أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن تمسك المملكة العربية السعودية بالإسلام عقيدة ومنهجاً و أسلوب حياة، واعتزازها بمنظومة القيم الأصيلة، وانفتاحها على الثقافات والحضارات الأخرى احتراماً و تواصلاً و حواراً أهّلها لأن تكون رائدة الحوار الحضاري عبر مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار الحضارات وأتباع الديانات والثقافات التي تدل على فهمه أيده الله للدور التاريخي و الحضاري لأبناء هذه المنطقة الجغرافية عبر العصور، واستلهامه الذي ينبع من وعيه الكامل بتاريخ و موروث بلاده وثاقب نظرته للمستقبل.
لافتا إلى أن هذا التمسك بالجذور والثوابت لم يكن عائقاً نحو الانطلاق للمستقبل بل صار الركيزة للثبات والانطلاق بشكل سريع وشامل نحو التعايش المستقبل.
وقال سموه أثناء مشاركته في فعاليات يوم التراث العالمي الذي نظمته جامعة حائل بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار الأربعاء الماضي:
«هذه البلاد العظيمة انطلق من أرضها أعظم دين، وتعاقبت عليها أهم الحضارات، و اختار الله أن تبنى على أرضها الكعبة في زمن النبي إبراهيم عليه السلام، و ما تبع ذلك من بركات أنعم الله بها على هذه البلاد وأهلها مصداقا لقوله تعالى: « وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر» لذلك لا يمكن أن نفصل قصة هذا البقعة الجغرافية المهمة والحضارات العظيمة التي مرت عليها، وقصة بناء الكعبة، و خروج الدين الإسلامي العظيم الخاتم للأديان، عن ما يتم في بلادنا اليوم وما نراه ولله الحمد من خير ونعمة في هذا العصر الزاهر، الذي التأم فيه شمل أهل هذه البلاد تحت راية التوحيد التي تختصر منطلقات وتوجهات هذه الدولة المباركة المتمسكة بالقيم والعقيدة الإسلامية كمبدأ للوحدة والاستقرار، وهذا التمسك بالدين العظيم قولا وعملا وتنفيذا على ارض الواقع هو ما جعل هذه البلاد تنعم بالتنمية والاستقرار والخير والازدهار».
وأكد سموه أن مستقبل هذه البلاد هو في استمرارها ملتزمة بدينها، واعتزازها بقيمها الأصيلة التي توافق عليها مواطنوها، وقدر هذه البلاد وأهلها الذي ليس مجالاً للتردد أو السؤال أن يستمر هذا الخير وأن يجتمع أهلها على خدمة الحرمين الشريفين وان يحمل قائدها لقب خادم الحرمين الشريفين، وأن هذه الأخلاق والقيم التي تميز بها أهل هذه البلاد هي نتاج لحضارات عظيمة توجها الإسلام وهذبها.
وقال سموه: «كنت قبل أيام في جامعة أكسفورد ببريطانيا لحضور مؤتمر علمي شارك فيه أبرز علماء الآثار في العالم، وجرى فيه استعراض نتائج الأبحاث العلمية مع الجامعة والفرق العلمية السعودية الدولية المشتركة التي تعمل على مدى السنوات الخمس الماضية في الاكتشافات الأثرية في المملكة بإشراف الهيئة، حيث أجمع المشاركون على أن الاكتشافات الهامة توضح دور الجزيرة العربية ليس فقط كمعبر للحضارات ولكن كمستقر لها، وكنقطة انطلاق لبعضها إلى أصقاع الدنيا، لذلك فإننا لا يمكن أن نعيش في انفصام بين مكوننا الحقيقي والأساس وهو الإسلام و منظومة القيم والأحكام التي جاء بها، وبين الحضارات المتعاقبة التي مرت على أرض الجزيرة العربية وجاء الإسلام العظيم واحترمها واعترف بها وأقر بعض أخلاقياتها وقيمها وهذبها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» و قال صلى الله عليه و سلم: « خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا»، فلا تعارض بين اعتزازنا بديننا الإسلامي العظيم و أن نجعله محور حياتنا وحاكم لها وبين احترامنا للحضارات التي مرت أو استقرت قبله في الجزيرة العربية، و نقلتها لنا الأجيال السابقة دون ازدراء أو طمس لها منذ الجيل المفضل في صدر الإسلام وزمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، وحتى وصلت لنا شواهد تلك الحضارات».