لا يقتصر دور الوثائق المحلية والأسرية لدينا على أنها تخص الأسرة المعنية بها فحسب، بل هي تمثل تاريخا محليا لكل من عاش في تلك الفترة.
فالوثائق المحلية تعد مادة مهمة لمن أراد أن يدرس الحالة الاجتماعية والعلمية للآباء والأجداد.
وقد وقت على وصية أوصى بها الجد محمد بن عبد العزيز الشثري قبل أكثر من مائة عام يوصي بها ذريته تضمنت جوانب كثيرة مهمة تتجاوز الجانب العائلي إلى جوانب أخرى متعددة تهم كل باحث ومهتم بتاريخ وطننا الكريم لاسيما منطقة نجد.
الوصية أرخت في العام (1324هـ) ووجهت للكثير من أفراد الأسرة، وكان مقدمتها شهادة الجد بالتوحيد، وأن هذه عقيدته ليتبع ذلك توجيهات حكيمة لأفراد أسرته على رأسها التوصية بما ينفع الميت بعد وفاته وهو الوقف على أعمال الخير للأبناء والأحفاد وغيرهم ممن تشملهم هذه الوصية.
والجد محمد صاحب هذه الوثيقة معروف بسيرته الحميدة وكثرة صدقاته، وله قصر معروف في الحوطة يسمى الدروازة، ومن أشهر القصص التي تروى عنه أنه رأى في نومه رؤيا أنه يبول في محراب المسجد فانزعج من هذه الرؤيا وأهمته، فأرسل أحد المقربين منه وهو عبدين الصرامي إلى مفسر الرؤى المعروف في الحوطة -آنذاك- الشيخ ابن طالب ليفسر الرؤيا، إلا أن الجد محمد طلب من الصرامي أن يقول إن هذه الرؤية للصرامي نفسه، وليست لشخص آخر، فلما قص الصرامي الرؤيا على ابن طالب، قال له: يا عبدين هذه الرؤيا ليست لك، وأخبرني بالحقيقة، ولمن هذه الرؤيا؟!
فما كان من الصرامي إلا أن أجاب بالحقيقة وقال إنها لمحمد الشثري، وطلب مني ألا أخبرك، فقال مفسر الرؤى ابن طالب: قل له سوف يأتيه ابن ويكون عالما في الدين... وبالفعل تحققت هذه الرؤيا، ورزق الشيخ محمد بابن سماه عبدالعزيز وهو العالم المعروف بأبي حبيب والمتوفى سنة (1387هـ).
وكان الشيخ محمد يحب ابنه عبدالعزيز هذا كثيرا، مما حدا بالابن عبدالعزيز أن يقول (أنا حبيب أبوي).
وأشير إلى أن والدي معالي الشيخ ناصر الشثري كان يكنى منذ صغره بأبي خالد، وحين رزقه الله بي أسماني خالد إلا أن الجد عبدالعزيز أصر على تسميتي محمد لكثرة ما يحب والده وما يعني له هذا الاسم كثيرا... رحم الله الأموات وأمد في عمر الأحياء على خير.
ولنعد إلى صاحب الوثيقة الشيخ محمد رحمه الله، فقد كان مهتما بالوقف، وأوقف عدة أوقاف، منها أضحية في قصر الدروازة، وأضحية أخرى في بيته الثاني على يد ابنه صالح، وأوقف مزرعة في العطيان في الحوطة تسمى حلبان وأجرها مائة سنة على إبراهيم بن حمد بن داود رحمهم الله جميعا.