المائي بمنطقة حائل من خلال الاستهلاك الكبير بأرقام دقيقة تم رصدها تؤكد حجم المعضلة التي لابد من وجود خطط كفيلة لمعالجتها.
وفيما يلي نص كلمة المهندس عبدالله الحصين وزير المياه والكهرباء بمناسبة تدشين مشروعات الدواجن بمنطقة حائل:
بسم الله الرحمن الرحيم..
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه..
صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن، أمير منطقة حائل..
صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير، رئيس مجلس إدارة شركة المراعي، أصحاب السمو والفضيلة والمعالي والسعادة، أيها الحفل الكريم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
بداية أود أن أتوجه بعد شكر الله بخالص الشكر والعرفان لأخي صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير على كريم دعوته لحضور هذه المناسبة السعيدة، التي لم يكتف سموه بتوجيهها بل تلطف جرياً على كريم عادته وسمو خلقه بإبلاغي بها هاتفياً.
كما أشكر سموه على إتاحة الفرصة لحضور هذه المناسبة لإقامة هذا المشروع الرائد في حجمه ونوعه للإسهام في سد حاجة ماسة من حاجات المواطن والوافد في هذا الوطن المعطاء من لحوم الدوجن دون أن يكون لهذا الحجم والنوع أثره السلبي بيئياً أو اقتصادياً، وقد عودتنا شركة المراعي -أدام الله عليها توفيقه- ريادتها في كل مجال تختار أن تعمل فيه.
أصحاب السمو أيها الحفل الكريم:
لقد تلطف القائمون على الحفل بإتاحة الفرصة لي للحديث أمام هذا الجمع المبارك، وبالطبع قبلت هذا العرض، ولم يكن لي أن أفوت فرصة مثل هذه لانتهازها لتقديم الشكر أولاً بعد شكر الله والتهنئة ثانياً ثم للحديث عن جانب آخر مشترك، وكما يقول الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها
فعقبى كل خافقة سكون
لقد سعدنا بتلقي نبأ قرار مجلس إدارة شركة المراعي، استمراراً لالتزامها بالمحافظة على الموارد الطبيعية، بتكليف الإدارة التنفيذية في الشركة لوضع خطة عمل لاستيراد احيتاجات الشركة من الأعلاف كافة من خارج المملكة، وهو قرار يحسب للشركة لكونها مبادرة ذاتية تأتي منها دون مطلب رسمي ملزم بذلك، وهو استمرار لالتزام الشركة باستيراد حاجتها من الأعلاف المستخدمة في إنتاج الألبان التي تُصدر إلى الخارج، الذي حققته الشركة مشكورة ومأجورة -إن شاء الله- قبل أوانه بفارق زمني كبير. إن ذلك كله دل دلالة واضحة على الحس الوطني المرهف لدى مجلس الإدارة وعلى رأسها سمو رئيسها رغم أن ذلك سيكون على حساب العائد المالي مقارنة بزراعة الأعلاف محلياً.
أصحاب السمو.. أيها الحفل الكريم:
إن تجربتي الشخصية المباشرة وغير المباشرة مع خطط العمل دون تحديد سقف زمني لإنفاذها يؤدي حتماً إلى أن يستغرق ذلك أمداً طويلاً، ونحن في واقع الحال في سباق مع الزمن لتدارك ما يمكن تداركه من ثروتنا المائية غير المتجددة قبل نفادها على محاصيل زراعية يتوفر لها البديل وعلى رأس القائمة زراعة الأعلاف، ولكي أضع النقاط على الحروف للدلالة على أهمية عامل الزمن أعطي بعض المعلومات الرقمية لحجم الاستهلاك من المياه في هذه المنطقة، منطقة حائل، على سبيل المثال لا الحصر.
