المدينة المنورة - علي الأحمدي:
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- تنطلق يوم غد (الثلاثاء) فعاليات المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب (مراجعات فكرية - حلول عملية) الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على مدى يومين متتاليين وبهذه المناسبة قال صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية.
إن موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب موقف ثابت وحازم، ويأتي استناداً إلى الشريعة الإسلامية التي تستمد منها أنظمتها، والتي تحرّم سفك دماء الأبرياء وترويعهم.
وقال سموه لقد كانت المملكة من أوائل الدول التي أدانت الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وهو ما أوضحته في كافة المحافل الدولية معلنة استعدادها التام لتظافر جهودها مع جهود المجتمع الدولي لمكافحته، والإسهام في تعريف ظاهرة الإرهاب وآثارها على العالم، والتعاون لمعالجة أسبابه واجتثاث جذوره وتحقيق الاستقرار والأمن الدوليين.
كما كانت من أوائل الدول التي أسهمت في مكافحة الإرهاب على المستويات المحلية والإقليمية والدولية من خلال مصادقتها على عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات، كما شاركت في بحث هذه الظاهرة من خلال استضافتها للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد بمدينة الرياض في شهر فبراير 2005، والذي أسفر عن إنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وأعلنت تبرّعها بما يزيد عن مائة مليون دولار لهذا الغرض، واستضافت الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمدينة جدة عام 2012، والمؤتمر الدولي المعنيّ بتعاون الأمم المتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب الذ عقد بمدينة الرياض عام 2013.
ولقد بادرت المملكة مؤخراً بإصدار عدد من القوانين والتشريعات المجرّمة للإرهاب والتنظيمات التي تقف خلفه.
وقال الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى إن الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد، وزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة؛ وقد صنفه بعض الفقهاء ضمن الجرائم التي يعاقب عليها الشرع بحد الحرابة، وإن كان الإرهاب بمفهومه أوسع نطاقاً وأخطر جرماً من تلك الجرائم. قال تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ * ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا * وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة (33).
وهذا الفعل الإجرامي اتخذ في عصرنا الحاضر، أشكالاً وصوراً متعددة، منها الخطف والقتل، والتفجير، والاعتداء على الممتلكات العامة، وتعريض حياة الناس للخطر، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حينما توجه إلى الفكر، فنشأ الإرهاب الفكري، المتمثل في الغلو والتطرف والتكفير.
والمملكة العربية السعودية لم تكن في منأى عن الإرهاب، فهي تعيش وسط هذا العالم الذي عانى ويعاني من الإرهاب، فقد تعرضت هذه البلاد الطاهرة لعمليات إرهابية قام بها أرباب الفئة الضالة، وذوي الفكر المنحرف، إلا أنها بفضل من الله ثم ببصيرة وحكمة قيادتها الرشيدة، واجهت الإرهاب بحزم أمني، وتأصيل فكري يقوم على مبادئ شرعية نص عليها الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح.
فعلى مستوى المعالجة الأمنية سطّر رجال الأمن السعوديون إنجازات أمنية في التصدي لأعمال العنف والإرهاب ونجحوا بكل شجاعة وإتقان وإبداع بعد أن تشربوا عدالة القضية وشرف المعركة في حسم المواجهات الأمنية مع فئة البغي والضلال، بل سجل رجال الأمن إنجازات غير مسبوقة تمثلت في الضربات الاستباقية وإفشال أكثر من 95% من العمليات الإرهابية بفضل من الله ثم بفضل الإستراتيجية الأمنية التي وضعتها القيادات الأمنية؛ وحازت على تقدير العالم بأسره؛ كما سجلوا إنجازاً آخر تمثل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال؛ وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب الذين لا يقلون خطورة عن المنفذين للعمليات الإرهابية فتم القبض على الكثير منهم.
وأضحت تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب وكشف المخططات الإرهابية قبل تنفيذها تفوقاً غير مسبوق يسجل للمملكة العربية السعودية سبقت إليه دولاً متقدمة عديدة عانت من الإرهاب عقوداً طويلة.
وبالتوازي مع المعالجة الأمنية لآفة الإرهاب، كانت هناك جهود على مستوى آخر لا يقل أهمية في مكافحة الإرهاب، تمثلت في تجفيف منابعه المالية والفكرية، حيث صدرت أوامر ملكية بتجريم تمويل الإرهاب، وكل من ينتمي لجماعات إرهابية، ولعل آخرها صدور الأمر الملكي الكريم القاضي بمعاقبة كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة، والبيان الصادر عن وزارة الداخلية المتوج بالموافقة السامية، الذي ترجم مضامين الأمر الملكي وغاياته، ترسيخاً للمنهج القويم الذي تسير عليه المملكة العربية السعودية القائم على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يشدد على أهمية الفهم الصحيح لمبادئ الدين الإسلامي وشرائعه السمحة.
