المدينة المنورة - علي الأحمدي:
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ينطلق مساء اليوم (الثلاثاء) في الجامعة الإسلامية المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب بعنوان (الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية). وبيَّن معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند أن المؤتمر يشارك فيه 29 باحثاً وباحثة من السعودية ومصر والجزائر والأردن والعراق والبحرين والمغرب وماليزيا، كما دُعي لحضور جلساته نخبة من المسؤولين والعلماء والمفكرين والإعلاميين. مشيراً إلى أن المؤتمر تلقّى 98 بحثاً، اجتاز التحكيم منها 29 بحثاً ستُلقى خلال جلسات المؤتمر.
ورفع الدكتور السند باسمه وباسم منسوبي الجامعة أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لمقام لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على موافقته الكريمة على تنظيم الجامعة لهذا المؤتمر، كما قدَّم الشكر لصاحب السموّ الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ولصاحب السموّ الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، على دعمهم المتواصل للجامعة.
وقال معاليه إن المؤتمر يأتي امتداداً لما تحظى به الجامعة الإسلامية من رعاية واهتمام من القيادة الرشيدة - أيّدها الله - وما تجده من دعم ومساندة ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة - حفظه الله - وحرص وعناية من معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري.
وأبان معاليه أن إقامة هذا المؤتمر تمثل إحدى صور جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب العالمي في ظل ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من اهتمام بالغ ودعم لمكافحة هذا الخطر العالميّ. مضيفاً بأن تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب أمنيًّا وفكرياً تُعتبر أنموذجاً عالمياً يقتدى به، سائلاً الله تعالى أن يبارك جهود خادم الحرمين الشريفين لما فيه خير وصلاح الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء.
وأشار الدكتور السند إلى أن المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة الإرهاب يحمل عنوان (مراجعات فكرية وحلول عملية)، ويهدف إلى بناء استراتيجية علمية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية للإرهاب من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بكل مراجعة فكرية أو جهد دعوي أو رؤية أو آلية جديدة معززة لإعادة المنحرفين، ودرء الخطر عن المستقيمين، وذلك بما يحقق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق.
وأضاف بأن المؤتمر يعالج القضايا المطروحة من خلال أربعة محاور، يحمل الأول منها عنوان (المراجعات الفكرية لقضايا شرعية)، أما المحور الثاني فيأتي تحت عنوان (تقويم جهود المعالجة الفكرية)، ويبحث المحور الثالث (مرئيات جديدة معززة لاستعادة المنحرفين)، ويناقش المحور الرابع (آليات جديدة معزّزة لدرء الخطر عن المستقيمين). مشيراً إلى أن الأبحاث في كل محور تحرص على استعراض مواطن القوة والضعف، وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بالقضية موضوع البحث.
من جانب آخر، تحدث عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة والمعالي عن المؤتمر وأهدافه.
الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني
وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني أن المملكة العربية السعودية كانت - وما زالت- في طليعة الدول التي تصدَّت للإرهاب داخلياً وخارجياً، وأنها واجهت الإرهاب الداخلي بحزم وحكمة مع الفئة التي ضلت من أبناء المجتمع، وتعاملت معها برؤية ورويّة تستهدف معالجة هذه الظاهرة من جذورها. مبيناً أن المملكة ركزت في مواجهتها للإرهاب على البُعد الفكري والبُعد الأمني عبر استراتيجية شاركت في تنفيذها كل مؤسسات الدولة ــ أمنية ودينية وتعليمية وتربوية وإعلامية وغيرها - وذلك لنشر الوعي بين أفراد المجتمع بمخاطر الإرهاب، وآثاره السلبية على الفرد والدولة، وكيفية مكافحته والتصدي له؛ ما أوجد وعياً مجتمعياً، أسهم في تلاحم الشعب مع القيادة للخلاص من هذا الخطر الذي هدَّد المجتمع بأسره.
