قلتها من قبل وأكررها اليوم؛ بأن ما نشهده من تعصب في مدرجات الجماهير الرياضية، ليس إلا انعكاسا للتعصب الرياضي الذي يطفو على كلمات رؤساء الأندية وأعضاء شرفها، وتصريحاتهم الدائمة التي تلهب مشاعر الدهماء من أنصار فرقهم الرياضية، وحينما نشاهد عشرات الأشخاص من جماهير الكرة، ومن أعمار متفاوتة، يصطفون خلف ضيوف القنوات الرياضية من الشخصيات الرياضية، وهم يرسمون علامات التحدي، ويضعون أصابع أيديهم فوق أنوفهم، معبرين بحركة ليس موقعها ساحات الرياضة وميادينها، أنهم أخذوا البطولة، أو حققوا الفوز، رغم أنوف خصومهم من الأندية الرياضية المنافسة، بطولة «من فوق خشمك» أو «غصب عن أنفك»!! فمن يعنون؟ ولماذا يعمدون للتعبير بهذه الحركة التي لاتعكس الروح الرياضية، ولا أخلاقيات الفرسان حين ينتصرون في منافساتهم؟ وماذا أبقوا من تعبيرات أخرى تفوق هذه الحركة للآخرين، ليرسلوا رسائل التحدي المشحون بآفة التعصب الرياضي، لخصوم ناديهم؟
أعتقدُ أن ما أوصل هذه الجماهير الرياضية إلى ما وصلوا إليه من التعصب الرياضي الممقوت؛ والاحتقان والانفعال؛ إلا تصريحات مسؤولي الأندية، فمن قول بعضهم نتحدي العام المقبل، إلى تصريحات مستفزة لآخرين كقولهم مباراة أفلام هندية، إلى تعابير تقطر تعصبا، مضامينها، استصغار الفرق المنافسة، واستحقارها، والتقليل من منجزها، وكأنها ليست من أندية الوطن، أو كأن لاعبيها ليسوا هم لاعبون يمثلون منتخبات الوطن، أن الهدف السامي والكبير من التنافس في ميادين الرياضة، هو إيجاد منافسات نظيفة، شريفة بين الأندية الرياضية، وإيجاد تودد وألفة بين اللاعبين، وإرساء لسيادة روح الجماعة، والمصلحة العامة، وأن غاية المنافسات الرياضية، والمسابقات الكروية، تتجاوز تحقيق الفوز والخسارة، إلى ما هو اكبر من قولهم أو تعبيراتهم «من فوق خشمك» والتي لا تزيد إلا نفورا وتباغضا وكراهية، وبثا لروح العنصرية، بدلا من بث روح المحبة والتسامح، وما أجمل ما تعلمانه ونحن صغار في ملاعب الحارات، ما كان يردده مدرسونّا على أسماعنا ونحن بين أيديهم في أفنية المدرسة من شعار لم يبرح أسماعنا «ابتسم عند الخسارة، وتواضع عند النصر» فما أحرانا أن نتمثل القيم الدينية، من مُثل وأخلاقيات ومبادئ في منافسات الرياضة، وأن نجعلها في المقام الأول عند الفوز، وعند الخسارة، وأن نجعل من الرياضة وسيلة للتقارب والمحبة، فالأندية الرياضية ولاعبوها، هم أبناء الوطن الواحد الذي ننتمي إليه.