ابتلي الشعب السوري الشقيق بنوع من الحكم فريد بامتياز في همجيته ودمويته، لا يعرف سوى لغة الحديد والنار والسجون والمعتقلات والقهر والظلم وامتهان كرامة الآدميين، بات الخلاص من ذلك النظام وشيكاً بعد مخاض عسير مروع دفع ثمنه الباهظ مختلف أطياف الشعب السوري بكل فئاته.آلام الجراح العميقة وطول المعاناة الرهيبة من المؤمل - بإذن الله تعالى - أن يحولها الشعب السوري العظيم من نقمة إلى نعمة، لتكون وقوداً حيوياً يغذي به سياسة الإخاء والتعاون والعدالة والدولة المدنية البعيدة عن الأدلجة والتطرف أياً كان توجهها يمينياً دينياً أم إلحادياً يسارياً.أكثر ما يحتاجه الشعب السوري الشقيق في المرحلة القادمة هو التسامي فوق الذات والانهماك في الحاضر والتطلع إلى المستقبل، وتناسي الماضي الأليم، والحذر كل الحذر من ترويج ثقافة الانتقام تحت أي شعار! ليس ذلك من أجل حماية بقايا فلول النظام الآثمة التي أجرمت في حق الشعب السوري، وإنما خوفاً على مستقبل هذا الشعب الأبي من الانزلاق في دوامات العنف التي يجلبها ذلك النوع من الثقافة، فقد حدثت في بلدان أخرى مجاورة جعلت البعض يترحم على عصور الظلام البائدة.إن العفو والصفح لهو أكثر متعة للنفس البشرية من الانتقام وألذ لها منه وأكثر عزاءً وتسلية، وهما من أهم متطلبات المرحلة القادمة بهما يبنى أمل كبير لمستقبل مشرق لبلاد الشام الحبيبة ولشعبها النبيل، ذاك الأمل الذي حطمه طغاة دمشق منذ واحد وخمسين عاماً.