وأضاف سمو وزير الحرس الوطني بأن الدولة استكملت جهودها الداخلية في مكافحة الإرهاب بصدور الأمر الملكي الكريم مؤخراً، وما تضمنه من مواد وقوانين واضحة للحد من انتشار هذه الممارسات الخاطئة وهذا الفكر الدخيل على مجتمعنا.
أما على المستوى الخارجي فقد كانت المملكة من أولى الدول الموقعة على معاهدة مكافحة الإرهاب بمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1421هـ / 2000م، كما أنها استضافت المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي شارك فيه أكثر من 50 دولة. مشيراً إلى أن المملكة واصلت جهودها في هذا الاتجاه، منطلقة من حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ على نشر ثقافة التسامح والتفاهم والتعاون والحوار بين أتباع الثقافات والحضارات المختلفة، للقضاء على أسباب العنف والكراهية التي تسهم في نشر الإرهاب ثقافة وسلوكاً.
واختتم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز تصريحه بالإشارة إلى أن هذه الجهود الكبيرة والرائدة والمتواصلة تنطلق من المنهج الإسلامي الصحيح الذي تسير عليه بلادنا منذ عهد جلالة الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ حتى عهدنا الحاضر.
الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض
تُعدّ المملكة من أولى الدول التي اتخذت موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي. وبما أن المملكة جزء من العالم فقد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية، تعددت أساليبه ومسالكه، وطال العديد من دول العالم كونه آفة خطيرة لا وطن له ولا دين، ولا يعرف جنساً ولا زمناً ولا مكاناً.
وبتوجيهات من مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني واهتمام ومتابعة من أخي سمو وزير الداخلية، وعلى سواعد رجال الأمن البواسل، فقد تهاوت مبادئ أفكارهم ومنهجهم الضال بعد أن تصدى لها علماء، وقارعوها الحجة بالحجة، وفندوها، وبينوا بالأدلة من الكتاب والسنة خطأها وفسادها وبطلانها.
وقد جاء تأكيد المملكة رفضها الدائم وإدانتها للإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وأياً كان مصدره وأهدافه، من خلال تعاونها وانضمامها وإسهامها بفاعلية في الجهود الدولية الثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله، والتزامها وتنفيذها للقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، ومشاركتها بفاعلية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب، وتجرم الأعمال الإرهابية أو دعمها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة، واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع لأشد العقوبات. وما هذا المؤتمر الذي يرعاه مولاي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - وتنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت عنوان (الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية) إلا إحدى مساهمات المملكة في هذا المجال.
إن تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب وكشف المخططات الإرهابية قبل تنفيذها تعدُّ تفوقاً غير مسبوق، يسجل للمملكة، وسبقت إليه دولاً متقدمة عديدة عانت من الإرهاب عقوداً طويلة، وذلك بفضل من الله ثم بفضل واهتمام ومتابعة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني وكل من ساهم في محاربته والحد من تلك الآفة التي تهدد أمن وطننا وأمن مواطنينا.
إن جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - ومنذ أن دعا إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض 2005م، بحضور أكثر من ستين دولة، والتوقيع على اتفاقية تأسيس المركز بمبلغ عشرة ملايين دولار لتمويل تأسيس المركز، لتؤكد أن الإرهاب لا دين له، ولا يمثل الدين أو المجتمع الذي ينتمي إليه الإرهابيون.
ومن آخر ما قامت به المملكة بهذا الصدد، ولقي ترحيباً خليجياً وعربياً ودولياً، هو تجريم القائمين على الدعم والمشاركة في الأعمال الإرهابية من خلال تحديد العقوبات. وكانت هذه القرارات التاريخية رداً على كل الأفواه غير المسؤولة التي اتهمت وشككت في الدور التي تقوم به المملكة حيال محاربة الإرهاب.
الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية
يأتي عقد المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - تأكيداً للاهتمام الذي توليه قيادة المملكة للتصدي للمحاولات كافة التي تسعى للنيل من العقيدة الإسلامية بأفكار ضالة تستهدف تشويه سماحتها، وإثارة الفتنة بين المسلمين، ولحماية أبنائنا من التغرير الذي يسخرهم أدوات لتنفيذ غايات أعداء الدين والوطن لارتكاب جرائم تتنافى مع الإسلام وأحكامه التي تحرم قتل النفس بغير حق. فقد نجحت المملكة بتوفيق الله تعالى في التصدي للجرائم الإرهابية بالتفاف مواطنيها حول قيادتهم، ومساندتهم لجهود رجال الأمن في تنفيذ مهامهم. وحرصت في استراتيجيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب على تبني سياسة مواجهة الفكر بالفكر، وسعت في سبيل ذلك إلى تسخير الجهود كافة لمواجهة الفكر الضال، وكشف حقيقته وأهدافه، وحماية مواطنيها منه. كما حرصت وزارة الداخلية على تلمس القصور المعرفي في العلم الشرعي لدى من تم التغرير بهم ومعالجتها ببرامج متخصصة للمناصحة والرعاية؛ ما أسهم بحمد الله في تراجع أكثر من (90 %) منهم عن الأفكار التي أضلتهم.
الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل أن المملكة بقيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز - حفظهم الله - حريصة كل الحرص على القضاء على الإرهاب ومحاربة الفكر الضال بكل أنواعه.
وشدَّد سموه على أن منهج المملكة المطبِّق لتعاليم ديننا الإسلامي يحتّم عليها الحفاظ على أمن ومصالح المسلمين، وعدم الزجّ بشباب الأمة في مهالك لا تفيدهم ولا تفيد الدين ولا الأمة الإسلامية. منوّهاً سموُّه بدور المملكة الدولي في هذا الإطار، ومنه تبرعها بـ100 مليون دولار لمركز مكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة.
وقال سموه: إننا لا بد أن نكون يداً واحدة نحن مسلمين في محاربة كل تطرف وكل سلوك دخيل على منهجنا الإسلامي المتوازن. مؤكداً سموه أن المسؤولية مشتركة بين الجميع صغاراً وكباراً ومجتمعات وأفراداً ومؤسسات علمية حكومية وأهلية ووسائل إعلام مختلفة، وأئمة المساجد، وكذلك المدارس.
وقال سموه إن تكاتف الجميع يجعل وطننا ومجتمعنا محصّناً ضد كل من يتربص به ويعمل على استهدافه.
الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة
إن هذا المؤتمر الذي تقوم الجامعة بإعداده وتنظيمه تحت الرعاية السامية الكريمة إنما هو إضافة إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في سبيل مكافحة الإرهاب والقضاء على جذوره ونشر سماحة الدين وتعاليمه الرفيعة، وهو امتداد لنجاحات الدولة في دحر الأذى بالإنسان وتعكير صفو الحياة وكل أسباب التطور. وقال إن الجامعة الإسلامية حين تقوم بالإعداد والتنظيم لمثل هذا المؤتمر إنما هو استشعار لرسالتها النبيلة نحو إيجاد الحلول العملية لمحاربة الإرهاب، ودحض التهم لأعداء الدين الذين يربطون الإرهاب بالإسلام.
وما قطعته الدولة من جهود كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي في الوقوف في وجه الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي وتقديم كل أوجه التعاون الفعال مع الدول من أجل جعل العالم أكثر سلاماً وأماناً. مبرزاً سموه أن جميع الدول تدرك جهود المملكة الكبيرة وإنجازاتها الناجحة في سبيل محاربة الإرهاب، وما قامت وزارة الداخلية من جهود كبيرة في هذا السياق وإيجاد لجنة المناصحة للشباب، التي قدمت الكثير، وأعطت نتائج مبهرة، إضافة إلى سعيها الدؤوب نحو قطع كل السبل التي تؤدي للإرهاب بأشكاله كافة. متمنياً سموه للمؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب، الذي تنظمه الجامعة الإسلامية، التوفيق، وأن تأتي أعماله ونتائجه مكللة بالنجاح والسداد.
الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة
أصبح الإرهاب وباء تسعى الشعوب لاجتثاثه والخلاص منه، وقد ابتُلي هذا الوطن بشرذمة من أبنائه الذين غُرر بهم، متأثرين بأفكار بعيدة عن الدين والشرع الحنيف، تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار، ظناً منهم أن ذلك هو الحق، فأقدموا على تنفيذ عدد من أعمال الإرهاب والتدمير، وسفك دماء الأبرياء من أبناء وطنهم، دون أن يراعوا لها حرمة، وخرجوا على ولي الأمر الذي فرض الله علينا طاعته وامتثال أمره.
وعند ذلك كان لا بد من وقفة حازمة حفاظاً على الأنفس والممتلكات ومكتسبات الوطن وبتراً لأيادي الإرهاب، وهو ما قامت به حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمين وسمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء - حفظهم الله - من خلال العمل بتجربة علمية فريدة على مستوى العالم في مكافحة الإرهاب والتصدي له واجتثاث جذوره وطمس هويته، تقوم على فتح باب الحوار والمناصحة مع من تم التغرير بهم للانخراط في تلك الأعمال الإرهابية عبر قنوات الإعلام وفضاء الإنترنت، وبذلت الدولة أقصى جهودها فكرياً وإعلامياً ودعوياً لإعادة تأهيل وتصحيح مفاهيم بعض المؤيدين للزمرة الفاسدة من الشباب المندفع بجهل، كما قامت الدولة - أيدها الله - بإعادة تأهيل الكثير ممن انحرف تفكيرهم عن الحق عبر برنامج علمي متكامل، اشترك في بناء تفاصيله متخصصون في علم النفس، وعلماء الشريعة الإسلامية، ودعاة بارعون في كشف أبعاد القيم الإسلامية المرتكزة على المحبة والعفو والتسامح والتعايش السلمي، وكان أن تحقق النجاح بفضل الله تعالى مع كثير من أبنائنا الذين عادوا إلى جادة الحق. وفي المقابل، فقد كان لأداء الأجهزة الأمنية الباسلة بقيادة سمو وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز دورها الوطني في الحفاظ على الأرواح وحماية الأنفس البريئة وصون أراضي الوطن من الإرهاب والتصدي له بكل السبل.
إن رعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين لفعاليات المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب، الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة خلال شهر جمادى الآخرة من العام الحالي 1435هـ، تحت شعار (الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية)، لهي دليل آخر على جهود وإصرار المملكة حكومة وشعباً على التصدي لهذا الخطر العالمي بكل الوسائل الأمنية والفكرية والإعلامية، وحماية شعوب العالم من آثاره المدمرة، وبناء استراتيجيات علمية لمكافحته، والاستفادة من تبادل الرؤى والتجارب الدولية الناجحة في ذلك.
إننا على ثقة بأن المؤتمر سيحقق الفوائد المرجوة من انعقاده في تقييم وتقويم المراجعات الفكرية، وتقديم الحلول العلمية لمعالجة كل أوجه الانحراف الفكري، والخروج بمشروع علمي في شأن المرئيات المعززة لجهود إعادة المنحرفين، وتعزيز آليات درء الخطر عن المجتمع، والتوصل إلى إعداد استراتيجية علمية إسلامية متكاملة لمعالجة الفكر الإرهابي.
داعين الله أن يقي بلادنا شر الإرهاب وأهله، وأن يحفظ لنا أمننا واستقرارنا في ظل قيادتنا الرشيدة.
الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم
تبذل حكومات وشعوب العالم جهوداً مضنية للتعامل مع آفة الإرهاب الخطيرة، التي طالت أغلب شعوب المعمورة؛ ولذلك يعرف ويقدر الجميع الجهود التي بذلتها وتبذلها حكومة بلادنا - وفقها الله - بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - لمحاربة الإرهاب والفكر الضال، الذي عانت المملكة منه الكثير، وقدمت عدداً من شهداء الواجب الذين استشهدوا دفاعاً عن العقيدة الإسلامية السمحة.
