عالم الإنترنت هو عالم ساحر، جذب مختلف الفئات العمرية، فجعلهم يقفزون من بوتقتهم لاكتشاف ذلك العالم الجميل، الذي أرخى وعيهم، وأعاد بناء هيكلهم.
ما هو هذا العالم؟ وما هي فنونه؟ وما قوة سحره؟ تلك الأسئلة تدور بخلجاتنا، ليس لرفضنا له، ولكن لاصطدامنا بالانفتاح الذي شرع لنا أبوابه على أوسعها، فنقلنا من شاطئه إلى أعماق بحره فبهرنا بمرجانه وأصبحنا نجمع محاراته للبحث عن درره وداناته فهو عالم له إيجابياته وسلبياته.
عندما أبحرنا في عالم النت، اتخذنا من التويتر والفيسبوك والأنستقرام سفنا نكتشف بها مرافئه، أصبح سحر الاكتشاف والبحث والتنقيب عن كل جديد هو ديدن كل منا، فكل من يريد الإبحار لا بد من أن يحدد هويته بمعرفه الخاص، ومن ثم ينطلق، فينثر ما تجود به قريحته ونوابعه، ولكن للأسف لا توجد ضوابط ولا حدود لذلك العالم، فالكل أخذ يرمي ما تصل يده إليه، فكل شعور ينطقه وكل معلومة ينثرها وكل طريقة يصفها وكل فكرة يرسمها، بلا فرز ولا تنقيح، وأصبح مجالا خصبا لمد خطوط التواصل إما للمتاجرة أو لاكتساب المعرفة والمهارة أو للدعاية والإعلان وغيرها الكثير من الحاجات لذلك التواصل، فعندما احتاج لقياس موضوع ما أو معرفة معلومة ما بهدف فحص مدى معرفة الناس بهذا الموضوع، احتاج فقط لرمي ذلك الخطاف المسمى بالهاشتاق في ذلك المحيط الواسع وسيعمل على جذب كل من له علاقة به ويتم التفاعل حسب مراد ذلك الهاشتاق، أما أن يكون المراد منها اكتشاف مدى معرفة الناس بمفهوم جديد، أو لاكتشاف مدى تفاعلهم مع موضوع معين أو لقياس مدى حاجة الناس لشيء ما أو لمعرفة مدى ثقافتهم في جانب من الجوانب أو لرمي عنوان سيأخذ مجراه لجذب كل ما يخصه لينتهي بكتاب يحمل من ذلك الهاشتاق عنوانا له، فدرر النت لا تنتهي، فهو بحر مليء بصنوف المحار والمرجان والكل يغوص ليملأ جعبته مما لذ وطاب منه.
لذلك ظهرت لنا فئات (كيف أبدأ) بدأت تتعلم السباحة في ذلك العالم، فجعلته متنفسا لآهاتها وصرخاتها وأنينها وآرائها، وكل ما يدور بخلدها، فهي تبحث عن لغة لذلك العالم.
وفي المقابل، هناك فئات (أنا مستعد لإنجاز المهام الصعبة) تجاوزت تلك المرحلة، لاتسامها بالصبغة التقنية والثقافية، وبدأت بالغوص في بحره، وأخرجت كنوزه ودرره، وأظهرتها على السطح، لينتفع بها الغير، فهي تحمل على عاتقها- حب لأخيك ما تحب لنفسك.
أما الفئات (أنا مستعد للقيادة) التي حملت هم الأمة، وسعت في ارتياد قيادتها، وأمسكت دفتها، لإعادة التركيب العميق لها، فجعلت جل أولوياتها توجيه سفينة هذا العالم، لئلا يغرق في محيط الحياة، فاستخدمت لذلك اللغة التدقيقية، أو اللغة العليا (لغة ميتا)، للتعرف على ما وراء الكلمات، وبذلك يعيد الإنسان إلى عقله الواعي...
فنحن نعيش في مجتمع تميز بأطره ورموزه...
فما أجمل أن تكون في حياتك منتقياً.