غادرت دنيانا الشابة المرحومة -بإذن الله تعالى- ماريا أحمد القاضي، ذات الاثنين وعشرين ربيعا، وهي تخضع للعلاج خارج المملكة من مرض عضال عانت منه كثيراً، غادرت الشابة ماريا القاضي -رحمها الله- الدنيا وهي التي عاشت في كنف أسرة مباركة، وقد درجت الفتاة وأسرتها على حب الخير وفعل المعروف وكانت لها وأسرتها مواقف كثيرة في ميادين العمل المثمر البناء، لقد عرفت أسرة القاضي والزامل (أخوال الفقيدة) عن قرب وتشرفت معرفتي بهم، إنهما أسرتان عريقتان كبيرتان في مجتمع عنيزة والرياض والدمام، وقد خرجت الأسرتان رجالا من طلبة العلم الشرعي وأهل الفتوى ورجال الاقتصاد والمال، ممن يفخر بهم المجتمع، ولهذا فلا غرابة أن تكون هذه الشابة التقية -رحمها الله- من سلالة هذه الأسرة الكريمة، وقد ودعت الحياة بعد رحلة علاجية مرت بمراحل وأطوار كثيرة، والجميع هنا وهناك يرفعون أكف الضراعة للبارئ جلت قدرته أن يجعل ما أصابها تكفيرا لسيئاتها وتطهيرا لها من الذنوب والخطايا، ولا شك أن والديها وأسرتها قد استقبلوا مصابهم بالصبر والتجلد لإيمانهم الكبير بالقدر خيره وشره وهو الذي كتبه الله تعالي للجميع لقوله سبحانه وتعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ويقول البارئ عزَّ وجلَّ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
أيتها الفقيدة:
تودعك كل الأحبة، وتدمع على فراقك المآقي، وتحزن لوداعك القلوب، فكم كان فراقك خسارة، ووداعك صعبا وكبيرا، اللهم ألبس أهلك وأسرتك لباس الصبر والسلوان، وإني قائل لهم ما قاله الشاعر قطري بن الفجاءة:
فإنك لو أردت بقاء يوم
على الأجل الذي لك لن تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا
فما نيل الخلود بمستطاعي
رحم الله الفقيدة بواسع رحمته ورضوانه وأسكنها فسيح جناته وألهم أسرتها وذويها الصبر والسلوان، ولله ما أعطى ولله ما أخذ و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.