إشارة لما نشرته الجزيرة الجريدة المفضلة بتاريخ 19 جمادى الأولى 1435هـ تحت عنوان (من الكعبة وإليها خالد الفيصل بين دمعة الوداع وابتسامة اللقاء) بقلم الأخ الأستاذ حمد القاضي، تحدث فيه عن كتاب ألفه صاحب السمو الأمير خالد الفيصل وفقه الله وعنوانه (من الكعبة وإليها) مشيراً إلى ما تضمنه الكتاب من نسجه لخطوات التنمية بخيوط محبته لها وإشعاعات أنوارها بقلبه (أما أنا فأضيف: وحقيقة أن الكعبة والحرم بأسره يأخذ بالألباب ويأسر القلوب ويربطها بعبادة الله الخالق، وبصفة عامة فالحرم المكي أصبح وأمسى يتمتع بمنظر بهيج لا يضاهيه منظر في أية بقعة من العالم من حيث مكانته وقداسته لدى العالم الإسلامي، ولا من حيث عدد مرتاديه من المسلمين إلى جانب الخدمات التي تقدم للطائفين والساعين؛ فالحركة فيه 24 ساعة لا تهدأ، فيه أصوات الطائفين ولا تخفت أنواره، ليله كنهاره، وعلى الرغم من كل هذا فالعمل جار فيه على قدم وساق، لا من حيث الإضافات ولا من حيث التجديد فالتوسعات مستمرة لا تكاد تتوقف، مشحون بذكر الذاكرين والمكبرين الله والمستغفرين، لا يكاد ينقطع الداخلون ولا ينقص مما فيه الخارجون، الله ما أعظمك من مكان طاهر، وما أجلك من إله قادر؛ فصوت مؤذنك ونبيك إبراهيم عليه السلام لا يزال يجلجل في أصقاع الكون: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} وقولك الحق وهو ما نادى به نبيك المصطفى محمد بن عبدالله:
{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} فاللهم أدم على هذا البيت العتيق الأمن والأمان..
تلك مقدمة للحديث عما لاحظته على الحرم المكي الشريف، ومما أرى أنه يجب تلافيه أو إضافته أو تعديله جازما أن رئاسة الحرمين الشريفين ويمثلها معالي رئيس الحرمين الشريفين الدكتور الشيخ عبدالرحمن السديس، والذي يرحب بسماع كل ما يهم الطائفين ويزدان به الحرمان الشريفان، أقول مستعينا برب العالمين: قدر لي أن زرت الحرم الشريف تلبية لقول رسولنا الكريم واصلو بين الحج والعمرة، وأثناء تأديتي العمرة بدت لي بعض الملاحظات التي أرى أنه من واجبي التذكير بها لما أرى فيها من منافع سواء للبيت العتيق أو لزواره الكرام، ومن ذلك:
إن ما أقيم من مشاريع لتوسعة المطاف حول الكعبة قد أضاع لذة مشاهدة الكعبة فبعد أن كان الواحد يجلس على أطراف المطاف ليمتع ناظريه بالكعبة المشرفة يراها من أية جانب من الحرم كاملة وبصورة جميلة صار اليوم يرى الكعبة مجزأة، وهذا لا شك إخلال بمشاهدتها لا سيما وأن المطاف الجديد اشتمل على أكثر من خمسين عمودا مما أوجد شيئاً من الزحام، وعند موسم الحج وعمرة رمضان ستخلق هذه الأعمدة زحاما شديدا، وكان بالإمكان استبداله بأربع عربات للتلفريك فقط يمكن أن تقام على ثمانية أعمدة فقط، ولا أحد يشعر بها أو بمضايقتها للطائفين، ولن تشغل مساحة كبيرة كما في الأعمدة الحالية إضافة إلى خطورة الدور الثاني من المطاف الجديد فيما لو حصل زحام وارتص الطائفون على أحد جوانبه الزجاجية مما قد يسبب كسر الزجاج وسقوط الطائفين، والحذر واجب علما أن الخطأ في الحرم الشريف لا يماثله آخر؛ لا من حيث الإنسانية ولا المسئولية ولا الإعلامية، وقد لا يغتفر، علما أن بعض من الزوار من ذوي الاحتياجات الخاصة يستصعب الصعود إليه، وها هم لا يزالون يضايقون الطائفين على الصحن، بل ويؤذون الطائفين بعرباتهم، وقد شاهدت عدداً منهم وأرشدتهم إلى المطاف الجديد، ولكن لا مجيب.
أما عن النظافة في الحرم فهي منقطعة النظير؛ فعمال النظافة كخلايا النحل؛ فهؤلاء مختصون بالسقيا وتوفير ماء الشرب فهذا ماء بارد وبجواره ماء عادي لتتناسب مع رغبات الطائفين والساعين، وأولئك ينظفون السجاد ومسح الأرض وهكذا، ولكن أخذ أحذية المعتمرين أثناء التنظيف ورميها خارج الحرم أجزم أنه ليس من المناسب؛ فالمفروض عند التنظيف ترفع تلك الأحذية ثم تعاد مكانها بعد اتمام عملية التنظيف رأفة بالناس، وأيم الله إن العمل بهذا الحرم لأمر مشرف، ولا ننسى أولئك الرجال جند الله حراس الحرم رجال الأمن والمفتشين والمفتشات ذوي العيون المفتوحة على كل ما يخل بأمن الحرم ونظافته وبالله التوفيق.