ذهب إلى هناك بعيداً، وفي رأسه ألف فكرة وفكرة ربما لم يخطر بباله أبداً أنه قد وصل إلى محطته الأخيرة، وأنه لن يعود منها هذه المرة إلا بخبر وفاته معه رحمه الله.
كان ذلك يوم الأربعاء 28-3-1435هـ الموافق 29-1-2014م.
انه مصطفى صبحي شقير أحد الزملاء الطموحين الأذكياء، تقاعد مبكراً لظروف خاصة، لكنه وتبعاً لطبيعته النشطة وروحه الوثابة منذ أن كان طالباً لم يستكن للدعة والاسترخاء كغيره ممن تركتهم الوظيفة أو تركوها لسبب أو لآخر.
لم يفرط في وقت أو يضيع فرصة بعد أن تقاعد، فقد وجد في التجارة لعبته التي أحسن الظن بقدرته على النجاح فيها، فكان عند حسن ظنه بها.
فقام بالاشتراك مع اثنين من زملائه المتقاعدين بفتح مؤسسة تحت اسم (عسيب) كانت البداية جريئة وهي انشاء مصنع في ايطاليا لإنتاج أنواع من الدهانات المنزلية المختلفة التي عرفوا بها فيما بعد في السوق المحلية بالرياض وغيرها.
وما هي سوى جولات وجولات وبضع سنوات حتى وجد نفسه ومن كانوا قد أدلوا بدلوهم معه كشركاء يحققون النجاح تلو النجاح فيما اختاروه من نشاط تميزوا به من بين المنافسين الآخرين في هذا المجال، الأمر الذي جعلهم يفكرون في إنشاء مصنع آخر داخل المملكة بعد أن استعادوا المصنع السابق من ايطاليا ليكون تحت نظرهم وبين أيديهم.
كنت قد ذهبت لزيارته في مكتبه لأهدي له آخر كتاب صدر لي (مواقف لا تنسى)، لكنني للأسف الشديد لم أجده حيث علمت من زميل آخر في المكتب أنه قد سافر خارج المملكة برفقة بعض الأصدقاء للتنزه وللتوقيع مع احدى الشركات في احدى الدول الأوروبية لإنشاء مصنع داخل المملكة لإنتاج مادة البروفايل (بضاعتهم) بعد أن ازداد الطلب عليها من قبل عملائهم داخل المملكة وخارجها.
وهناك وبينما كان يستعد للعودة إلى ارض الوطن بعد أن أنهى مهمته التي جاء من أجلها، وكله تفاؤل وأمل بالمستقبل، إذ بمشيئة الله وإرادته سبحانه وتعالى وهي الإرادة التي لا ترد أن يسدل الستار هناك على آخر فصل في حياته بوفاته - رحمه الله رحمة واسعة وألهم ذويه الصبر والسلوان، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).