كلنا يذكر جيداً تلك الكلمات الضافيات، التي وجهها خادم الحرمين الشريفين، الملك الصالح، عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، يحفظه الله ويرعاه، مخاطباً الأمة، يوم تدافعنا من كل حدب وصوب نبايعه على كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ملكاً هماماً على البلاد، وخادماً أميناً للمقدسات، وقيِّماً حريصاً على مصالح العباد.. كنّا يومئذ فرحين، بل إن الفرحة لم تكن تسعنا من شدَّتها، مع أننا كنَّا قد ودَّعنا بالأمس القريب قائداً فذاً، وقامة شامخة، وأسداً هصوراً، وبطلاً هماماً، أفنى حياته كلها في خدمة هذا الوطن الغالي، والسعي الدؤوب لتحقيق رفاه شعبه، فحقق له منجزات أشبه بالمعجزات، ولما بلغ الكتاب أجله، تسلم الراية بنفس راضية مطمئنة، أخوه الصادق الوفي، الرجل الصالح، عبدالله بن عبدالعزيز، في ظروف شديدة التعقيد، إذ ثمة عوامل عدة من حولنا، كانت تحاول جاهدة، إهدار تميزنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
أقول: كلنا ما زال يذكر ذلك الخطاب الضافي، الذي وجهه إلينا خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يوم ودَّعنا سلفه الفهد، الذي حفر اسمه عميقاً في ذاكرة كل سعودي وسعودية، بل كل عربي ومسلم في مشارق الأرض ومغاربها، ودَّعناه بالدعاء والابتهال إلى الواحد المتعال، أن يغفر له ويرحمه، ويجزل له الأجر والمثوبة على رعايته الكريمة، لشؤوننا، وسهره الدائم على راحتنا، وكل ما حققه لنا ولبلادنا من خير وإنجازات عملاقة، سوف تظل بيننا إلى الأبد، شاهدة على صدق نيَّته، وصفاء قلبه، وسلامة طويته وحسن صنيعه، ثم بايعنا خلفه، الرجل الصالح عبدالله بن عبدالعزيز، لقيادة مسيرة الخير القاصدة، بذلك الفرح المشهود في اليوم ذاته، لأننا أمة شديدة الإيمان بربها، واثقة من نفسها، وحريصة على تحمل مسؤوليتها تجاه رسالتها، ولهذا تعلمت الأمة السعودية كيف تقوى على تجديد أفراحها يوم أتراحها؛ كما سبقني إلى تجسيد هذا المعنى العميق في ذاكرتنا، صاحب السمو الملكي، أخي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز، في رثائه لنايف النايف، طيّب الله ثراه، في مرثية موجزة، غير أنني أجدها شديدة البلاغة وعميقة الدلالة، إذ يقول:
وأنا أحمد الله لا جازع ولا خايف
هذا الوطن في عزاه يجدد أعياده
ليس هذا فحسب، بل إن معظمنا، إن لم يكن كلنا، لا يزال يحفظ تلك الفقرة المضيئة في خطاب خادم الحرمين الشريفين يوم بايعناه في الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام 1426هـ، الموافق الثالث من أغسطس عام 2005م، أي قبل تسع سنوات تامات: (... أعاهد الله ثم أعاهدكم، أن أتخذ القرآن دستوراً، والإسلام منهجاً، وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق، وإرساء العدل، وخدمة المواطنين كافة، بلا تفرقة، ثم أتوجه إليكم طالباً أن تشدوا أزري، وأن تعينوني على حمل الأمانة، وألا تبخلوا عليَّ بالنصح والدعاء). بل إن تلك الفقرة المضيئة التي تشكل الأساس المتين لمنهج قادتنا الكرام، لا تزال حتى اليوم، تزين جدران مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا ومؤسساتنا، اعترافاً وعرفاناً واستجابة لتلك المناشدة الكريمة، وقبل هذا وذاك، عهداً مسؤولاً في الأعناق.