وبلادنا المملكة العربية السعودية بقيادتها الراشدة أعلنتها من اليوم الأول حرباً على الإرهاب مادياً وعسكرياً وفكرياً، وما إقامة هذا المؤتمر الحساس والمهم، المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب (الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية)، الذي يقام في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، إلا تتويج للجهود الكبيرة والموفقة التي تقدمها بلادنا حكومة وشعباً لمواجهة هذه الآفة.
لا شك أن الحرب على الإرهاب ترتكز على مقومات شريعتنا الإسلامية الغراء التي جعلت عصمة تامة للدماء والأموال والأنفس إلا بحق الله.
ولذلك ينطلق المؤتمر من منطلقات الجامعة الإسلامية الفتية، التي تعودنا منها ومن رجالاتها على كل إبداع ورقي في التعامل مع المشكلات الكبرى. ومن أكبر هذه المشكلات فتنة التكفير للحكام والمجتمع، والخروج على ولاة الأمر، وهم من أمرنا ربنا - عز وجل - بالسمع والطاعة لهم واستباحة الدماء المعصومة، وغيرها من الفتن.
ولا شك أن الجهود والفكر والتخطيط والمتابعة لمكافحة الإرهاب والفكر الضال ما كانت لتتم لولا فضل الله سبحانه وتعالى وتوفيقه أولاً، ثم بجهود مباركة بقيادة وتوجيه ومتابعة من قِبل سيدي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وحكومته الرشيدة. وما هذا المؤتمر والذي سبقه إلا خطوات بنّاءة وملموسة بهذا الاتجاه.
معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة
أودُّ في البداية أن أتقدم بالتهنئة للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ولمعالي مديرها العام الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند على تنظيم المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب تحت عنوان (الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية).
لقد استشعرت المملكة منذ سنوات عديدة خطر ظاهرة الإرهاب والفكر الضال المنحرف؛ فكانت من أولى الدول التي تصدت له على مختلف الصُّعد محلياً وإقليمياً ودولياً، قولاً وعملاً، وعبّرت عن رفضها الشديد وإدانتها المطلقة للإرهاب بأشكاله وصوره كافة، التي تتنافى مع مبادئ وسماحة وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء التي تُحرّم قتل الأبرياء، وتنبذ مختلف أشكال العنف والإرهاب، وتدعو إلى حفظ وحماية حقوق وكرامة الإنسان.
وقد كان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد موقفهم الحازم والصارم ضد الإرهاب. فعلى الصعيد الداخلي تصدت المملكة بقوة للأعمال الإرهابية التي عانت منها، وجندت أجهزتها كافة لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم، ووضعت استراتيجية من خلال خطين متوازيين، هما المعالجة الأمنية والمعالجة الوقائية؛ إذ تصدى رجال الأمن البواسل بكل شجاعة للفئات الضالة والباغية، وقضوا على أرباب هذا الفكر الضال، وسجلوا نجاحات غير مسبوقة، تمثلت في الضربات الاستباقية وإفشال معظم العمليات الإرهابية قبل تنفيذها.
كما تصدى علماء المملكة ومشايخها الأجلاء لمبادئ ومنهج هذا الفكر المنحرف، وتبيان ضلاله وفساده، وقارعوه الحجة بالحجة استناداً إلى الأدلة الواضحة من الكتاب والسنّة.
وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أعلنها في الخامس من شهر جمادى الأولى 1425هـ تتويجاً لهذه المعالجة الوقائية؛ إذ أصدر - حفظه الله - عفواً عن كل من يُسلِّم نفسه من تلك الفئة الضالة، وأنه سيعامَل - وفق شرع الله - فيما يتعلق بحقوق الغير. وقد استفاد من هذا القرار عدد كبير من الأشخاص الذين اعتنقوا الفكر الضال، وسلموا أنفسهم للجهات الأمنية، واستفادوا من العفو الملكي الكريم.
