لقد نالت التقنيات الإلكترونية التي أخذت تشق طريقها في كل منحنى انتشارًا منقطع النظير؛ بحيث غدت مقومًا رئيسًا فاعلاً في مجال العلوم الطبيعية والتطبيقية، محققة نجاحًا جعل منها المفتاح الذي يلج منه الإنسان إلى العالم؛ ليكتسب صفة العالمية التي أضحت صكًا للاعتراف به في عالم المعلوماتية.
فأصبحت معالجة اللغة العربية تقنيًا مطلب تطبيقي رئيس لاسيما في وقتٍ يشهد العالم فيه انفجارًا معلوماتيًا ضخمًا، وبرغم خصوصية اللغة العربية إلا أنه يمكن تطويع آليات التقنية وأنظمتها لتتواءم معها على جميع المستويات اللغوية، وقد تم بجهود الباحثين اللغويين والحاسوبيين تمثيل الكلام المنطوق وتوليده، وتحليل الكلمات المفردة وتركيبها، وتوصيف الجمل وتوليدها وإعرابها آليًا، وقراءة النصوص المكتوبة وتصحيحها، وصناعة المعاجم الآلية، والبنوك المصطلحية، ووضع البرامج للترجمة الآلية، فجميع هذه الجهود مؤشر حقيقي على نجاح التقنية في خدمة اللغة العربية.
وقد حظيت في بحثي لمرحلة الدكتوراه الموسوم بـ(المفردات المتقابلة في صحيح البخاري - دراسة دلالية حاسوبية) بأن طرقت بابًا جديدًا في حقل الدراسات الدلالية الحاسوبية؛ وهي محاولة لتقديم نموذج حاسوبي ميسَّر يبحث عن المتقابلات الدلالية في صحيح البخاري، ويحدد مجالها وحقلها الدلالي، كما يوضح سماتها التحليلية التكوينية ويشير إلى السمة التي يكمن فيها التقابل بين المفردتين، وأطمح أن تكون هذه الدراسة إسهامًا يضاف لميدان البرمجيات العربية، وشاهد حال على تطويع التقنية لخدمة اللغة العربية والارتقاء بها.