ومن يتأمل ذلك الخطاب الضافي، ويجيد قراءة ما جاء بين سطوره بعين فاحصة ونظرة محايدة، يدرك جيداً أن الرجل كان يعي تماماً حجم المسؤولية العظيمة التي ألقيت على عاتقه، لاسيّما أنه كان شريكاً أصيلاً لعقود في حمل الأمانة ومعالجة تلك التحديات الجسيمة التي أطلت برأسها محلياً وإقليمياً وعالمياً في الفترة الأخيرة.
ولا غرو، فقد اكتسب قائد سفيتنا وحادي ركبنا اليوم، شأنه شأن بقية إخوته الكرام البررة، كثيراً من صفات والده، القائد المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيّب الله ثراه؛ ولم يكن الأمر صدفة محضة، إذ كان عبدالعزيز يدرك تماماً حجم التحديات والصعاب التي يمكن أن تواجه دولته التي أفنى حياته كلها من أجل تأسيسها وترسيخها وتثبيت دعائمها، وما يمكن أن يعتري شعبه من صعاب مستقبلاً، وما يترتب على ذلك من تحد للرسالة السامية التي نذرت عائلته المالكة الكريمة نفسها من أجل خدمتها، بمؤازرة أهل بلاده ودعمهم وتحملهم للمسؤولية، لاسيما أنه شهد ملابسات أفول نجم الدولة السعودية الثانية، التي أسسها جدَّه الإمام تركي بن عبدالله، صاحب السيف الأجرب.
ولهذا، عمل عبدالعزيز بجد وتفان منقطعي النظير، لتأهيل أبنائه وتهيئتهم لحمل الأمانة، واستمرار الرسالة الخالدة على الوجه الذي حدده، والدستور الذي وضعه، خدمة للعقيدة، وعناية بالمقدسات، وتعزيزاً للوحدة الوطنية، ورعاية لكل أبناء هذا الشعب الوفي النبيل، من أدنى البلاد إلى أقصاها، ودفاعاً عن الحق العربي، وتوثيقاً لعرى المحبة والتآلف والتآزر بين المسلمين، ومساهمة في خير الناس أجمعين، قريبين وبعيدين.
وقد صوّر بولس سلامة، شاعر ملحمة عيد الرياض، هذا الفهم في فكر المؤسس، تصويراً بليغاً إذ يقول:
منشأً وُلْدَهُ على خشية الله
عالماً أنه يربي ملوكاً
فعل رب البستان قام على
يدرأ الطير والسوائم عنه
نابذاً كل شوكة تثقل الغصن
ساقياً هذه الغرائس من
منبع الجود والبشاشة، وهو
منبع البأس والشجاعة
***
وخلق كصفحة الهندواني
لغد واسع جليل الأماني
الغرس فأضلاعه عليه حوان
وينقِّي براعم الأغصان
وتؤذي عند القطاف الجاني
ماء نمير جرى به منبعان
القطب في جمع كلمة العربان
فالأخلاق فرع وأصلها هذان
أقول: لم يتحقق الاستمرار لرسالة بيت عبدالعزيز بالصدفة المحضة، بل جاء ثمرة جهد مضن، وعمل دؤوب، ونية صادقة، ورأي سديد، وعزيمة ماضية، وقراءة سليمة لحركة التاريخ.. لا أقول هذا ادعاءً، أو تحيزاً لهذا الشعب الوفي النبيل، الذي أعتز بانتمائي إليه، وأرى أن هذا من أعظم نعم الله علينا جميعاً وهي كثيرة، بل هو قول يؤكده الواقع، فمنذ أن أسس عبدالعزيز دولتنا الفتية هذه، وحتى اليوم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، سيظل السعوديون يحققون إنجازاً جديداً مدهشاً مع بزوغ كل فجر جديد، يضيفونه للبناء الراسخ الذي شيده عبدالعزيز، لينعموا بحياة هانئة، هادئة، آمنة ومطمئنة.