تستهلك منطقة حائل في الوقت الحاضر لإنتاج محاصيلها الزراعية قرابة بليونين وثلاثمائة مليون متر مكعب سنوياً، وللأعلاف وحدها بليون وأربعمائة مليون متر مكعب سنوياً، إذا قارنا ذلك باستهلاك المنطقة لمياه الشرب وهو (اثنان وثلاثون مليون متر مكعب سنوياً) لوجدنا أن ما تستهلكه المنطقة زراعياً في السنة الواحدة يعادل الاستهلاك السنوي لسبعين سنة وللأعلاف وحدها ما يعادل (خمساً وأربعين) سنة أو بمقال آخر ما سبق أن استهلكنا في السنوات الخمس عشرة الأخيرة فقط يعادل استهلاك المنطقة من مياه الشرب بمستواه الحالي لألف سنة، وما استهلك لزراعة الأعلاف في الفترة نفسها يعادل الاستهلاك المنزلي لقرابة سبعمائة عام .. أكرر أن ما استهلك في السنوات الخمسة عشرة الماضية زراعياً يعادل الاستهلاك المنزلي السنوي الحالي لألف سنة، وما استهلك لزراعة الأعلاف يعادل الاستهلاك المنزلي لسبعمائة سنة، كل هذا ونحن نتحدث عن خمس عشرة سنة فقط ولا نتحدث عن الماضي كله أو ما سيستهلك مستقبلاً. وأصدق هذا الجمع الكريم القول إنني لو لم أكن مطلعاً عن قرب على هذه الأرقام المفزعة ومتحققاً من دقة مصادرها لظننتها من نسيج الخيال، ولكنها الحقيقة.
إن الاستمرار على هذا المعدل من الاستهلاك لمياه أحفورية غير متجددة ونافدة لا يعني فقط عدم إمكانية استمرارية النشاط الزراعي في هذه المنطقة وغيرها من المناطق وظروفها متشابهة، بل يعني تهديداً مباشراً وصارخاً لأهم مقومات المنطقة ونمائها ألا وهو الماء للقطاع السكني، ولأن صناعة الألبان مستهلك مباشر ورئيس لهذه المياه عند زراعة الأعلاف محلياً وبمعدل 500 لتر ماء لكل لتر حليب، ولأن صناعة الألبان الطازجة تنمو بمعدل يتجاوز 10% سنوياً، فإن ما سينتج من الألبان ستقفز كميته من خمسة ملايين لتر يومياً إلى عشرة ملايين في أقل من سبع سنوات وإلى خمسة عشر مليون لتر يومياً في أقل من اثنتي عشرة سنة، وستتضاعف حاجة إنتاج هذا الكم من الأعلاف والماء بالنسبة نفسها.
ولذا فإن عامل الزمن هو من الأهمية بمكان ومنه تأتي أهمية قرار شركة المراعي، وهي المنتج الأكبر للألبان في المملكة، بإيقاف زراعة الأعلاف محلياً بالكامل في أسرع وقت، ولقد عودتنا شركة المراعي الريادة في كثير من الأمور، وأرجو أن يكون قرارها بإيقاف زراعة الأعلاف خلال فترة قصيرة وعاجلاً غير آجل دافعاً للشركات الزراعية الأخرى لتحذو حذوها.
أصحاب السمو .. أيها الحفل الكريم:
الحديث في هذا الجانب حديث ذو شجون وهو جانب لا يعلم ما يسببه من قلق وأرق إلا الله وحده، لذا أستميحكم جميعاً العذر في إقحام هذا الجانب ضمن مناسبة احتفالية بهيجة كهذه، ولكنها فرصة لم يكن لي كما أشرت آنفاً أن أفوتها دون تعليق.
ختاماً أود أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لأمير هذه المنطقة المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن على دعمه المتواصل قولاً وعملاً لمساعي الوزارة للمحافظة على هذا المصدر والتعريف بمغبة تبذيره .. وأكرر شكري لصاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير وشركة المراعي على دعوتهم، سائلاً المولى عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل عاقبة أمرنا رشداً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،