فاصلة:
(لا يكون المرء مغلوباً حين يعود إلى العقل)
- حكمة فرنسية -
بعد أن تحدثنا عن إشكالية العقل النسوي التي تركزت في الخوف، حري بنا أن نعرف فحوى هذا الخوف، كيف كانت بذرته.. وإلى أي مدى ترتبط مخاوف الأنثى العربية بتاريخ الإنسان العربي؟.
تصف الأديبة كلاديس مطر في كتابها تأخير الغروب العقل النسوي العربي بالبرمائي الصبور لكنه خائف حتى من التعبير عن نفسه، ولأنه خائف دون أن يعرف مبررات هذا الخوف فهو عاجز عن الإقدام وممتنع عما لا يعرف نتائجه كدفاع قسري، وتحدد خمسة مخاوف رغم اعترافها بوجود أكثر من هذه المخاوف.
الخوف الأول: هو الخوف من الوحدة، فالأنثى تخاف أن تكون وحيدة بدون زواج أو عاقر بدون أطفال، أو مطلقة أو أرملة أو كبيرة في السن أو ليست جميلة، كما تخاف الإقصاء إن أعلنت الحب أو المبادرة فيه، وأكثر ما يخيفها كبر السن في مجتمعات تقيس قبولها بإمكانياتها الخارجية من جمال الوجه والجسد.. ولا شك في أن الكبت والقمع ساهم بقوة في خلق هذا الخوف.
الخوف الثاني: وهو الخوف من الوأد رغم قضاء الإسلام عليه بمعناه المادي، لكنه ظل وأداً معنوياً تمارسه المجتمعات حتى الغربية في قرون ماضية، والوأد المعنوي أقسى من وأد جسد الأنثى في التراب فهو حياة بلا كرامة، لأنها مجردة من الحقوق أو معطاة إليها وفق مزاجية الأعراف.
الخوف الثالث: وهو الخوف من الحرية في مجتمعات عربية لم تحدد بعد أن الحرية مسؤولية، فالأنثى المعنّفة مثلاً تخاف أن تكون حرة وتقبل العنف على الخوف من الوحدة أو الحرية اللا مسؤولة.
الخوف الرابع: وهو الخوف من الفرح أو المتعة أو الإقدام على السعادة فهو من المخاوف الغريبة بعض الشيء لكنه حقيقي.. فالمرأة تتجنب المتعة وتفشل في الحصول عليها بل إنها ترفضها متى قدمت إليها إذا لم تكن من ضمن المتع الخاصة التي يسمح بها الدين والمجتمع، ولذلك فالأنثى محرومة من الفرح اللا مشروط.
الخوف الخامس: الخوف من المسؤولية فهي دائماً في ذهنية المجتمع، كما المرء في المقعد الخلفي من السيارة لا تستحق المسؤولية، وعليها حتى حين تسير في الطريق ألا تستبق الرجل فتضيع.
ثم ماذا تفعل الأنثى حتى تكسر طوق الخوف؟.. إن عليها أن تحرر عقلها من مخاوفه، وأن تعي أن الحرية لا تعني محاربة الرجل أو المجتمع، إنما تكمن في المسؤولية بالوعي الذاتي والعمل على إعادة تشكيل المرأة لعقلها بدءاً من تغييرها الصورة النمطية تجاهه وتجاه نفسها، ثم تغيير تلك الصورة الذكورية الموجودة في المجتمع تجاه عقلها ونتاجه.