ولهذا، سوف نظل نردد كلنا، كما أكدت من قبل مراراً، إن كل ما ننعم به من خير، ونتقلب فيه من نعيم، هو من فضل الله سبحانه وتعالى، المنعم الوهاب، ثم بجهد عبدالعزيز من بعد، وصدق نيته، وحسن توكله على خالقه، وثقته في عونه.. انظروا إلى دول كثيرة حولنا، كانت ملء سمع الدنيا وبصرها قبل أن يؤسس عبدالعزيز دولته، تجدونها اليوم لا تزال تراوح مكانها، غارقة في وحل الخلافات والنزاعات، بل والحروب الأهلية بسبب أنانية القائمين على شؤونها وعدم مبالاتهم بمصلحة شعوبهم وحياة الأجيال اللاحقة، أو حتى بمكانة بلادهم في خارطة العالم، الأمر الذي يؤكد مقولة عبدالعزيز الشهيرة: (... إننا، آل سعود، لسنا ملوكاً، ولكننا أصحاب رسالة). وإلا لما أتعب البطل نفسه في تأمين الضوابط والأسس الراسخة التي تضمن استمرار هذه الرسالة التي نعتز بها كلنا نحن السعوديين في هذا البلد الطيب المبارك، وهي نعمة عظيمة، بل أعظم نعمة، وخاصية فريدة، كما يؤكد دائماً سيدي سمو ولي العهد الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، اختص بها الحق سبحانه وتعالى بلادنا، فجعل فيها بيته العتيق ومثوى نبيه صلى الله عليه وسلم. الأمر الذي رتب علينا مسؤولية عظيمة للقيام بالواجب الذي ائتمنا عليه على أكمل وجه.
والحقيقة، لم يكن قصدي اليوم من مقالي هذا، إحصاء إنجازات خادم الحرمين الشريفين، عبدالله بن عبدالعزيز، كما يحلو له أن نناديه، هكذا دونما ألقاب أو تبجيل، بل يحضنا على ذلك ويطلبه إلينا بشدة، والدلائل على هذا كثيرة، غير أنني أكتفي هنا بحكاية أجدها جد مؤكدة ومعبرة ومؤثرة في الوقت نفسه، مع أنها قد تبدو للوهلة الأولى عادية، أذكر أنني قرأتها في مقال للدكتورة حسناء القنيعير في كتاب الرياض الذي أصدرته مؤسسة اليمامة الصحفية بمناسبة مرور عام على توليه الحكم، عندما التقته مع زميلات أخريات عقب انتهاء جلسة الحوار الوطني الرابع، في أول لقاء تحظى فيه المرأة بحقها في الجلوس مع حضرة الملك في بلادنا لمناقشة قضايا الوطن، وأثارت الدكتورة حسناء في ذلك اللقاء، موضوع ندرة الوظائف الأكاديمية النسائية في الجامعات، إذ تقول: (أذكر أني قلت له - يعني الملك- لقد ناقشنا هذا الأمر في الحوار، فقال: هل وضعتموه ضمن التوصيات؟ فلما أجبت بنعم، قال حرفياً: «اتصلي بفيصل -يعني فيصل بن معمر رئيس مركز الحوار الوطني- وقولي له يقول لك عبدالله - هكذا- ضع هذه التوصية في رأس التوصيات»). ولا شك أن في هذه الحكاية دلالات كثيرة وعميقة عن شخصية هذا القائد الفذ، أترك تحليلها لفطنة القارئ الكريم.
أقول: لم يكن القصد هنا كشف حساب بإنجازات عبدالله بن عبدالعزيز، فهي أكثر من أن يحصيها الواحد منّا في مقال سريع كهذا. ولا شك أننا كلنا نعرفها كما نعرف أبناءنا، لأن خيرها عمّ الجميع في هذه البلاد المباركة، من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، في الحضر والبادية، وحيثما كان هناك واحد منا يستظل بسمائنا على أرضنا الطاهرة.
وعلى كل حال، فقد سبقنا كلنا سيدي سمو ولي العهد الأمين الأمير سلمان، يحفظه الله ويرعاه، حينما عبر عن ذلك بكلمات معدودات بليغات ومعبرات، كعادته دائماً، إذ يقول: (لقد تحولت بلادنا في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، إلى ورشة عملاقة للعمل والإنجاز). فليتأمل كل واحد منّا أينما كان مسكنه، هذه الحركة الدؤوبة صباح مساء في مشروعات كثيرة، في المجالات كافة، تنفذها الدولة رعاها الله، بقيادة خادم الحرمين الشريفين ودعم سمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد يحفظهم الله، ترسيخاً للبناء، وراحة للمواطن، ورخاء له، وأداء للأمانة، ومواصلة لمسيرة عبدالعزيز الخيرة القاصدة. فما يحدث في بلادنا اليوم من تنمية وتطور وعمران، أدهش العالم كله، لاسيما أولئك الذين وقفوا حائرين، يوم رحيل المؤسس، طيب الله ثراه، مشككين في قدرة الدولة على الصمود، على النهج ذاته، وبالقوة الدافعة نفسها.
