يشهد العالم اليوم قفزات تقنية تسابق الزمن، وأصبح الاعتماد على الأساليب والحلول التقنية بمثابة الركيزة الأساسية التي يتم من خلالها تنفيذ الإجراءات وتقديم الخدمات في كافة المجالات المختلفة. وفي مجال التعليم العالي، ساهمت التطورات التقنية الحديثة وبشكل رئيسي إلى تغيير معالم أسلوب التعليم الجامعي ليصبح متمركزا حول مفهوم توظيف التقنيات لغرض تعزيز ومساندة التجربة العلمية بأسلوب يتماشى وتطورات العصر.
فمن خلال دمج أساليب التقنية الحديثة مع أساليب التعليم التقليدية، ظهرت تقنية أنظمة إدارة التعلم والمحتوى التعليمي لتؤدي إلى حدوث نقلة نوعية في الآلية التي يتم من خلالها تقديم المادة العلمية للطالب الجامعي.
تزامن ذلك مع ظهور تقنيات الويب الحديثة والتي وفرت العديد من الأدوات الداعمة لمفهوم التعلم الحديث، مثل المدونات وأدوات التأليف التعاوني وتقنية التدوين الصوتي وخدمات المشاركة السحابية وغيرها من التقنيات المتاحة من خلال شبكة الويب.
كما ظهرت في الآونة الأخيرة تقنية المقررات الرقمية والتي ساهمت بشكل أساسي في تسخير الحلول التقنية لغرض إنشاء وتطوير المقررات بشكل حديث.
ومن جهة أخرى، تأتي أهمية اللغة العربية كونها تمثل هوية الطالب الجامعي ووعاء ثقافته، إضافة إلى كونها بمثابة بوابة المتعلم الرئيسية إلى العالم وأداة التفكير والتواصل الأساسية وحجر الأساس الذي تبنى عليه المعارف والمهارات المكتسبة.
ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحة بشأن تسخير الحلول لغرض دعم وتعزيز اللغة العربية من خلال تبني مشاريع الدمج ما بين الأساليب التقنية المتطورة المساندة للعملية التعليمية واللغة العربية كأساس للثقافة والهوية الوطنية. وفي هذا الإطار، تظهر جهود عدة من مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية لغرض توسيع دائرة الطالب الثقافية ودفعه إلى الإنجاز من خلال تطبيق الإستراتيجيات وتعزيز الجهود سعياً إلى إحداث نقلة في دعم اللغة العربية كعامل رئيسي في التجربة العلمية والبحثية وبشكل يواكب الخطوات العالمية في هذا المجال. نهدف من خلال هذه الورقة إلى عرض تجارب واتجاهات الجامعات السعودية في اعتماد الأساليب التقنية الحديثة لغرض دعم اللغة العربية بما يضمن المردود الإيجابي للتجربة العلمية.