كما شكلت وزارة الداخلية لجنة المناصحة، وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين، بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وإرشادهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة السمحة وفق الأدلة الشرعية. والحمد لله؛ فقد تحقق مع هذا النهج الأهداف المرجوة بعودة الكثير من المغرر بهم إلى جادة الصواب نادمين على ما اقترفوه من أعمال.
وقد بذلت وزارة الثقافة والإعلام جهوداً كبيرة للتصدي للفكر الضال التكفيري المنحرف من خلال البرامج الإذاعية والتلفازية التي استضافت فيها العلماء والمشايخ الذين أوضحوا ضلال الفكر التكفيري، وأبانوا بالحجة والبراهين خطأ هذا المنهج، وصححوا المفاهيم الخاطئة والمغلوطة مستدلين بذلك بما جاء في الكتاب الكريم والسنّة النبوية المطهرة.
أما على الصعيد العالمي فقد انضمت المملكة إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب بأشكاله كافة، والتصدي له ومحاربته.
إن الإرهاب وأعمال العنف أصبح ظاهرة عالمية، تعددت أساليبه ومسالكه، وطال العديد من دول العالـم؛ كونه آفة خطيرة لا دين له ولا وطن، ولا يعـرف جنساً أو طائفة أو عرقاً أو لوناً، والتصدي له ومكافحته مسؤولية جماعية تشترك فيها كل الأجهزة والجهات.
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء
تنظّم الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مؤتمراً عالمياً لمكافحة الإرهاب برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله. والإرهاب هو إخافة المسلمين الذين أمَّنهم الله بالإسلام، فمن أخافهم فهو ظالم متعدٍّ لحدود الله؛ لأن حماية الأمن هي إحدى الضروريات التي رتب الله على من انتهكها حدًّا رادعاً. قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّه وَرَسُولَه وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أو يُصَلَّبُواْ أو تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أو يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْي فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَة عَذَابٌ عَظِيمٌ } (33) سورة المائدة. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنواْ أَطِيعُواْ اللّه وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد». وقال عليه الصلاة والسلام: «من شق عصا الطاعة وفارق الجماعة ومات فميتته جاهليه». وقد أمر الله سبحانه وتعالى بقتال البغاة الذين يخرجون على طاعة ولي الأمر المسلم فقال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ اللَّهِ}. فلا يخرج على طاعة ولي الأمر إلا الخوارج الذين أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم؛ لأن لزوم جماعة المسلمين وإمامهم فيه الأمن والاستقرار وحقن الدماء، ولمَّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان بحدوث الفتن قال له حذيفة رضي الله عنه: «فما تأمرني إن أدركني ذلك؟». قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». لأن لزوم جماعة المسلمين وإمامهم يدفع الله به شروراً كثيرة، وتتحقق به مصالح عظيمة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جميع على واحد منكم يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه كائناً من كان». فلا يستقيم دين ولا يستتب أمن إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، كما قال ابن المبارك:
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل
وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
فلا حزبية ولا عصبية ولا جاهلية في الإسلام.
قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. نعم، كل حزب له نظام يخطه لنفسه، يبايع عليه ويوالي ويعادي عليه باسم الدعوة إلى الله، وإنما الدعوة إلى الله على سنة رسوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. فالدعوة إنما تكون إلى الله لا إلى حزبية أو طرق صوفية أو غيرها، وإذا وُجد خلاف فإنه يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله. كما قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوه إلى اللّه وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. فالخلاف الحزبي والخلاف الفقهي كل ذلك يحسم باتّباع الكتاب والسنة اللذين هما صراط الله المستقيم:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِه ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وإن ما تنظمه الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة من هذا المؤتمر العالمي برعاية خادم الحرمين الشريفين لمكافحة الإرهاب لهو امتداد لما يدعو إليه الإسلام من وحدة الكلمة وتعاون على البر والتقوى صفاً واحداً من أمة واحدة ضد الباطل وأهله من الفرق الضالة. ونرجو الله أن يكلل هذا المؤتمر بالنجاح والتوفيق، وأن يوفِّق القائمين عليه لكل ما فيه صلاح الأمة في دينها ودنياها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.