بريطانيا أعلنت أنها تدرس الآن تاريخ جماعة الإخوان وممارساتها، وهل هي فعلاً خطرٌ على أمنها القومي أم لا؛ وشكلت لجنة تقصي حقائق بناء على توجيه من رئيس الوزراء البريطاني.
أحد العارفين في شؤون بريطانيا وتوجهاتها يتوقع أن بريطانيا بهذه الخطوة، والإعلان عنها، لن تصنفها في النهاية كجماعة إرهابية، كالقاعدة مثلاً. فالمتأسلمون السياسيون لهم علاقات وطيدة باليسار البريطاني، واليسار يُدافع عن جماعة الإخوان باستماتة؛ والبريطانيون سيأخذون ذلك في الاعتبار عند أي قرار يتخذونه ضد هذه الجماعة كتنظيم، فالتوازنات بين الفئات في الطيف السياسي البريطاني تعتبر شأناً يأخذه ليس فقط الحكوميين البريطانيين في الاعتبار وإنما حتى المشرّعين أيضاً؛ لذلك من المرجح ألا يتم تصنيف هذه الجماعة كتنظيم إرهابي، ويبدو أن لدى الدهاة الإنجليز سبباً غير معلن من هذا الموقف المعلن، فالبريطانيون -كما يعرف الجميع- لديهم عدة طرق للتضييق على هذه الجماعة فيما لو أرادوا التخلص من كوادرها دون أن تُصنفها جماعة إرهابية، أقلها أن تسلط عليهم جُباة الضرائب، فأغلب كوادر هذه الجماعة ممن يعيشون في بريطانيا لديهم مخالفات ضرائبية، ويجري غض النظر عنهم بقصد، لتصبح حجة (التهرب الضريبي) حجة دامغة تستطيع أن تُفعلها متى أرادت، دون أن يتحرك اليسار ويدافع عنهم؛ فالتهرب من الضرائب هناك تُعتبر مخالفة يُعاقب عليها القانون بحزم.
طيب: لماذا اتخذت الحكومة البريطانية هذا القرار وأعلنت عنه في هذا التوقيت بالذات؟
هناك أنباء بدأت تتسرب من الدوحة في قطر، معقل جماعة الإخوان الأول الآن، تقول إن قطر أسست في لندن جريدة إخوانية، وهي تعمل على قدم وساق لتأسيس قناة فضائية أخرى على غرار (قناة الجزيرة) القطرية، وفتحت لهذين المشروعين خزائنها لتنفق على تأسيس وتشغيل هاتين الوسيلتين الإعلاميتين بلا حدود؛ وتنوي ترحيل بعض الإخوان اللاجئين لديها إلى بريطانيا ليمارسوا أجندة جماعة الإخوان السياسية من لندن وليس الدوحة، بعد أن (خنقت) قطر الضغوط لإبعاد كوادر هذه الجماعة الإرهابية مـن أراضيها، والبريطانيـون يعلمون جيداً أن قطر متورطـة بهـذه الجماعة حتى أذنيها، وأن ترحيلهم إلى لندن هو الحل الوحيد أمامها، لذلك فهذه فرصة مواتية لا تعوض لابتزاز قطر مالياً، فبدؤوا يلوحون ببعض العراقيل على استضافة جماعة الإخوان هناك، ليجعلوا (الثمن) الذي ستدفعه قطر باهظاً للغاية، خاصة وهم يرون أن قطر تُبذِّر ثرواتها دون حساب للصرف على ما يُسمى الربيع العربي، وعلى جماعة الإخوان تحديداً، بعد أن تورطت بهم، وتتزايد عليها الضغوط أكثر لإبعادهم عن أراضيها. فالقضية على ما يبدو قضية ابتزاز واضحة، فلا قطر تستطيع أن تتخلى عن الجماعة، وبريطانيا لن تقبلهم إلا بشروط مُكلفة لا بد وأن تدفعها قطر في النهاية.
دعم جماعة الإخوان أنهكت دولة قطر ليس على المستوى السياسي وفي المنطقة العربية فحسب، وإنما حتى في أوروبا سياسياً ومالياً؛ وها هي بريطانيا على ما يبدو ستشترط على قطر أن استضافة الجماعة لها (فاتورة) لا بد من السلطات القطرية أن تدفعها أولاً، وستكون كما يظهر فاتورة مرتفعة للغاية؛ فممارسات هذه الجماعة الإرهابية في مصر لم يعد بالإمكان التغطية عليها، وكلما زادت عمليات جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، أصبحت هذه الفاتورة أعلى؛ هذا لسان حال الحكومة البريطانية الآن، ثُم لكل حادثة حديث.
يقولون: من لا يُتقن التعامل جيداً مع نظرية الاحتمالات، فيضع لكل احتمال إذا ما حَدَث حلاً، فلا يدخل دهاليز السياسة وتجاذباتها. ولا يبدو أن قطر في الماضي والحاضر قد حسبت حساب فشل ما يُسمى الربيع العربي جيداً عند ما تبنته وفتحت له خزائن وثروات الشعب القطري للإنفاق على ثوراته، وهي الآن تتعرض لمطالبات و(استغلال) وتبعات ومآزق لمغامراتها السياسية ما كان لها أن تضع نفسها فيها لو حسبتها صح منذ البداية.
إلى اللقاء .