انطلاقاً من القاعدة التي تقول إن المقدمات المتشابهة تؤدي إلى نتائج متشابهة، ووسط الظروف المتقاربة بين الواقعين السعودي والبريطاني، من قلة المعروض قياساً إلى الطلب، والتدفق السكاني على البلدين للأجواء الاستثمارية المحفزة والأجواء السياسية الآمنة، هل يدفع المواطن السعودي ثمن ذلك سنوات إضافية حتى يحصل على منزل على الرغم من الإجراءات التحفيزية للسوق التي تقدمها الحكومة السعودية، إذ إن نظيرته البريطانية سبقتها إليها، من دون أن يجعل ذلك المسكن في متناول الموطن، وسط اشتعال الأسعار في العاصمة البريطانية؟
ارتفاع قياسي
ارتفعت أسعار المنازل في بريطانيا في أسرع معدل لها في أكثر من أربع سنوات في ديسمبر بنسبة 1.4 % وكانت أعلى 8.4 % في العام على أساس سنوي، وفقا لأحدث البيانات من بناء المجتمع على الصعيد الوطني ومقرها المملكة المتحدة. ويقود هذا الاتجاه ارتفاع أسعار المنازل في لندن بعد أن صعدت 14.9 % على أساس سنوي عن ذروتها في عام 2007، وذلك حسب كبير الاقتصاديين في نايشون وايد روبرت جاردنر، ووصل سعر المنزل العادي في لندن إلى 345،186 جنيه استرليني أو ما يعادل 567 ألف دولار. ويراقب المحللون عن كثب عودة النمو الاقتصادي الواضح في جميع أنحاء المملكة المتحدة وكانوا قد حذروا لبعض الوقت أن سوق الإسكان المزدهر في البلاد يأتي من تحريض من خطط الحكومة لزيادة قروض الرهن العقاري، وبذلك يحفز ارتفاع أسعار المنازل ولكن ما يدعم الأسعار هو أنه لا يزال المعروض من المساكن منخفض أيضا. وإزاء تحذيرات من حصول انهيار وشيك في سوق الإسكان دفع ذلك بنك إنجلترا لإنهاء خطة لدعم الإقراض العقاري الذي يطلق عليه «تمويل الإقراض» خلال الفترة من يناير فصاعدا وذلك في محاولة مماثلة لتلك التي شوهدت في المملكة المتحدة بعد وقوع الأزمة المالية في 2007 لتبرد شيئا من سوق الإسكان ولكن أحدث البيانات والمسوحات تظهر باستمرار ارتفاع ملحوظ مصلحة المشتري وتعزيز النشاط سوق الإسكان رغم إنهاء الدعم من بنك انكلترا. وقال هوارد آرتشر، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة وأوروبا في إي إتش إس جلوبال إنسايت: حتى أسعار المنازل تبدو مجموعة لرؤية زيادات قوية بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة على الرغم من أن بنك إنجلترا ينتهي الآن من تمويل الإقراض ودعم الإقراض العقاري. وقال إيضا هناك توقعات بأن تنمو أسعار المساكن 8 % هذا العام 2014 مع مزيد من المكاسب في جميع أنحاء البلاد، وقال ان هناك «احتمالا حقيقيا جدا ويمكن أن تكون توقعات متحفظة» على الجزء الخلفي من المساكن محدودة والزيادة المتوقعة في مصلحة المشتري بسبب إلى إطلاق الحكومة «مساعدة لشراء» خطة ضمان الرهن العقاري مشاركة في أكتوبر الماضي.
ومع التحسن الذي شهدته الأسواق يضطر المشتري إلى دفع أسعار عالية من أجل ضمان عقار، وبنسبة لم نشهدها منذ عقد من الزمن، وذلك بحسب تقرير صدر عن شركة هومتراك المعنية بالميدان العمراني في بريطانيا.
