تلجأ السلطة العامة من خلال عملها كإدارة للعملية التعاقدية إما لشراء ما تحتاج من تجهيزات لضمان سير عملها بمفردها في خدمة المجتمع أو تسيير خدماتها بمشاركة شركات ومؤسسات خاصة.
ولا يعتبر العقد إدارياً إلا إذا كان طرف واحد على الأقل من الأطراف المتعاقدة ذو شخصية عامة، وإلا فإنه يعتبر عقداً خاصاً، وهذه من العناصر المُميِّزة للعقود الإدارية عن غيرها من العقود، إلى جانب وجوب صلة العقد بالمرفق العام أو بأحد أنشطته، إضافة إلى استخدام الشروط غير المألوفة في القانون الخاص، وهي ما يطلق عليها القانون الشروط الاستثنائية وهذا الأمر يجد تبريره في حرص الإدارة على سير المرفق العام بانتظام واطراد، لأن الإدارة حينما تتعاقد فهي تضع مصلحتها العليا نصب عينيها. إنه لا صحة للعقد الإداري إلا بتوافر أركانٍ حصرها الفقهاء بثلاثة، رضا الطرفين الذي يشترط التعبير عنه من دون تعارض مع النصوص القانونية، ثم المحل، وهو ما نعتبره الجوهر القانوني، أي العملية القانونية التي يُقام عليها العقد بشرط ألا تكون مخالفة للقانون، مع توافر السبب الدافع للتعاقد.
ومن شروط العقد الإداري عدم استخدام سلطة الجبر من قبل الإدارة قبل توقيع العقد، كما يجب تسجيله في وثيقة رسمية حتى يكتسب الصفة القانونية وتستخدم الوثيقة في حالة النزاع، ولا يعتبر العقد رسمياً إلا بعد إمضاء الشخص الممثل للسلطة العامة كوزير أو مدير إدارة أو رئيس بلدية. وبما أن العقد يتم بين سلطة عامة وشخص طبيعي، فإن على الإدارة دفع المقابل وتحديده في العقد.
ومن العلامات المميزة للنظام القانوني للعقد الإداري الفسخ الإداري بإرادة منفردة، أي سلطة الإدارة لإنهاء العقد الإداري. وقد ينص العقد على إمكانية الفسخ الإداري كما قد لا ينص على ذلك تاركاً المجال للقوانين والنصوص المعمول بها. ويحدث الفسخ في حال عدم احترام الالتزامات المنصوص عليها أو بسبب وفاة المتعاقد أو فقدانه للأهلية. وبالإضافة لسلطة الفسخ التي تتمتع بها الإدارة، يمكنها أيضاً إدخال تعديلات -بضوابط محددة- على العقد بغرض تكييفه مع المصلحة العامة، أو مواكبة المستجدات التي طرأت بعد إبرام العقد، مما يؤكد على أنه وبالرغم من كوننا بصدد عقد بين طرفين، إلا أن الإدارة، أي السلطة العامة، تتمتع بوضعية أعلى وأسمى من الطرف الثاني المتعاقد معه مما يجعله خاضعاً بقوة القانون للإدارة.
ويتم إبرام العقد الإداري إما عن طريق التراضي بين الإدارة ومتعاقد وحيد بدون اللجوء للمنافسة، أو عن طريق المناقصة التي تقوم على أساس تقديم عطاءات من عدة متنافسين والقيام بالاختيار على أساس الأفضلية من حيث السعر والتطابق مع متطلبات الإدارة.
ويقوم العقد الإداري على أساس تحقيق المنفعة العامة، وينقسم لأنواع كثيرة، لعل أبرزها ثلاثة أنواع: أولها عقد امتياز المرافق العامة، أي تسليم مهمة تسيير مرفق عمومي إلى جهة خاصة بهدف تحسين جودة الخدمة المقدمة وتقديم أكبر قدر ممكن من الخدمات، حيث تُكلِّف الإدارة أي فرد أو شركة خاصة لإدارة مرفق عام واستغلاله لفترة محددة مقابل مبلغ مادي يدفعه صاحب حق الامتياز، ويقوم هذا الأخير بالسماح لعموم المواطنين باستخدام المرفق نظير مقابل مادي. ولا يعتبر عقد الامتياز تنازلاً من الإدارة بل تبقى ضامنة للمرفق مع قدرتها على إدخال تعديلات على العقد كلما اقتضت الحاجة.
أما النوع الثاني فهو عقد الأشغال العامة، وهو عقد بين الإدارة وشخص أو شركة يلتزم المتعاقد معه بمقتضاه بإجراء أعمال بناء أو ترميم مقابل مبلغ يتم تحديده في العقد.
أما النوع الثالث فهو عقد التوريد، وهو عبارة عن اتفاق بين جهة عامة وفرد أو شركة يتعهد بمقتضاه هذا الفرد أو الشركة بتوريد منقولات معينة للجهة العامة. وتتنوع طبيعة المنقولات بين ما هو بسيط كالورق واحتيجات المكاتب، أو ما هو معقد كالآلات الطبية للاستعمال في المرافق الصحية للدولة، كما قد تكون المنقولات عبارة عن أجهزة عسكرية، وفي هذه الحالة فإن عقد التوريد يكتسب أهمية كبيرة نظراً لتعلقه بأمن وسلامة الدولة.