وقال معاليه لم تتوقف جهود المملكة عند هذا فحسب، بل امتدت إلى المعالجة الفكرية، لتصحيح أفكار من غرر بهم من شباب الوطن، وأصبحوا ضحية لأرباب الفكر والضلال، حيث نهجت أسلوباً فريداً في علاج ما ظهر من بعض أبنائها باعتناقهم الفكر التكفيري المنحرف، من خلال مواجهة الفكر بالفكر، فقد شكلت وزارة الداخلية لجنة المناصحة وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة السلمية وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى وبينه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في سنته النبوية، وكشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف الذي يقود إلى الإرهاب من أجل إعادة الموقوفين إلى رشدهم وتصحيح عقيدتهم.
وجاء كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود ليعزز الجهود التي تبذلها مختلف الجهات ذات العلاقة ويتكامل معها في المعالجة الفكرية والوقائية من الأفكار المبتدعة والدخيلة على ديننا ومجتمعنا التي يروج لها أرباب الفكر الضال.
وامتداداً لهذه الجهود، يأتي المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب: «الإرهاب.. مراجعات فكرية وحلول عملية» الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- خلال شهر جمادى الآخرة 1435هـ، الذي يهدف إلى بناء إستراتجية علمية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية للإرهاب، من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف، وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بكل مراجعة فكرية، أو جهد دعوي، أو مرئية أو آلية جديدة معززة لإعادة المنحرفين ودرء الخطر عن المستقيمين، وذلك بما يحقق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى التطبيق.
بينما أوضح معالي وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله البراك بأن تجربة المملكة في محاربة الإرهاب والفكر الضال أمنياً وفكرياً، حظيت باهتمام كبير على المستوى الدولي وتجربة مهمة في وسائل البحث والدراسة والمعالجة، نظير النجاحات التي تحققت ولله الحمد بعد المواجهة الحقيقة التي خاضتها الدولة أمام هذا الفكر، ليس فقط بتطبيق الأنظمة بل بدراسة هذا الظاهرة ومسبباتها من كافة الجوانب وكيفية انتشارها.
ونوه معالي الدكتور البراك أن جهود المملكة العربية السعودية وأهميتها بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني -يحفظهم الله- والمبنية على ما حث عليه الدين الإسلامي والسنة النبوية، باتت نبراساً ومرجعاً مهماً لكافة المهتمين والباحثين، كونها في مقدمة الدول العالمية في مكافحة الإرهاب، بعد النتائج الملموسة على أرض الواقع ولله الحمد، رغم تعدد أنواعه وانتشاره في إشكال مختلفة، من خلال استراتيجية مهمة جداً لفهم هذه الظاهرة تعتمد على الوقاية وإعادة التأهيل وبرامج ما بعد العناية بالتنمية والتوعية، ومتابعة المستجدات الدولية بهذا الشأن، في إطار أسلوب حضاري يعتمد على ما هو موجود واقعا قابلاً للتطبيق.
وأضاف معاليه أن ظاهرة الإرهاب والفكر الضال أمنياً وفكرياً خطراً كبيراً يتوعد حياة الإنسان، يذهب ضحية له الكثير من الأبرياء وهدم المكتسبات الوطنية، ولفت إليه ديننا الحنيف الذي يكفل للمسلم ما يحفظ عرضه ودمه وماله، وغلظ العقوبة لمن أرهب الناس وأخافهم، لأنه خلاف ذلك يظهر صورة غير حقيقة عن الإسلام دين المحبة والسلام والطمأنينة، فضلا على أن الإرهاب ظاهرة تجرمها جميع الأديان مما يوجب التعاون بين المجتمعات والحكومات لمكافحتها وعلاجها.
واشار معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم إلى أن المملكة العربية السعودية تأتي وبحمد الله في طليعة دول العالم التي تكافح الإرهاب وتتصدى له، انطلاقاً من التزامها الكامل بثوابتها، وقيمها وأحكام الشريعة الإسلامية، وتأصيل منهج الوسطية ومعالجة الغلو والتطرف والاعتدال وتصديها للإرهاب بجميع صوره المذمومة، فالإسلام هو نقيض الإرهاب فقد أُرسل محمد صلى الله عليه وسلم لإنقاذ البشرية من إرهاب الظالمين، واستعباد المستضعفين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }، والإرهاب عبر التاريخ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مرتبطاً بعقيدة أو جنسية أو وطن.
