لا شك أن الحياة المدنية وحياة الرفاهية التي يعيشها سكان المملكة العربية السعودية بشكل خاص, وسكان دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وفرت لنا سبل الراحة والتكيف النفسي من خلال وسائلها وأدواتها التي أدت مع بالغ الأسف إلى قلة الحركة وضعف النشاط البدني، مثل ذلك الذي كان يمارسه الآباء والأجداد قبل عدة عقود من الزمان في بلادنا.
وتمثّل ذلك في قيامهم بنشاطات حركية في (مزارعهم، أسواقهم، وأثناء رعي مواشيهم) وغيرها.. كل هذه الجهود أسهمت في حمايتهم من الكثير من أمراض العصر التي أجهدت وأرهقت بقوة جيوب الكثير من أبناء هذا الوطن, بل وأصبحت تُشكّل عبئاً على ميزانية الدولة لمعالجة الكثير من أمراض العصر الحديث في ظل تدني مرتبات الموظفين وعدم مواكبتها للتغيرات الاقتصادية التي نتج عنها ارتفاع أسعار معظم السلع.
من هذا المنطلقات أرى أن تطبيق نظام التأمين الصحي أصبح ضرورة ملحة للغاية، لكي يسهم في توفير الرعاية الطبية للمواطنين وحماية جيوبهم من الاستنزاف المادي من قبل المستشفيات الخاصة التي تبالغ في أسعار الخدمات الطبية التي تقدمها, مقابل ما تستقطعه من جيوب المواطنين، ولم يحدث ذلك إلا نتيجة للواقع المرير لوضع المستشفيات الحكومية التي لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها الكاملة في معالجة المرضى, نظراً لقلة إمكانياتها من الكوادر والمنشآت الصحية في ظل تزايد الطلب الاجتماعي على الخدمات الصحية.
ومن هنا يمكن القول بأنه لا بد من إقرار التأمين الصحي من قبل الجهات المختصة, وأن تتكفل كل مؤسسة حكومية بالتأمين على منسوبيها حتى يتحقق الرضا الوظيفي.
أما من ليس لديه وظيفة فيحصل على تأمين صحي من قِبل وزارة الشؤون الاجتماعية لحين حصوله على عمل، مع ضرورة فتح مجال الاستثمار أمام الجهات الطبية الخارجية, والاستفادة من خبراتهم في مجال العلاج والتدريب والتوظيف من ناحية، ومن ناحية أخرى توفير خدمات طبية راقية تليق بالموطنين.. كما يتوجب على وزارة الصحة متابعة المستشفيات الخاصة والتركيز على ضمان توفر الجودة الطبية في الخدمات التي تقدمها تلك المستشفيات, والحد من الأخطاء الطبية ومراقبة الأسعار غير الواقعية والمتزايدة بين فترة وأخرى، حتى يشعر المواطن بالاطمئنان, ويعرف أن هناك جهات رقابية تضمن حقه وتحافظ أيضاً على صحته.