{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
كم هي صعبة لحظات الفراق حين تعصف بنا, كم هي مؤلمة قرارات القدر حين يأتي عليها دورنا, كلنا قد صدرت بحقنا احكام الرحيل وكلنا على الانتظار, مهما حاولنا من جهد على المواساة والتخفيف إلا ان الفراق يبقى يؤلمنا ما دمنا نحن من نودع الآخرين, ولا راحة من هذا الالم الا نرحل نحن, هذه قصة بني ادم مع الموت, لا مفر منه ولا جهل منا عليه, مهما تناسيناه لن ننساه ويبقى الحاضر الاقوى في حياتنا, لكنها الفاجعة حين تلمنا وتقدر علينا, فلا غير الصبر علاج ولا غير الصبر لنا معه خيار.
بأي صوت اناديك يا اسماعيل... وبأي وجه انظر اليك يا اسماعيل, اي الكلمات التي تنجرف اليك فيما ابتلاك به الله, واشهد انه ابتلاء المحبة لانك من الذين ما عرفنا عنهم الا التقوى والعمل الصالح وطاعة الله والإيثار بالاحسان, في رحيل الركب كله أي آهات تكفيك يا اسماعيل, واي حروف نشكل منها ما نخفف به عليك, ليس باليد حيلة الا ان نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه, هو الابتلاء وما عليه من آلام وما ورائه من حرقة القلب والكبد, انت من الصابرين يا اسماعيل لكن مع صبرك تجمل بروحك ولا تقسو عليها, وتذكر انهم لم يكونوا اول الراحلين ولن يكونوا آخرهم.
رحلوا الخمسة وهذا أمر الله الذي قدر وفعل, خمستهم وما اظن الدموع تكفيهم بكاء, رحلوا الخمسة من ابنائك فما ان علمنا حتى غصت الحلوق وفاضت الجفون واهتزت الاقدام وارتعشت فينا الخواطر, كل هذا وما زلنا نسأل ما الذي حدث؟ وكيف حدث؟ امعقول هذا؟ سبحانك اللهم وغفرانك انت الفعال لما تريد, وما اردت وما تريد الا خيرا بنا ولنا وعلينا, كل هذا واكثر فقط حين نفكر فيك يا اسماعيل وفي امهم, لك الله ولا سواه, لك الله على محبته لك, لك الله على ما اخذ منك ليعطيك, يعطيك شفاعة منهم عليكما, يعطيك البشارة يا ايها البشري بأن الصابرين هم احباب الله.
حاولت المواساة ما استطعت, ولن اقارن رحيلهم والامك برحيل غيرهم وآلام من بقوا وراءهم, فكل يعيش الفراق لوعة وحرقة بذاته, فلو رحل العالم كله سيبقى رحيل فلذات الاكباد قاسيا, لكنها الحياة يا صديقي, لكنها الدنيا يا أخي, لكنه امر الله ايها الصابر الحامد الشاكر لربه, اليوم تعيش الحزن بأكمل صوره, وغدا تبقى الذكرى لتؤلم, لكن تذكر أن حياتنا مواسم فاجعل حزنك كحياتنا مواسم.
لهم الرحمة والمغفرة, ولكم ما بقي في الدنيا من صبر وسلوان.