عند قراءتي للرسالة عبر الجوال والتأكد من فحواها، أصبت حينها بارتعاشة ذهنية أريد أن أتأكد منها جيداً؛ لأنها أتت من صاحب الرقم نفسه بأنه انتقل إلى رحمة الله وسيصلى عليه غداً، لقد صدمت بالخبر ولم أتوقع أن يأتي مثل ذلك الخبر عبر صاحب الجوال نفسه إنه صديقي الأستاذ: فهد بن حمد الشدّي - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - وعلمت بعدها أن الذي قام بإرسالها من رقم هاتف الفقيد لي ولغيري من الأصدقاء أخوه المربي الفاضل الأستاذ أحمد بن حمد الشدي - وفقه الله - فالأستاذ فهد - رحمه الله - منذ أن عرفته تعرّفت على التفاؤل أكثر، وأيقنت أنه من الصفات الكريمة التي تعبر عن التوكّل على الله قال تعالى: « إن الله يحب المتوكلين « سورة آل عمران آية 159.
لقد أعادني الشعور بالذاكرة إلى أيام الدراسة الجامعية، حيث كنا ندرس سوياً فهي من أحلى الذكريات الجميلة التي عشناها مع أناس لم ننقطع عنهم بل نتذكرهم دوماً بالمواقف الطيبة ونتواصل معهم بالتهاني وبالأعياد وبشهر رمضان الكريم.
لقد كان الأستاذ فهد الشدّي - رحمه الله - من الأصدقاء المخلصين فهو صاحب ابتسامة دائمة لا تفارقه، وحتى عند التواصل لا يفوته أن يذكر أحد المواقف الطريفة، وكان يثني على زملاء الدراسة ويصفهم بالمرحين لأنه لا يسره أن يرى أحدا عبوس الوجه أو متضايقا أو مهموما من الامتحانات أو متطلبات الحياة الدنيا وما يقابلها من صعاب تجده يتحدث بالأمل والتفاؤل الجميل ويبسط المواقف بالابتسامة، وأتذكر أنه كان يقول لي متى تأتي إلى الرياض وتسكن بالقرب منا، إن حُسن الظن بالله هو قمّة التفاؤل لأنه يربط الفاني بالحي الباقي، الإنس والجن يموتون والله حي لا يموت فسبحان الله رب العالمين، لقد كان - رحمه الله - إنسانا غير ذي سوء، بل كان متواضعا لدرجة البساطة وذا خلق يحب الفأل الطيّب حتى في أحلك الظروف.
رحم الله الأستاذ فهد بن حمد الشدّي وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.. {إنّا لله وإنّا إليه راجعون}.