في هذا العصر عصر ثورة الاتِّصال الحديثة من توتير والواتس آب وغيرهما وانتشار وسائل الإعلام بمختلف مسمياتها المرئية من فضائيات ويوتيوب والمقروءة من صحافة ورقية وإلكترونية انتشرت الإشاعة بشكل واضح وأصبح نشرها بكلِّ يسر وسهولة.
والإشاعة -كما هو معروف للجميع- خبر ينتقل بين الناس يتسم بالغموض ومبني على الشك والظنّ وليس على التثبت والتعين وهي تنتشر بسرعة فائقة بين الناس كانتشار النار في الهشيم تأكل الأخضر واليابس.
ويقول الله جلَّ وعلا: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إن يَقُولُونَ إلا كَذِبًا} ونشر الإشاعات في المجتمع نشر للفواحش وقد تُؤدِّي إلى هلاك المجتمع بأسرة وانتقال الفتن والضغينة والبغضاء من أبنائه. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا...} فجعل الله سبحانه وتعالى من نقل الخبر دون تثبت من الفاسقين...
وإن المسلم الذي يسمع إشاعة عليه أولاً أن ينظر إلى حال الناقل فلو كان إنسانًا فاسقًا عليه ألا يسمع كلامه وإذا كان إنسانًا فاضلاً ومن خيرة الناس علينا أيضًا أن نتثبت من حقيقة مما قال وأن نذكّره بأن الله سبحانه وتعالى ولا نبادر بالتصديق وعلينا أن نذهب إلى أهل العلم وإذا كانت الإشاعة عن شخص خير فعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى ولا سيما إذا كان من الذين يقولون الحقيقة.
والإشاعة تُؤثِّر على الفرد ونفسيته ولنر كيف أثرت الإشاعة على أفضل وأكرم أسرة على وجه الأرض في حادثة الإفك.
قال تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ} وإشاعة عبد الله بن أبي سلول رأس النفاق الذي رمى أمّنا عائشة بالإفك فأنزل الله من فوق سبع سموات وحيًّا يتلى تبرئة أمّنا عائشة رضي الله عنها.
ومن جهة ثانية تصيد أخطاء الآخرين ونشرها مثل نشر الإشاعة.. والإشاعة نقل شيء غير محسوس أو معلوم، أما تصيد الأخطاء فهو في نشر زلة لسان أو خطأ في كلمة قالها الشخص واستغلت من آخرين وتَمَّ نشرها على الإنترنت وغيرها من الوسائل المختلفة، كما أن الخطأ يمكن أن يحدث من أيّ إنسان وإذا كان من إنسان فاضل فعلينا أن نعلم أن فضائله كثيرة وهذه الفضائل تمحو الخطأ الذي وقع فيه لنكون منصفين في تقييم الناس وللأسف بعض الحاقدين يتصيّدون الأخطاء للفضلاء والمسؤولين ويقومون بتصوير ما قيل من دون علم الشخص ونشرها في المجتمع عبر وسائل الشبكات الاجتماعيَّة والمنتديات الحوارية وبالتالي تركت المجال للقيل والقال وللتحليلات الخاطئة والتندر والضحك، حيث بضغطة زر وهو على فراشه يعلّق ويتشمت، ثمَّ يرسل ويلتقى هذه التغريدة أو الفيديو الآلاف من المتابعين في توتير وأجهزة التواصل الأخرىـ وكل يضغط على الزر ويرسل ولا يعلم هذا المسكين أنّه يأثم على فعلته وعلى ما خطته يداه وللأسف هناك أناس ليس لديهم ما يشغلهم سوى مراقبة الآخرين وتصيد الأخطاء ويفني وقته فيما لا يفيد وكان الأجدر أن يشغل نفسه باكتشاف أخطاء نفسه وعيوبها وإصلاحها ولو فعل لكان أفضل الناس. وأخيرًا العاقل لا يقول ولا ينقل كل ما يسمعه ولا يتصيد أخطاء الآخرين ولا كل ما يعلم يصلح للنشر والنقل ومن يفعل ذلك فهو يسعى لضرر المجتمع أو ضرر هذا الشخص الذي تصيد عليه وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} البروج 10 . وقال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: (كفى بالمرء كذبًا وفي قول (إثمًا) أن يحدث بكلِّ ما يسمع) وحتى نقف ضد الإشاعات أو السيطرة عليها يجب أولاً التثبت منها وعلى الإعلام الرسمي أن يتدخل ويفنِّد هذه الإشاعة بعد التحقق منها ومن مصدرها وكذلك يجب التوعية المسبقة منها وأن يَتمَّ محاربة المنتديات التي تنشر هذه الإشاعات والتشهير بها وعدم تصديقها وفي المقابل يتطلب من الجهات المختصة أن تخرج بلاغات رسمية تفنّد هذه الإشاعة كل فيما يخص جهته وأن تنشر الحقائق لأن الناس تريد الحقائق فإذا لم يستطيعوا الحصول عليها فإنَّهم سوف يتقبلون الشائعات كما يجب محاسبة من صور ونشر مقاطع الفيديوهات التي تتصيد أخطاء الآخرين بمختلف مستوياتهم مواطنين أو مسؤولين وبدون علمهم حتَّيكونوا عبرة للآخرين لأن التصوير والنشر من دون علم وموافقة الشخص جريمة يعاقب عليها القانون والله الهادي لسواء السبيل.