الحمد لله والصلاة والسَّلام على نبيَّنا محمد وآله وصحبه أما بعد:
فلقد كتب الله على الناس جميعًا الموت يقول الله عزَّ وجلَّ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} آل عمران 185، ويقول عزَّ وجلَّ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أجل فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَآخرون سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف، والمؤمنون هم الذين يدركون أهمية الصبر على الأحزان والمصائب ويعلمون أن الإيمان بقضاء الله وقدره من مسلمات الإيمان ولوازمه، وقد وعد الله الصابرين الراضين بقضاء الله وقدره بالأجر الكبير يقول الله عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ إذا إصابتهم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156، وبالأمس القريب افتقدنا عالمًا جليلاً من علمائنا الأفاضل وممن عرف بالورع والتواضع وحسن الأخلاق صاحب عفة ونزاهة وسمت وأدب جمٍّ يكره النميمة ويمقت أصحابها ويكره الغيبة ويحذّر منها مجالسه تذكر بأدب العلماء وشرف العلم والصدق في القول ومأثور الحكم، إنّه معالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء وممن عمل في مجالات عدَّة ومنها عمله لفترة من الفترات رئيسًا لتعليم البنات ولقد صحبنا معاليه منذ عمله في تعليم البنات واستمرت العلاقة مع معاليه متجدِّدة لم تنقطع ولم تتغيَّر، بل كانت تزداد رسوخًا؛ لأنّها علاقة محبة لله عزَّ وجلَّ، مبنية على الصدق والاستفادة في المجالات العلميَّة وخالية من كل المصالح الدنيوية، فأحسن الله عزاءنا بفقده وعزاء أبنائه وبناته وأقاربه وأسكنه فسيح جنَّاته وجعل قبره عليه روضة من رياض الجنَّة. لقد فقدنا بغيابه منذ مرضه -رحمه الله- عالمًا يختزن في ذاكرته، علمًا غزيرًا وذكريات فيها فوائد لعلماء عاصرهم على رأسهم سماحة مفتي المملكة في ذلك الوقت ورئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- وسماحة من أتى بعده الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وكوكبة من علماء وقتهم -رحمهم الله- وما تختزنه ذاكرته عن الأفعال المجيدة لولاة الأمر -رحمهم الله- الملك عبد العزيز -رحمه الله- والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد -رحمهم الله جميعًا- وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -أمد الله في عمره ووفقه لكل خير- أن معالي الشيخ راشد هو ذلك العالم الأديب الذي صدر له ديوان شعري أودع فيه مجموعة من قصائده التي باحت بها أريحيته في مناسبات مُتعدِّدة تدل دلالة واضحة على ما يحمله هذا العالم من حب لوطه وولاة أمره وإخوانه العلماء ولمن كان يعاشرهم من إخوانه من أبناء هذا الوطن الغالي. فرحم الله الشيخ راشد الذي امتلأ قلبه بعاطفة جياشة لما يحدث في الحياة من مناسبات ولما يمرّ عليه من أحداث أو على غيره من محبيه ومشاركته لهم بما يناسبها بقصيدة شعرية أو كلمة نثرية يرسلها تطيّبًا لخاطر من يراسله أو يتحدث عنه مما أكسبه محبة الجميع وحزنهم على فراقه ولا نقول إلا ما أمرنا الله به من الصبر والحمد لله على قضائه، قال تعالى: {الَّذِينَ إذا إصابتهم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156، وعزاؤنا لكل من عرفه من محبيه ولأبنائه وبناته وأقاربه.