وتعززت أخيراً مخاوف أسواق العقار في بريطانيا بعد بروز أدلة جديدة على احتمال فقاعة نتيجة تفوق الطلب على العرض في ذلك البلد.
ومع التحسن الذي شهدته الأسواق يضطر المشتري إلى دفع أسعار عالية من أجل ضمان عقار، وبنسبة لم نشهدها منذ عقد من الزمن، وذلك بحسب تقرير صدر عن شركة هومتراك المعنية بالميدان العمراني في بريطانيا، وفي العاصمة لندن يدفع المشتري أكثر من 99 في المئة من السعر المطلوب نتيجة الطلب المتزايد من جانب المستثمرين الأجانب والمشترين المحليين.
التجربة السعودية
ومع التشابه الكبير بين الأزمتين البريطانية والسعودية في السوق العقارية، إلى مدى يسعنا القول إن المملكة على موعد مع سنوات عديدة من فقاعة العقار القائمة لديها؟ يقول الكاتب خالد البورادي: «في بداية عام 2011 كان جميع من في السوق العقاري مؤمنين بأن أسعار العقار ستستمر في الارتفاع ولن تتوقف ولن تعود إلى الوراء ولكن في نهاية نفس السنة حدث تغير جذري في توقعات الناس والمتداولين، أصبح الانطباع العام بأن الأسعار مبالغ فيها وأنها على وشك الانهيار. وبناء على تغير الانطباع العام حدث ركود كبير في تداولات العقار في عام 2012 وانخفضت أسعار الأراضي في الأطراف وأراضي المنح أما الأراضي القريبة فتماسكت.. في بداية عام 2013 عادت الحركة للسوق العقاري وارتفعت الأسعار في الأماكن المرغوبة ولكن سرعان ما عاد الركود بعد مقابلة معالي وزير الإسكان والتي صرح فيها بأن توجه الدولة خفض أسعار العقار وأنه سوف يتم فرض رسوم على الأراضي البيضاء وسيتم إجبار ملاّكها إما بالتطوير أو بالبيع. والسؤال هنا، لماذا لم تنفجر فقاعة العقار مع أن الأسعار وبحسب جميع التقارير المالية أصبحت مبالغاً فيها وخارج نطاق قدرة المواطن؟»
ويجيب البوادي: «للإجابة على هذا السؤال نلخص هذه الأسباب فيما يلي:
- سوق غير منظم لذلك كان الاحتكار والتلاعب في المزادات سيد الموقف في ثبات الأسعار.
- سوء إدارة ملف الإسكان من قِبل وزارة الإسكان وتأخرهم في وضع حلول.
- الموافقة على تملك الجالية العربية لمسكن، فعندما ارتفعت الإيجارات أقبل الإخوة من الجالية العربية من ذوي الدخل المرتفع على شراء وحدات سكنية.
- دخول مستثمرين خليجيين من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وخصوصاً بعد الأزمة المالية، فقد وجدوا ضالتهم في السوق السعودي، سوق غير منظم ومحتكر، وبدل أن يضع أمواله في مرابحة أو وديعة تعود عليه بربح لا يزيد على واحد بالمائة، يشتري في السوق السعودي وبعد سنة يبيع بربح عشرين في المائة.
- زيادة مبلغ القرض العقاري والتي زادت السيولة في السوق، وهو قرار ارتجالي كان المقصود منه مساعدة الناس على تملك مسكن ولكنه زاد المشكلة سوءاً.
- ولادة مليارديرية ومليونيرية جدد في السوق السعودي، فبعد وفاة بعض الأثرياء رحمهم الله، تولّد من هذه الوفاة والورث ما لا يقل عن 300 مليونير وملياردير سعودي، وقد كان العقار هو أفضل استثمار ومستودع للثروة لهؤلاء الأثرياء الجدد للمحافظة على ثرواتهم.
ويؤكد البواردي: «بموجب إستراتيجية الإسكان لن يكون هناك حل لمشكلة الإسكان بدون كسر الاحتكار وانفجار فقاعة العقار».