وصحيح.. أصاب أولئك عندما كانوا يؤكدون دوماً أن عبدالعزيز كان بطلاً عبقرياً، بل أمة لوحده، أنشأ دولة من العدم، وثبَّت أركانها، ورسَّخ بنيانها، في ظروف حاسمة. لكنهم أخطأوا في الوقت ذاته، إذ فات عليهم أن يدركوا ما قاله بولس سلامة، من أن عبدالعزيز كان يهيئ أبناءه، ويعد شعبه لمواصلة المسيرة القاصدة في الوقت نفسه الذي كان يؤسس فيه دولته ويعلي بنيانها، لأنه كان رجلاً صالحاً شديد الإيمان، يدرك جيداً أن الخلود لله وحده سبحانه وتعالى، وكانت نيته خالصة في حمل تلك الرسالة العظيمة، إذ كان يعمل من أجل عزتنا وكرامتنا وراحتنا وقوتنا وخير البشرية كلها، ولهذا كانت حياته متقشفة، بل كان أحياناً يقسو على نفسه، وقد أكد كل من تناول سيرته أنه كان يأكل مما يأكل أبناء شعبه، ويلبس مما يلبسون، وينام حيث ينامون، ومع ذلك يعمل أكثر مما يعملون، ويعجبني كثيراً ما قاله أمين الريحاني في كتابه «ملوك العرب» واصفاً حياة عبدالعزيز: (.. أين أبهة الملك وفخفخة السلطنة؟ إنك لا تجدها في نجد وسلطانها. وإن أول ما يملكك منه ابتسامة هي مغنطيس القلوب. لست أدري كيف حييته وأنا في دهشة وابتهاج من تلك المفاجأة الكبيرة. ولكني أذكر أنه حياني باسماً بالسلام عليكم، وظل قابضاً على يدي حتى دخلنا الخيمة، فجلس والكور إلى يمينه يستند إليه، والنار قبالته تنير وجهه. ثم عرَّفني بمن كان في معيته...).
تلك هي البيئة التي تربى فيها أبناء عبدالعزيز لمواصلة مسيرة المؤسس، ولهذا لا أحد ممن عرف تاريخنا، يستغرب هذا الكم الهائل المدهش من الإنجازات المتراكمة على مر العهود عبر عقود عدة، فلنعد بالذاكرة إلى أيام التأسيس، يوم كان آباؤنا وأجدادنا يرون في الدراجة الهوائية «حصان إبليس» وحرَّم بعضهم كرة القدم والزي العسكري ومدارس البنات، وحاربوا كل وسيلة من الراديو إلى التلغراف والتلفاز وحتى السيارة. وقارنوا ذلك كله بما وصلنا إليه اليوم، حيث تتربع بلادنا في قلب العالم وبصره.
قلت: لم أقصد إحصاء إنجازات عبدالله بن عبدالعزيز لوطنه وشعبه، ولهذا أكتفي فقط بإشارة سريعة لما حدث من تطور مذهل في ثورة التعليم العالي، لأن العلم هو سدرة كل شيء ولحمته، فهو وحده الذي يحقق الانتقال إلى اقتصاد المعرفة الذي ينشده لنا قائدنا المفدّى، إذ لا تقدم إلا بالتعليم، وتظل المعرفة دائماً هي القوة الحقيقية لأي بلد، كما أكد الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد السيف، نائب وزير التعليم العالي، أثناء افتتاح ورشة «استقطاب الكفاءات المتميزة للعمل في الجامعات والكليات الأهلية» التي عقدت ضمن فعليات المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي، يوم الخميس 17-6-1435هـ، الموافق 17-4-2014م، بمركز معارض الرياض، فقد بلغ عدد الجامعات الحكومية حتى اليوم 28 جامعة، بمعدل جامعة أو أكثر في كل منطقة من مناطق بلادنا، ودخل التعليم العالي كل بيوتنا دون استثناء، وسافر أكثر من مائة وخمسين ألفاً من أبنائنا وبناتنا إلى 37 دولة في العالم، ينشدون العلم، وأكتفي هنا فقط بما أكده وزير التعليم العالي، الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري، يوم الثلاثاء 15-6-1435هـ، الموافق 15-4-2014م، في حديثه الصحفي إثر افتتاحه فعاليات المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، إذ أكد أن عدد الملتحقين بالتعليم العالي تجاوز المليون والثلاثمائة ألف، 55% منهم إناثاً.
