انعقدت الجلسة الرابعة من جلسات ندوة تطور العلوم الفقهية في العاصمة العمانية مسقط والتي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وكانت حول فقه العدل في الإسلام، وتم تقديم ثلاث أوراق بحثية. جاءت الورقة البحثية الأولى حول العدالة الإجرائية في الفقه الإسلامي لتكمل سابقتها، وقد رسم صاحبها الدكتور أحمد عوض عبد المجيد هندي أفكار بحثه التي شملت جوانب المفاهيم المتعلقة بالبحث معرجاً على ذكر الظلم وأثره في واقع الأمم، كما أنه أسهب في ذكر أن مهمة تحقيق العدل موكولة للقضاء مبيناً أن غياب العدل نذير شؤم في الواقع.
وقد طرق البحث الأمور التي يتحقّق بها العدل في القضاء.
وفي الورقة البحثية الثانية حمل زمامها الأستاذ الدكتور سعيد بن سعيد العلوي، وكانت بعنوان «مفهوم العدل في الاتجاه الإصلاحي العربي الحديث»، كانت محاورها تدور حول الصورة التي يحلم بها مفهوم العدل، على أن هنالك مباحث كلامية يدور حولها هذا المفهوم، لكنه في الفكر الحديث دار حول المسائل الإصلاحية.
إضافة إلى ما سبق فقد تطرق لذكر الموقف من الغرب الأوربي فقد ظهرت فيه فكرة الاحتساب، وإن أردنا الرجوع للعهد الزاهر فلابد من إعادة مبدأ العدل في الواقع.
أما الورقة الثالثة والأخيرة من أوراق هذه الجلسة حول تأثير الفقه الإسلامي على القانون الإنجليزي للأستاذ الدكتور محمد يحيى مطر، وذكر في مطلع بحثه بعض الصعوبات التي تواجهها المحاكم الإنجليزية في التعرف على الأحكام الإسلامية.
وعرج على ذكر بعض المقاربات بين الفقه الإسلامي والقانون الإنجليزي كالقواعد الكلية والأحكام القانونية والعدالة الإجرائية والمنهجية والاستنباط.
الجلسة الخامسة
جاءت إثر ذلك الجلسة الخامسة والتي دارت بحوثها حول فقه حقوق الإنسان في الإسلام، وقد طرحت فيها ثلاثة بحوث، وقدم الورقة البحثية الأولى الدكتور سيف بن سالم الهادي وكانت بعنوان: «الإنسان وحقوقه في القرآن الكريم»، بدأ ببيان أن القرآن الكريم مصدر خصب لذكر حقوق الإنسان، ولذلك اعتمد الباحث على القرآن اعتماداً كلياً بعد أن نظر في مواثيق حقوق الإنسان، وإن كان ثمة قصور في التطبيق فذلك يعود إلى تباطؤ المسلمين في إنزال القرآن إلى الواقع وتطرق لذكر بعض الأمثلة التي تبين مراعاة حقوق الوطن وحقوق الأوطان التي ينتقل إليها، وهذا ما فصلته قصة يوسف وقصة ذي القرنين فسورة يوسف من سور القرآن التي تستخرج منها هذه الحقوق، وكذلك قصة ذي القرنين تعلمنا أن نقدم هذه الحقوق للناس دون أن ننتظر منهم نفعاً مادياً ولا معنوياً.
وأشار إلى قضيتين:
الأولى: الاسترقاق وذكر أنه ظاهرة قديمة جاء الإسلام ليقضي عليها بطرق عادلة، ويرى الباحث أن الاسترقاق قد انتهى في عهد الخلافة الراشدة ولكن بقي بعد ذلك بسبب طمع الأثرياء والملوك.
الثانية: حقوق المرأة وذكر أن الناظر في القرآن الكريم يجد المرأة متساوية في الحقوق مع الرجل ويرى أن السبب الذي جعل بعض الكاتبين يعتقدون عكس ذلك هو أنهم جعلوا المواثيق الدولية هي الأصل والمرجع واعتبروا كل ما خالفها خطأ.
