الجزيرة - وحدة التقارير والأبحاث الاقتصادية:
أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بإنشاء ثلاث جامعات في كل من محافظات حفرالباطن وبيشة وجدة.. لكي تنضم إلى أخواتها الـ 33 الأخرى .. وما لا يعرفه الكثيرون أن عدد الجامعات السعودية قد ارتفع وحقق قفزة خلال السنوات الأخيرة من عدد (8) جامعات إلى ما يناهز (34) جامعة حالياً، وقريباً سيصبح (37) بانضمام هذه الثلاثة الأخيرة .. بل إن هناك طابوراً تحت الترخيص والإنشاء ربما ينضم قريباً إلى هذه المسيرة الزاخرة للجامعات السعودية.
ينبغي معرفة أن إنشاء جامعة ليس مجرد إنشاء مبان خرسانية لتعليم وتلقين الطلاب، ولكنه إنشاء وصناعة للتنمية المستدامة بالمنطقة والمجتمع الإقليمي المحيط .. لذلك، فإن رؤية خادم الحرمين الشريفين لإنشاء جامعات إقليمية ونشرها في غالبية مدن المملكة تتجاوز مجرد تسهيل تعليم كل طلاب مدينة في مدينتهم إلى دعم وتنمية المعرفة والثقافة والأعمال بهذا المجتمع الإقليمي، بحيث يمكن صناعة أقطاب للمعرفة والتنمية تنطلق من كل مدينة بشكل مستقل.
المملكة تحتل مرتبة متقدمة في الانفاق على التعليم
يعد قطاع التعليم والتدريب أو تنمية الموارد البشرية عموماً من أعلى القطاعات التي تستحوذ على مخصصات الميزانية الحكومية .. حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن الإنفاق السعودي على التعليم يحتل مرتبة متقدمة عالمياً، حيث ناهز حوالي 1.1 تريليون ريال خلال العقد الأخير.. ويسجل معدلات نمو عالية من سنة إلى أخرى.. حيث ارتفعت مخصصات التعليم والتدريب من 50.0 مليار ريال في عام 2003 إلى 204 مليار ريال في عام 2013م، أي زاد بنسبة 308%.. وتركز المملكة خلال الآونة الأخيرة على التعليم العالي كأساس أنه يمثل البنية التحتية للتنمية المستدامة، ويبلغ الإنفاق على الجامعات والتعليم العالي وحده حوالي 17% من إجمالي إنفاق المملكة على التعليم عموماً.
قفزة في الجامعات في عهد الملك عبد الله
لقد شهد التعليم العالي في المملكة خلال الفترة منذ عام 2005م وحتى الآن ..وحيث أن التعليم العالي من أهم الدعائم المؤثرة تنموياً، فقد حظي بدعم سخي باعتمادات مالية ضخمة أسهمت في إنشاء العديد من الجامعات الجديدة، والكليات العلمية والتطبيقية، حتى بلغ عدد الجامعات الحكومية حالياً (25) جامعة حكومية و(29) جامعة وكلية أهلية، ونحو (9) كليات تابعة لجهات أخرى متنوعة.
ولقد جاء هذا التطور تلبية للطلب الكبير على التعليم العالي، فقد تضاعف عدد خريجي الثانوية العامة للسنوات العشر الماضية من 191.7 ألف خريج (بنين وبنات) في عام 1421-1422هـ إلى حوالي 467 ألف خريج في عام 32-1433هـ، أي نما بنسبة 143.0%، مما أحدث طلباً كبيراً على مؤسسات التعليم العالي لاستيعاب هذه المخرجات. وتشير البيانات الأولية لوزارة التعليم العالي إلى أن إجمالي عدد الطلاب والطالبات المسجلين في مؤسسات التعليم العالي السعودية بلغ خلال العام الدراسي 32-1433هـ حوالي 1.2 مليون طالب وطالبة.. وجدير بالملاحظة أن هذا العدد لم يكن يتجاوز نحو 525 ألف طالب وطالبة في عام 23-1424هـ، أي أنه سجل نمواً بمعدل يناهز 129% خلال السنوات العشر الأخيرة.
الجامعات والتنمية المستدامة
تلعب الجامعات دوراً جوهرياً ورئيساً في التنمية المستدامة لاقتصاديات الدولة بكافة أشكالها .. فهو المسار الأول لتنمية الأعمال وسد الفجوة في مستوى الخدمات العامة والتي لا يمكن ملؤها تحت أي ظروف مثالية، إلا من خلالها ..فهو المؤثر الأهم على المكون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بكل المجتمعات .. وما نراه اليوم من تميز عدد كبير من الجامعات في دول العالم المتقدم إنما هو ترجمة حقيقة لأثر تلك الجامعات في تنمية مجتمعاتها بصور شتى وضع تلك الدول على الخارطة العالمية .. وأثر وتداعيات الجامعة يتأتى من مصادر عديدة ومتنوعة، ليس فقط من جانب قيامها بالبحث العلمي، ولكن أيضاً من خلال منتجات الجامعة المتعددة، سواء التدريب أو التأهيل، أو المحاضرات المعرفية والثقافية، أو دورها في التبادل الثقافي والاقتصادي وإسهاماتها في إنشاء مراكز البحوث والدراسات وكراسي البحث العلمي وغيرها.
أيضاً تلعب الجامعات دوراً عملياً في التصدي لحلحلة المشكلات والتعقيدات التي تتسم بها التنمية المستدامة بالمجتمعات .. وتقوم الجامعات بإعداد خريجين ذوي مؤهلات عالية ومواطنين مسؤولين في وسعهم إشباع حاجات مجالات النشاط البشري .. كما تسهم في تعميق التدريس والبحوث فيما يتعلق بالعمليات المجتمعية التي تفضي إلى تبني نماذج حياتية أكثر استدامة والانصراف عن النماذج غير المستدامة، وسد الفجوة بين العلم والتعليم وبين المعارف التقليدية.