لا شك في أن أحد أهم الأمور التي يجهلها أو يتجاهلها بعض الناس هي ثقافة التقييم، سواء للمنشأة أو للمواقع الإلكترونية أو تطبيقات الجوال؛ إذ ترى معظم الشركات والمؤسسات هذه الطريقة فريدة في قياس مدى نجاحها ورضا الطرف الآخر عن أدائها. فمزود الخدمة يستطيع معرفة أداء موظفيه أو ما يقدمونه من خدمة للغير باعتبار أن الإنسان قد لا يرى أخطاءه في بعض الأحيان، وفي الوقت نفسه هي ليست بالشمس المشرقة والعين الساهرة في كل مكان وزمان؛ فهناك أمور وأحداث قد لا تقاس إلا من خلال رأي الجانب الآخر، أي مستقبِل الخدمة.
وقد نلاحظ كثيراً أن من يقوم بكتابة نص ما قد لا يلاحظ أخطاءه اللغوية والإملائية إلا عن طريق مراجعتها من قِبل شخص آخر؛ ولهذا فإن كثيراً من الناس قد يتجاهل تقييم الخدمة في بعض الأماكن، كالمطاعم مثلاً، أو تقييم بعض البرامج على الإنترنت، ظناً منه أنها وُضعت دون هدف، أو لإعطاء صورة عالية المستوى عن المكان.
إن تقييم الخدمة له دور كبير لكلا الطرفين، فالمنشأة لا ترضى أن تمس سمعتها بسوء من أي شخص كان، ولها أن تعرف كل ما يدور بداخلها، سواء من تقصير العاملين أو عدم رضا المستفيدين من الخدمة لأي سبب من الأسباب، فسمعتها هي أساس نجاحها. وفي ذلك دلالة الناس على ما هو أفضل وأجود في تقديم الخدمة، ومنها الإشارة بعدد النجوم، فكلما زادت دلت على إيجابية المكان والفائدة المرجوة منه. ومن ذلك ما نراه في الإنترنت من عدد مرات التفضيل، وكذلك ما يوزع في المطاعم لتقييم الأداء وطرح الملاحظات، وفي بعض الأماكن نرى تخصيص رقم هاتف بشكل بارز في حال وجود مشكلة أو اقتراح. وقد استوقفتني عبارة قرأتها في أحد الفنادق «إن أرضيناك فتحدث عنا، وإن لم نرضك فتحدث إلينا».
كل ذلك من منطلق احترام الرأي الآخر، وإيجاد قنوات إيجابية للتواصل بين الرأي والرأي الآخر بطريقة حضارية، تكفل تقديم الخدمة بالشكل المطلوب وعلى أكمل وجه.
ومن هنا، وحرصاً من المنشأة على سمعتها، ففي أغلب الأحيان لا يتجاوز الوقت الزمني للرد على هذه المشكلة وحلها أكثر من ثمانٍ وأربعين ساعة؛ إذ تسعى المنشأة لحل المشكلة، والأخذ بالملاحظات على الوجه الذي يُرضي الطرفين؛ ما يزيد من تقدير وثقة العميل بها، ويعكس سمعة أفضل من ذي قبل.
فلو أخذنا على سبيل المثال إحدى أكبر الشركات على الإنترنت، وهي اليوتيوب، سنجد أنها تولي مثل ذلك اهتماماً كبيراً، فبإمكانك التقييم والتعليق على محتوى المقطع، بل المساهمة في إزالة المقطع في حال ثبوت إساءة المحتوى للغير.
وفي المقابل، قد يشكك البعض في جدية الآخرين، وأنهم قد لا يعكسون الواقع الصحيح، بل يختلقون بعض المواقف التي لم تحصل.. لكن ما نسبة أولئك مقارنة بغيرهم؟ ثم إن ذلك في الغالب لا ينطوي على الكثير من المنشآت؛ ولذلك فإن هذه الثقافة البناءة في المجتمع لا بد أن تفعَّل بالشكل المطلوب؛ إذ إنها تخدم الصالح العام للفرد والمجتمع على حدٍّ سواء.