أقول: مهما قيل عن إنجازات هذا الرجل الصالح والقائد الفذ لوطنه وشعبه وللإنسانية كلها، يظل الإنسان عاجزاً عن التعبير عما تجيش به نفسه من تقدير واحترام وامتنان لحسن صنيعه وصدقه وإخلاصه وجهده الدؤوب من أجل خيرنا. ليس هذا فحسب، بل إن الرجل بلغ درجة من شدة الاهتمام والصدق والإخلاص، مكَّنته من قراءة طموحاتنا وآمالنا، فيفاجئنا دائماً بتحقيقها بمجرد الإفصاح عنها، حتى قبل أن نطلب إليه ذلك مباشرة. وأورد هنا مثالاً واحداً لتأكيد ما أقول: أذكر أنني كنت أقلب صفحات النشرة الأسبوعية التي تصدرها جامعة الملك خالد «آفاق الجامعة» العدد الصادر في 8-5-1435هـ، الموافق 9-3-2014م، وجاء أول مانشيت عريض في الصفحة الأولى: (مدير الجامعة: نتطلع إلى جامعة مستقلة في بيشة قريباً). وما هي إلا أيام معدودات حتى طالعتنا صحفنا المحلية الصادرة يوم الخميس 3-6-1435هـ، الموافق 3-4-2014م، بمانشيتات في صفحاتها الأولى، تبشر الجميع بأمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء ثلاث جامعات جديدة في حفر الباطن وبيشة وجدة؛ ليبلغ عدد جامعاتنا «الحكومية» 28 جامعة كما أسلفت، فضلاً عن مثل هذا العدد أيضاً من الجامعات والكليات الأهلية.
أما عن اهتمام قادتنا بمساعدة البشرية والسعي من أجل أمنها وخيرها واستقرارها، فأكتفي فقط بالإشارة إلى ما حملته صحفنا الصادرة يوم الجمعة 11-6-1435هـ، الموافق 11-4-2014م، بالتأكيد على أننا أجرينا حتى تاريخه، 32 عملية فصل لتوائم سياميين من مختلف أنحاء العالم على نفقة خادم الحرمين الشريفين، بصرف النظر عن اختلاف العرق والعقيدة أو حتى الاختلافات السياسية.
فالحمد لله سبحانه وتعالى أن منّ علينا بخير غزير، ظل يتدفق بغزارة، منذ أن نادى منادينا، فجر الخامس من شوال عام 1319هـ، الموفق 15-1-1902م، أن الحكم لله ثم لعبدالعزيز آل سعود.
ولنشكره سبحانه على هذا التلاحم والتآلف والتآخي بيننا وبين قيادتنا الرشيدة، وليكن كل واحد منَّا من موقعه أيًّا كان، جندياً باسلاً لخدمة هذا الوطن الغالي، الذي دفع آباؤنا وأجدادنا بقيادة المؤسس دماءهم الغالية وأرواحهم الزكية ثمناً لتأسيسه وترسيخ دعائمه، ولنفعل نحن، لا أقول مثلما فعلوا، بل فوق ما فعلوا كما أكد المؤسس لأمين الريحاني، حتى تنعم أجيالنا اللاحقة بكل ما نحلم لهم به من خير ورفاه واستقرار.
وهكذا تتصل مسيرة الخير القاصدة، وتبقى بلادنا إلى الأبد علماً فوق الأمم.. وكل عام وقيادتنا بخير، وبلادنا في عز وأمان، والجميع في أمن وسلام.