عن مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام صدر كتاب (وجوه وأمكنة .. بوح المكان .. وشاية الملامح) تأليف الدكتور فهد العرابي الحارثي. ويقول المؤلف في المقدمة: المشاهدات والشهادات في هذا الكتاب كُتبت في أوقات مختلفة ومتباعدة أحياناً..
أودعت هذه الصفحات بعض ما رأيت وشاهدت. ولقد شاهدت بطريقتي، ورويت بطريقتي .. كتبت عن أماكن وعن وجوه، أحسست أنها كلها حافلة بكلام وأفكار وصور وأحاسيس.. كتبت عن باريس ولندن والرياض وبروكسل وأمستردام وأدنبره، وغيرها، وكتبت عن الحي اللاتيني وشبابه المتوثب المتنوع، وعن حي سوهو وعجائزه الرشيقات المقبلات على الحياة.. كتبت عن مرتادي ليدسبلين في أمستردام.. وكتبت عن ساحة موبير والكلو شار والفاغابون..
أردت أن أدفعكم معي إلى استنطاق الأمكنة، وإلى إعادة اكتشاف الوجوه، فتكملون ما اعترضني من نقص، وتشدون ما انتابني من عجز، فالأمكنة تظل فضاءات حافلة بالروايات والأقاصيص والأعاجيب، والوجوه تبقى كتباً مفتوحة، تحتمل زخماً غير منتهٍ من القراءات، وليس لها بد من أن يكشف عن أسرارها كل أحد، أي كل بحسب حدسه وبصيرته وقدرته على اختراق الحجب، وكل بمقتضى ما يستقبل من الوجوه والأمكنة ذاتها من إلهام.
وتحت عنوان (الحي اللاتيني يفكر) يقول الدكتور الحارثي: الباريسيون، خاصة أهل الحي اللاتيني، يعتبرون أن نهر السين هو الفاصل بين الشاطئ الأيسر الذي فكر، وهو حيهم، والشاطئ الأيمن الذي (يصرف) وهو أحياء باريس الأخرى الغارقة في الترف والاستهلاك وبورجوازية التفكير والسلوك، في إشارة إلى صراع الطبقات أو اختلاف الانتماء المفاهيمي بين اللهاث من أجل تحسين الحياة، واللهاث من أجل تعميق الفوارق الطبقية، ودعم الانتهازية، وترسيخ قيم مجتمعات الندرة.