في يوم الاثنين الموافق 24-4-1435هـ ومن خلال هاتفي المحمول تلقيت خبر وفاة أخينا ورفيق طفولتنا ودراستنا وحياتنا العملية ابن العم الأخ عساف بن عبدالله بن محمد القصير (أبي محمد) - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجعل ما أصابه تكفيراً لذنوبه- وإن فقد عزيز مؤلم لأهله ومحبيه خصوصاً أبو محمد - رحمه الله- لأنه رفيق طفولة وله وقع خاص يظل باقياً في النفس ويطول مكثه ما حيي الإنسان لأننا قضينا أحلى أيام وساعات العمر وأيامه في مرح وفرح لم تشغلنا الدنيا بهمومها ومتاعبها، كنا نقضي سحابة أيامنا بعد العودة من المدرسة في العمل مع أهلنا بالمزرعة ببلدة الشقة بمنطقة القصيم هذا الجزء الغالي من مملكتنا - حفظها الله- لذا قويت أواصر المحبة والألفة بيننا وبقيت ذكريات جميلة لاصقة في جوانحنا حتى مع كبرنا لا يمحوها ماح لذلك كانت له مكانة خاصة بالنفس غالياً علينا جميعاً بحكم القرابة وهذه مشاعر وأحاسيس أحببت أن أسطرها في هذا المقال عرفاناً للفقيد الراحل وإن هذه السطور المتواضعة لم ولن تعطيه حقه وإنني أعزي نفسي ونذكره وندعو له بالرحمة والمغفرة وكما قيل:
عليك مني سلام الله ما صدحت
على غصون أراك الدوح ورقاها
لقد خسرنا لقاءه وكسب لقاء ربه، ولقد رأيت في المقبرة زملاءه في العمل حتى بعضهم لم نره منذ مدة طويلة أو ترك العمل بالشركة ومع ذلك حضروا وعبّروا عن أساهم لفقده، لأن ذكرى زمالته باقية في أذهانهم لما مثّله من منظومة قيم إنسانية وقيادته بين زملائه وموظفيه طيلة ثلاثين عاماً قضاها بالشركة مديراً لمستودع السلي ومديراً إقليمياً للمنطقة الوسطى كان متميزاً في إدارة العمل بشخصية قوية يتبسّط مع الموظف البسيط دون تكلّف أو استخفاف كان يقود العاملين معه بقوة الشخصية وبساطة المعاملة ليس بالتسلط والعجرفة يحب المتابعة الميدانية، اتصف - رحمه الله- بالتقوى والصلاح، لقد تعهد بالإشراف على بناء مسجد مجاور لمنزله - رحمه الله- أسأل الله الكريم أن يجعله في ميزان حسناته وكان رجل ثابتاً قوي الشخصية مع قوة في الشكيمة والحكمة والصبر والتحمّل حتى في مرضه - رحمه الله- كان صابراً محتسباً غير شاك، وكما قيل:
الله يغفر لراعي الطيب ويبيحه
ويجعل جنات الخلد بيته وداره
ويالله عسى روحه بقبره مستريحة
وعسى النبي في جنة الخلد جاره
كان من أبر الناس بوالديه، فلقد توفي والده وهو عنه راض وله والدة هو بها بار، كان من أوصل الناس لرحمه من جهة أبيه ومن جهة أمه لا يتخلّف عن العيدين في الحضور للشقة بمزرعة الأسرة بالحويطة ويحرص على إجابة الدعوة ويتحمّل أحياناً السفر لذلك.. حسن الخلق يمتاز بتبسّمه في وجوه الآخرين يبتغي الوصل والصدقة بذلك. أحب جيرانه فأحبوه ولذا حضر جمعٌ كثيرٌ منهم للصلاة والعزاء وقال بعضهم والله إننا نعزى فيه كما تعزون، كان مواظباً على الأضحية عن والديه لم يدعها منذ عرفناه، أقبل على قراءة القرآن وخاصة بعد تقاعده ويحرص على الأذان في المسجد القريب من بيته حال غياب المؤذن أو تأخره، عرّف بعضاً من أقاربه ببعض ممن كان يسكن سابقاً خارج البلاد، تقول إحدى خالاته والله ما عرّفنا بكم إلا أبو محمد وكان يتعاهدهم بالرسائل ويستقبل رسائلهم كان قريباً من هموم أسرته يتعاهد ويواسي وينصح ويستنير الجميع برأيه، ناصح في عمله يحب للآخرين ما يحب لنفسه.
لقد تساوت الأسرة في الحزن عليه لوداعه الصعب، وإنني أعزي نفسي ووالدته - حفظها الله- وأبناءه وبناته وزوجته وإخوانه وأخواته وأعمامه وأخواله وأصدقاءه ومحبيه وكما قيل:
يموت قوم فلا يأسى لهم أحد
وواحد موته حزن لأقوامِ
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لأبي محمد ويرزقه الجنة ونعيماً لا ينفد على ما بذله في تربية أبنائه على طاعة الله، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلحهم ويثبتهم ويهديهم ويحفظهم ويجعلهم ذخراً له بالدعاء ولوالدتهم بالبر والرعاية لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، وذكر منها ولد صالح يدعو له، وهم إن شاء الله كذلك وأن يكرم نزله ويتجاوز عنه وأن يجعل قبره مد بصره وأن يجعل قراره في عليين ويسهل حسابه ويجعل الريان بابه، إنه جواد كريم {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا عساف لمحزونون، اللهم اغفر لأبي محمد وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين وتقبله في الشهداء، اللهم ثبته عند السؤال وقه عذاب النار وعذاب القبر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.