مسعود البرزاني لم يكن زعيماً وليد الصدفة، ولم يكن نتاج حزب عرقي أو طائفي، هو ابن الملا مصطفى البرزاني. والذين لا يعرفون من هو مصطفى البرزاني، فنشير إلى أنه زعيم قبيلة برزان، كبرى القبائل الكردية، وهو إلى جانب ذلك شيخ ديني وعائلته على رأس المشيخة الدينية التي لها مريدوها ومؤيدوها، ويتميز رجالها بارتداء العمة الحمراء، إذ كان يُعرف البرازنيون بهذه العمة التي أعطتهم تميزاً قبل أن يحصل الأكراد على الحكم الذاتي في إقليم كردستان، التي كانت وبالاً عليهم، فقد قُبض على ثمانية آلاف شاب من البرزانيين وأرسلوا إلى الصحراء في جنوب العراق ولم يُعرف عنهم بعد ذلك.
إذن مسعود البرزاني هو نتاج نضال أمة تمتد على طول خمس دول، هي: تركيا وسوريا والعراق وإيران والاتحاد السوفياتي سابقاً.
والذين عاصروا الثورة الكردية في بداية القرن التاسع عشر ومن ثم القرن العشرين حتى حصلوا على إقليم شبه مستقل بدأ من 2003 يعلمون أن ثورة الأكراد فجَّرها الملا مصطفى البرزاني، وحارب الدولة العراقية في زمــن الملكية، وبعد دحره من قبل الجيش العراقي لجأ إلى الاتحاد السوفياتي، وبعد ثورة 14 تموز 1958 عاد إلى العراق هو وجماعته، وبعد شهر عسل قصير اندلعت الثورة الكردية مرة أخرى في آخر عهد عبد الكريم قاسم، ثم تواصلت في عهود عبد السلام عارف وأخيه عبد الرحمن وأحمد حسن البكر.
وأثناء حكم البكر توصل صدام حسين إلى عقد اتفاق مع الأكراد تم بموجبه منحهم الحكم الذاتي الذي لم يُطبق وفق الرؤية الكردية، فاندلعت الثورة من جديد، وهذه المرة حصل الأكراد على دعم أمريكا التي حصنت إقليمهم الذي كان شبه مستقل عن الحكم المركزي في بغداد.
وبعد الغزو الأمريكي للعراق وتغير حكم صدام حسين حصل الأكراد على حكم شبه مستقل على إقليم كردستان الذي حدد بثلاث محافظات، هي: دهوك وأربيل والسليمانية، وأخيراً سميت حلبجة محافظة رابعة.
الإقليم نواة لدولة كردية لا يخفي الأكراد رغبتهم في إعلان استقلالها، ويظهر أن نوري المالكي الذي يدير العراق بدعم إيراني - أمريكي سيُعَجِّل بتحقيق الرغبة الكردية والأمريكية، إذ ستؤدي المتغيرات القادمة في المنطقة إلى ضم المناطق الكردية في سوريا وتركيا وحتى إيران لتكوين الدولة الكردية التي يعمل الأكراد على إقامتها من خلال قيادات واعية يساعدهم على ذلك التصرفات غير الواعية من قبل الحكام الطارئين الذين يديرون الحكم في بغداد.