وقال معاليه إن المملكة لم تقتصر جهودها في مكافحة الإرهاب على تنديدها وشجبها له بكافة أشكاله وصوره، أياً كان مصدره، بل صاحب ذلك العديد من الإجراءات والتدابير الداخلية لمواجهة هذا الخطر الداهم، والتصدي له من كافة جوانبه وقطع مصادره التمويلية ويمكن الإشارة إلى أهم وأبرز جهود المملكة في التصدي للإرهاب من خلال إشراك المواطن في محاربته عبر رصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات أو يبلغ عن أفراد الفئة الضالة أو يسهم في إحباط عمل إرهابي، وكذلك تكريم الشهداء والمصابين وتقديم العون لأسرهم مما كان له أبلغ الأثر في نفوس العاملين في الأجهزة الأمنية وأسهم في مضاعفة الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وتحصين فكري للمجتمع تجاه ظاهرة الإرهاب وخطورتها كما اتبعت الدولة أيدها الله سياسة إعلامية مبنية على الشفافية وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنياً والفئات الضالة لوسائل الإعلام المختلفة. ويمثل تأسيس مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي حظيت فكرته بدعم وتأييد كبير من الفقيد الراحل سمو الأمير نايف «رحمه الله» أحد النماذج الفريدة التي تعكس نوعية الرعاية والاهتمام التي تقدمها وزارة الداخلية للموقوفين.
وأضاف إن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله عز وجل، ثم وقوف المجتمع صفاً واحداً مع قيادته في محاربة هذه الظاهرة الدخيلة عليه والغريبة على ثقافته ودينه الإسلامي الذي جاء لتحقيق الخير للبشرية وإرساء المحبة والسلام والوئام فيما بينها. واختتم تصريحه بتقديم الشكر لمعالي مدير الجامعة ولمنسوبيها وكل من ساهم في إقامة هذا المؤتمر جهودهم الطيبة متمنياً للجميع التوفيق والسداد.
وقال معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ إن المؤسسات العلمية والبحثية وعلى رأسها الجامعات في المملكة العربية السعودية معنية بعلاج المشكلات العارضة في الساحة العلمية والدعوية، والإرهاب أصبح خطراً عالمياً، فلا بدّ من المراجعة العلمية والتأصيل الشرعي لإيجاد الحلول العملية، بعد معرفة جذور المشكلة وأصولها، ومواطن القوة والضعف، للوصول إلى الطريق القويم، فالله تعالى جعل هذه الأمة عدلاً خياراً، فشريعة الإسلام خير الشرائع وأعدلها، وهي وسط بين طرفين، وهدى بين ضلالتين، كما قال ربنا -جل وعلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وقال ابن القيم رحمه الله: وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان، فإما إلى غلو ومجاوزة، وإما إلى تفريط وتقصير، وهما آفتان لا يلخص منهما في الاعتقاد والقول والعمل إلا من مشى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك أقوال الناس وآرائهم لما جاء به».
ومبعثه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء، وقد جاء صلى الله عليه وسلم بالرفق، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) رواه مسلم، وجاء صلى الله عليه وسلم بالتيسير ورفع الحرج، قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (185) سورة البقرة، وقال سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (78) سورة الحج، وقال صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا) رواه البخاري.
فالإرهاب المتضمن لتدمير الممتلكات وترويع الآمنين والقتل بغير حق مخالف للمقاصد السامية التي جاء بها صلى الله عليه وسلم، ولقد قرر علماء الأصول أن الإسلام جاء بحفظ خمسة مقاصد هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ النسل والعرض، وحفظ العقل.
فمن حق الإنسان أن يأمن عليها، والأمن نعمة عظيمة امتن الله بها على قريش في قوله تعالى: ({لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ* إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}، ففي هذه السورة تذكير لقوم النبي صلى الله عليه وسلم بما امتن به عليهم من الأمن والرزق، وأن هذا يوجب شكر المنعم به سبحانه بعبادته وحده، والقيام بحقه تعالى.
والمملكة وهي تستشعر واجبها تجاه مثل هذه القضايا قامت برعاية خادم الحرمين الشريفين، وتنظيم الجامعة الإسلامية ببحث شبهات حول الإرهاب وتفكيكها وبناء استراتيجية عملية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية للإرهاب، استكمالاً للنجاح الذي تحقق بفضل الله -عز وجل- في محاربة الأفكار الضالة والمنحرفة.
وقال فضيلته في نهاية تصريحه أسأل الله –عز وجل– أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أجزل الثواب على خدمة القضايا الإسلامية والاهتمام بها، وأن ينفع بجهود الجميع في هذا المجال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأكد معالي وزير المالية إبراهيم بن عبدالعزيز العساف على أن الإرهاب والتطرف يشكلان تهديداً للسلم والأمن ولاستقرار للبلدان والشعوب ولذا أجمع المجتمع الدولي على إدانتهما والتصدّي لهما.