وجاءت الورقة الثانية بعنوان «الإنسان وحقوقه في السنَّة النبوية» للباحث جمعة بن خلفان البطراني وقسم بحثه إلى قسمين:
الأول: ذكر فيه التعريف بمصطلحات عنوان البحث.
الثاني: الحقوق الواردة في السنّة النبوية.
وأشار إلى أن قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا التي تشغل العالم اليوم وقد اتخذتها بعض الدول ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وركز في بحثه على الأحاديث التي تتحدث عن حقوق الإنسان بشكل مباشر وخاص.
وقسم الحقوق الواردة في السنة إلى حقوق عامة وخاصة ومثل لكل منهما بعدة أمثلة.
ثم جاءت الورقة الثالثة بعنوان «حقوق المحاربين من خلال كتاب المحاربة للشيخ بشير بن محمد بن محبوب الرحيلي» للشيخ إبراهيم بن ناصر الصوافي.
وأوضح أن الإسلام قد اهتم بحقوق الإنسان والمحافظة عليها في كل الأحوال حتى في حالة الحرب.
وأضاف أن الإسلام إنما شرع القتال لدفع العدوان وإزالة الموانع التي تحول دون وصول الحق للآخرين، كما أفاض في مدلول قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا..)، ثم تطرق للتعريف بالكتاب وصاحبه مبيناً أن صاحب الكتاب ينحدر من أسرة علمية وأن الكتاب مهم لكونه قديماً ومليئاً بالتأصيل الشرعي.
وذكر أن المؤلف يرى رأي أبي سعيد وابن محبوب أن العقل يحكم ما لم ترد حجة الشرع خلافاً لجمهور المذهب، إضافة إلى أن المؤلف تعرض لتفصيل أحكام قتال أهل البغي.
الجلسة السادسة
جاءت إثر ذلك الجلسة السادسة لتكمل مسيرة الجلسة السابقة حول فقه حقوق الإنسان في الإسلام، وقد طرحت فيها ثلاثة بحوث،
كانت الورقة البحثية الأولى للدكتور عبدالرزاق قسوم وقد كانت بعنوان: «القواعد الفقهية وحقوق الإنسان»، بدأ ببيان مجموعة من الخصائص التي تبين المنهج السليم للحديث عن حقوق الإنسان.
وختم بالقول بضرورة التعاون بين الحاكم والمحكوم في ترسيخ مبادئ العدل.
وقدم الورقة الثانية الأستاذ الدكتور باحمد أرفيس حول «حقوق الإنسان في الغذاء السليم»، بدأ بالتنبيه إلى أن علماء اليوم جاؤوا ليؤكدوا ضرورة إفراغ الحيوان من دمه ليكون صالحاً، وقد أكد الباحث أن الالتزام بالأحكام الشرعية المتعلقة بالأطعمة سواء من قبل الأفراد أو الحكومات أول ما ينبغي لضمان سلامة صحة الإنسان.
وقدم الأستاذ الدكتور عبدالستار أبو غدة، الورقة الأخيرة في الجلسة الثانية حول فقه السنّة وحماية العقل في الإسلام، ذكر في مطلعها أن حماية العقل متأصلة في القرآن الكريم وجاءت السنّة شارحة ومبينة لهذا المدلول، معرجاً على مدلول العقل ومكانته ومكانه من جسم الإنسان.
كما أنه أشار في بحثه إلى أن حفظ العقل من مقاصد الشريعة السمحة، وقد جاءت التشريعات لحفظه كالتنبيه على ضرر التنجيم والتمائم التي كانت من خلفيات الجاهلية.
وقد ختم ورقته بذكر حماية السنة للعقل من خلال تحريم السكر والمخدرات.