ديننا العظيم الإسلام يحض على عفة اللسان، ويوصي على طهره وإبعاده عن قبيح القول، وفاحش الكلام، وسيئ الألفاظ، مع الناس، قال الله تعالى في كتابه: «وقولوا للناس حسنا»، ونبّه إلى ضرورة الحيطة والحذر فيما يصدر من الشخص، من أقوال قد لا يحسب عواقبها، وأن عليه حينما يتحدث، أن يتحدث بميزان من الاعتدال والاتزان، دون أن يقع في خطأ يؤذي به غيره، ويسقطه من أعين الناس، ولا سيما أن كل كلمة تصدر منه ستكون محسوبة له أو عليه، وجلَّ من قائل «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد».
والبذاءة في الكلام، غير مقبولة، من أي شخص كان، وليست من خلق المسلم، ولامن رجاحة العقل، وينسب لعلي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - قوله « المرء مخبوء تحت لسانه «. وإن من الذكاء الاجتماعي، حسن اختيار الشخص لتعابيره وألفاظه حينما يريد التعبير عن موقف ما , سواء كان الموقف الذي يريد التعبير عنه إيجابيا، أو سلبيا، فأحيانا قد يكون الشخص وهو في موقع مسؤول إزاء موقف غير سار من وجهة نظره، في قمة انفعاله وغضبه، وعندما يريد التعبير عن ذلك الموقف بصورة احتجاجية، يخرج تعبيره جارحا، وبدلا من أن يكسب تعاطف الناس ووقوفهم إلى جانبه في الاحتجاج على الموقف الذي أبداه، يجد ردة فعل عكسية، لأنه عبرّ بصورة فجّة، واختار من الكلمات أسوأها، وشطح إلى لغة لا تليق به ولا بمن سمعها منه، ولا بالمكان والمجلس الذي يكون قد تحدث فيه، وكان يمكنه الارتقاء بالكلمات، حتى وهو يعبّر بغضب، وكان يمكنه الاحتجاج بصورة تعكس أدبه، وتربيته، ومدى ما يحمله من علم ومعرفة، وموقع المسؤولية الذي يشغله، بما يعكس قدرته على ضبط انفعالاته، وحكمته في عدم إثارة الناس، وإيجاد ردود أفعال، وما أصدق القائل:
وزِنِ الكلام إذا نطقت فإنه
يبدي عيوب ذوي الكلام المنطقُ