كثيراً ما نتحدث عن جفاف وتصحّر المشاعر في مجتمعنا وأن ذلك يرجع ربما لمناخ المنطقة، للتربية، لثقافة المجتمع أو ربما للممنوعات التي نتجرّعها مع حليبنا منذ نعومة أظفارنا..
مجموعةً من التعليمات والأوامر لم نكن بتوافق معها.
فالناهية أرهقتنا كثيراً في طفولتنا، كل ما نحلم به في طفولة بريئة تقابل بتلك اللا المزعجة!! حرام كلمة نسمعها على الحلال والحرام!! فكبرنا والتبس علينا الكثير من الأمور!! عيب إيش يقولون الناس؟! هذي بحد ذاتها كتمت على أنفسنا فكبرنا ونحن لا نجيد عملية الشهيق والزفير!
كبرنا ونحن نخجل من أبسط الأحاديث رجالاً ونساءً، كبرنا ونحن لا نعرف الصح من الخطأ في بعض الأمور كبرنا بتربية مجتمع حجر علينا بين قضبان موروثات!!
كبرنا ونحن نخجل من الهمس بمشاعرنا، بما يجول في خواطرنا!
لا ألوم أهلنا وأجدادنا هم أيضاً تخرّجوا من مجتمع الأوامر الناهية والعيب وثقافة نظرة مجتمع!!
تقاليد تداولتها الأجيال ومع تغيّر البعض ولكنها موجودة تظهر في أكثر مواقع الحياة،
تغيّرت المجتمعات ودخلت التكنولوجيا فأصبحنا نسمع الأحاديث الرقيقة الناعمة من خلال مجتمعات أخرى بعرض الشاشات ودور السينما للأفلام والمسلسلات وأصبحنا (نعاير) بعضاً من جفافنا ذكوراً وإناثاً للأسف فتلك (أم ركبة) وذاك (أبو سروال وفنيلة!!) سيئة تلك الهجمة الشرسة على بعض والأسوأ تداولها فيما بيننا ونشرها بنطاق عالمي!
أصبحنا سخريه في كل مواقع التواصل الاجتماعي، نسخر من بعض فيسخرون من سخريتنا للأسف!!
لم أر شعوباً كما نحن عليه نهزأ من بعض ونقلّل من شأن بعض ومن أنفسنا ونفرح بتداول تلك المهزلة بيننا وعلى نطاقات أخرى وكأن الشعوب الأخرى شيء آخر ينعم بكل الإيجابيات!
السؤال هل نقيّم بعضنا باللبس والمظهر الخارجي؟!
الرجل السعودي أفضل بكثير من هؤلاء الرجال الذين أصبحوا حديث وهمسات لقاءات النساء بمجرد رؤيتهم بعمل درامي ومشاهد غزل وحب... أنتم ترون قصصاً تعرض على شاشات بسيناريوهات محبوكة...
هل يعقل أن الرجل بحكم لبسه للسروال والفنيلة اللبس التقليدي الذي نشأ عليه لا يحمل قلباً ينبض، إحساساً دافئا أليس لديه مشاعر! وهل هو لا يفهم معنى الرومانسية!
فكم من قلوب لرجال ترى القسوة تتلبسهم بحكم أنهم عاشوا في مناطق تعتبر صحراوية جافة ولكن يحملون قلوباً تنبض حباً وشاعرية ينافس بعض الرجال المرأة في رومانسيتها فهو من يجتهد في عمل أجواء رومانسية فتجدهم في محلات الورود يتفنون في عبارات الإهداء وبين قناني العطر يبحرون في رحلة البحث عما يرضي ذوقها.
بل يعمل الرجل على توفير أجواء مريحة للمرأة في البيت والبعض يتنازل عن وجبته الرئيسة فيشعل الشموع ويضع الورود ويبدع في صنع الهدايا ويحضر كل ما يلزم لنقلها من أجواء المسؤوليات إلى شاطئ من الراحة والهدوء والحنان.
بل رغم قسوة الصحراء إلا أن أكثر الشعراء جزالةً في الغزل والحب من السعودية يبحرون فيك في قوارب من الرومانسية فيبدعون وأكثر تفاعلاً هم الرجال!!
إذا رجال ينظمون الشعر الغزلي ورجال يتذوقونه رغم قسوة المنشأ!!
إذا أردنا أن ننظر لأمر علينا أن ننظر له بشمولية وأن ننصف في أطروحاتنا وأن نضع كلمة (البعض) في مقدمة أحاديثنا ليس كل الرجال قاسين جافين كما أن ليس كل النساء يجدن الرقة والأنوثة وتنبض قلوبهن حناناً ويبدعن في الحب!
حقيقة يجب أن نستوعبها وأن نحترم كينونة كل منا ونفتخر ونعتز أننا من مجتمع سعودي وأن لا ننظر للمجتمعات الأخرى بعين الرضا وننظر لمجتمعنا بعين السخط!!
كل مجتمع يختلف عن الثاني بعدة أمور علينا أن نستوعبها وننتمي لبعضنا أكثر، ألا يكفي تلك الهجمات الشرسة على مجتمعنا!