وقال معاليه سعت المملكة للتأكيد على أهمية العمل الدولي الجماعي للتعامل مع ظاهرة الإرهاب، مع العمل على ترسيخ قيم التعامل والتسامح والحوار.
وقد أكدت المملكة التزامها بالقرارات الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب التي تدعو المجتمع الدوليّ إلى إدانة الإرهاب ومكافحته بكل السبل والتصدي له بجميع الوسائل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
ولم تتوقف جهود المملكة عند اتخاذ التدابير الولية لمكافحته، بل امتدّت لتشمل عدداً من التدابير والخطوات الإقليمية، حيث انضمّت المملكة إلى عدد من المعاهدات الإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب، ومنها معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب عام 1999م، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 2004م، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الأمنية الثنائية مع الدول الأخرى.
وتمثل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد بالرياض عام 2005م لإنشاء مركز دولي تحت مظلة الأمم المتحدة من أبرز جهود المملكة في حشد العمل الدولي المنسق لمكافحة الإرهاب. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك في سبتمبر 2011م، حيث يهدف هذا المركز إلى تعزيز إستراتيجية الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب عن طريق صياغة خطط إستراتيجية داخلية وإقليمية ودولية لمكافحته. وقد بادر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بتقديم مبلغ 100 مليون دولار أمريكي لتمويل هذا المركز. مما كان له بالغ الأثر لدى معالي الأمين العام للأمم المتحدة، كما سعت المملكة لتفعيل دوره وتحقيق أهدافه.
وأضاف معاليه حيث يمثل تمويل الإرهاب أحد العوامل في استمراره، فقد أولت الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية اهتماماً خاصاً بتجفيف منابع تمويله. فعلى المستوى المحلي، بذلت المملكة جهوداً كبير في مكافحة تمويل الإرهاب، ومن هذه الجهود: إنشاء لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال مكونة من ممثلين من عدد من الجهات الحكومية لدراسة كافة المواضيع المتعلقة بغسل الأموال، وإنشاء وحدة لمكافحة غسل الأموال في مؤسسة النقد العربي السعودي وفي البنوك المحلية مهمتها أخذ الحيطة والحذر والتأكد من عدم استخدام النظام المصرفي في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإبلاغ الجهات المختصة في حالة الاشتباه، وإصدار نظام مكافحة غسل الأموال في أغسطس 2003م ولائحته التنفيذية لتجريم عمليات تمويل الإرهاب، وإنشاء وحدة التحريات المالية بوزارة الداخلية، مهمتها التعامل مع قضايا تمويل الإرهاب وغسل الأموال والتنسيق مع وحدة غسل الأموال بمؤسسة النقد العربي السعودي، وقد انضمت وحدة التحريات المالية السعودية للمنتدى الدولي لتبادل المعلومات بين وحدات المعلومات المالية الوطنية (الايجمونت) في شهر مايو 2005م.
وأشار إلى أن المملكة تعد من أوائل الدول التي طبقت التوصيات الأربعين لمكافحة عمليات غسل الأموال والتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب الصادرة عن فريق العمل المالي واتخذت عدة إجراءات لتدعم الأطر القانونية لها. كما أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي دليلاً استرشادياً لكافة البنوك السعودية لمنع ومكافحة عمليات غسل الأموال، وهذه الإرشادات مستمدة مما ورد في التوصيات الأربعين ومتوائمة مع مبادئ لجنة بازل. كما تم إصدار قواعد فتح الحسابات في البنوك التجارية والقواعد العامة لتشغيلها متسقة مع المعايير الدولية ذات العلاقة بالحسابات البنكية مثل مبدأ «اعرف عميلك» بهدف حماية القطاع المصرفي في مواجهة الجرائم الاقتصادية والمالية وعمليات غسل الأموال.
وأوضح معاليه بأن وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي تقومان من خلال مشاركاتهما في الاجتماعات المالية الدولية بـ: تعزيز جهود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
تشجيع البلدان التي لا تخضع للتقييم المشترك لفريق العمل المالي أو الأجهزة الإقليمية لفريق العمل المالي للتطوع للتقييم بواسطة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
تشجيع كافة البلدان لتطوير وحدات الاستخبارات المالية التي تستجيب لتعريف ومعايير إلى مجموعة إجمونت، وانضمام هذه الوحدات إلى مجموعة إجمونت لتبادل الخبرات والتجارب والمعلومات العملية.