دكتور وراء القضبان في لبنان، عنوان كتاب صدر للدكتور زكريا كامل الفيصل، بأسلوب سردي روائي يحكي معاناته في لبنان التي تعرض فيها لتفاصيل ما حدث له في لبنان وكيف دخل السجن إلى أن خرج من المحنة بكاملها.
يقع الكتاب في 124 صفحة من القطع الصغير ويتكون من مقدمة واربعة وعشرين عنوانا، كل عنوان لمحطة من محطات المحنة التي عاناها. وقد بدأ المؤلف كتابه بالإهداء الذي يغريك بقراءة الكتاب حيث قال في إهدائه: إلى كل إنسان طيب وكذلك إلى كل إنسان شرير، أنت في النهاية إنسان. احذر للأول وعد إلى إنسانيتك للثاني، بقدر ما عانيت أرجو أن لا تعانوا مثلي، واختتم الإهداء بشكر كل من والدته وزوجته وأبنائه وبلده ممثلة في السفارة ولكل الطيبين الذين وصله دعاؤهم وشعر بمحبتهم.
وبعد المقدمة التي عكس فيها المؤلف موقف الإنسان المؤمن عند نشوب الشدائد، بدأ بالفصل الأول الذي استميحكم العذر بأن اسميه الفصل الأول مع انه لم يسمه، وقد جاء تحت عنوان قصتي مع لبنان، حيث شرح بداية معرفته للبنان إبان كان طالبا للطب في مصر، وعند ما نشبت حرب أكتوبر 1973م بين العرب وإسرائيل واغلق البحر الأحمر في وجه الملاحة، كيف اضطر إلى السفر بسيارته إلى لبنان ليقوم بشحنها إلى مصر عبر البحر الأبيض المتوسط.
جاء وصف الرحلة من قبل الطبيب الدكتور زكريا الفيصل كمن يحكي لزملاء في جلسة قصة رحلة من رحلاته، فلم يتضمن الوصف غير اللغة المباشرة بعيدا عن لغة الأدب، فوصف الطريق عبر تبوك والأحوال يومها من انعدام الفنادق وغيرها من الوسائل التي يحتاج إليها المسافر في رحلة طويلة، حتى وصولهما الأردن مع ابن عمه التي لم يكن الحال بها وفي فنادقها أفضل من قهاوي تبوك حتى وصولهما لبنان التي كانت يومها قبل الحرب الأهلية آية في الرقي والتمدن، واسترسل في شرح علاقته بلبنان وصولا إلى مرحلة الاستقرار وامتلاك 3 شقق بها وابتداء المأساة التي عاشها هناك.
ولكي لا اذهب بكم بعيدا فقد استطاع الكاتب أن يصف مأساته بكل تفاصيلها الدقيقة، لكني أعيد روايتها لكي نستخلص العبرة من حكاية طبيب إنسان لا يضمر لاحد شراً.
وقد بدأت القصة عندما اشترى شقة له في بيروت وكانت عائلته محدودة زوجته واربعة من الأبناء، لكن مع وصول العائلة إلى 6 أفراد بدأت فكرة الحصول على شقة اكبر من الأولى، وتم شراء الشقة الثانية ثم كانت فرصة شراء الشقة الثالثة بشيء من التقسيط الذي تحول إلى عبء ناء بحمله.
إلى هنا والحكاية سليمة 3 شقق ورحلات مع العائلة إلى بيروت وخاصة في الصيف وجيران طيبون كما يصفهم، وابتدأ الوجه المأساوي من الحكاية باتصال من أحد الجيران الذي ابلغه أن الماء تسرب عليه من شقة الدكتور واضطر الدكتور للسفر إلى لبنان، وعندما اكتشف فعلا أن هناك تسرب مياه عرض على الجار أن يدهن الشقة مكان التسرب لكن الطلبات كانت كثيرة ترميم كامل للشقة يقدر بعشرات الآلاف من الدولارات وبدأت التحديات.
كان الدكتور قد عجز عن الوفاء بأعباء الأقساط الخاصة بالشقة الثالثة مع تزايد مصاريف دراسة الأولاد كما شرح، فقرر أن يبيع شقتين ويبقي على شقته الأولى الصغيرة وبدأ يعرض الشقتين للبيع، وطبعا كسعودي سيكون بلا شك مطمعا للسماسرة، وفجأة يدخل الجار الشرير على الخط ويتحول إلى حمل وديع ويعرض شراء الشقتين ويتفقا على أن يتم البيع بحوالي مبلغ مليون ونصف المليون دولار أمريكي، وباعتبار الرجل مغتربا خارج لبنان فقد عرض على صاحبنا دفع القيمة بشيك باليورو من فرنسا أو بالدولار من أمريكا ووافق على الدولار وسلمه شيكا بالمبلغ، وطلب منه من باب الاحتراس عدم الإشارة إلى الشيك وإظهار انه تسلَّم نقدا وفعلا تم ذلك ووقع له على سندات إيصال نقدا، ومرت أيام كان الطبيب السعودي محل حفاوة جاره طوني نصره حفلات وولائم إلى أن فوجئ بسيارة بوليس وعدد من أفراد الشرطة ( الدرك ) يحيطون به وبصديقه وجاره ويسألون لمن السيارة التي استأجرها الدكتور من شركة تأجير، ورد عليهم أنها له فقاموا بتفتيشها وكانت المفاجئة المذهلة انهم اخرجوا منها كمية من المخدرات، وتم اقتياد الدكتور مقيدا إلى قسم الشرطة ومن ثم إلى مكافحة المخدرات.
تفنن الكاتب في وصف قسم الشرطة الذي بدا التحقيق معه فيه من حيث المبنى والجنود والمرافق والمترددين على القسم، وطبيعة القضايا التي كانت ترد مع التمحور حول موضوع التحقيق معه وكيف أنكر معرفته بالمخدرات، مؤكدا أنها مكيدة دون الإشارة بأصابع الاتهام إلى شخص بعينه مع استبعاده هو شخصيا أن يفكر بجاره أن يكون السبب، حتى وصل الأمر انه أعطاه مفتاح شقته عندما أخذه الجنود.
ويسترسل الكاتب في الشرح وكيف انه أبلغ السفارة بما حصل، وما قامت به السفارة من جهود وصلت إلى الاتصال بوزير الداخلية ومدير الأمن العام ومكتب رئيس الوزراء والمحامين الذين تم توكيلهم عنه ووصول أبنائه وزوجته إلى لبنان، وكيف سار التحقيق حتى وصل إلى انه صور الشيك وارسله لزوجته، وكيف تم استدعاء جاره طوني الذي أنكر انه أعطاه شيكا مبرزا الإيصالات انه سلمه نقدا، ولما ذهب للبحث عن الشيك مع الجنود لم يجده في مكانه إلى أن ضاق الخناق على طوني، واعترف بتفاصيل المؤامرة التي كان يهدف من وراءها الاستيلاء على الشقتين وإلباس الطبيب الطيب تهمة ترويج مخدرات عقوبتها خمس سنوات من السجن.
تنتهي القضية كما شرحها الدكتور بعودة الشقتين إليه وتعويضه عن بعض المتاعب والخسائر التي حصلت له والتصالح أخيرا، ومتهمة القراءة انه يورد حتى الحكايات التي كان يقصها على الموقوفين في سجن المخدرات هروبا من أسئلتهم الفضولية ومنها قصة المثل (وافق شن طبقة) بنصها .. الكتاب سيرة ذاتية لورطة وقع فيها طبيب طيب مطلوب أن يأخذ العبرة منها كل واحد منا.