الجزيرة - خالد الخضري:
هناك تحوّل واضح تعيشه المرأة السعودية في بلادنا يلمسه الجميع، وبالذات بعد القرارات السامية بإتاحة المجال للمرأة للمشاركة والعمل في ميادين شتّى تتناسب مع قدراتها، وطبيعة وعادات المجتمع السعودي المحافظ، حيث كان لقرار تأنيث عدد من الأنشطة التي تتناسب مع المواطنة السعودية تأثيره الواضح في خلق الحماس لدى الكثير من الفتيات السعوديات اللواتي انطلقن بكل فاعلية في مجال العمل.
وفي هذا الاستطلاع نتعرف على نوعية جديدة من المطاعم السعودية التي اختصت بالعمل فيها شابات سعوديات امتهن الطبخ، وافتتحن عدداً من المطاعم النسائية الصرفة التي يعمل بداخلها طاقم نسائي كامل، وتقدم الوجبات المحلية الشهيرة، والتي تعد من الأنشطة الجديدة التي تظهر لأول مرة في المملكة.
وقد مثّلت الأكلات الشعبية القاسم المشترك لهذه المطاعم, التي ركزت عليها فيما تقدمه لزبائنها، بنكهة منزلية بحتة، تجعلها ذات مذاق خاص، ميّزها عمّا يقدم في المطاعم التي تعمل بها العمالة.
مع المطاعم النسائية كان لنا لقاء مع عدد من أصحاب هذه المطاعم في بعض مناطق المملكة، والتي جاءت كالتالي:
من جدة:
من جدة كانت البداية، حيث التقينا السيدة رنا السالم، وهي سيدة أعمال - تُعدُّ من أوائل الحاصلات على تصريح لافتتاح أول مطعم نسائي في مدينتها، والتي تحدثت في البداية عن الفكرة، وكيف ولدت لديها:
بدأت الفكرة من خلال تواصلي مع المجتمع، حيث إنني كنت أعمل المأكولات من المنزل واستطعت أن أكوّن الفكرة مع التجربة ومدى أهمية عمل المرأة بمجتمع نسائي وما له من أثر في اتقان العمل حيث إن المطبخ من تخصص النساء، كما أني حصلت على تشجيع كبير من عدة جهات من بينها موظفو جدة البعيدون عن أهاليهم أولاً وأصحاب الدوامات الطويلة. ثانياً حتى أصبح من أهدافي كذلك حاجة بعض ربات البيوت في ولائمهن لمطاعم مرنة تقبل بصنع أكل بيتي بإخراج راقٍ وجميل وعلى حسب قدرتهن المادية حيث يتضمن العمل لدينا عدة خدمات.. فردية جاهزة للبيع وهي وجبات الغداء وبعض الحلويات والمقبلات. ثانياً طلبات حفلات ثانوية وهي تكون بالحجز مسبقاً، إما ببضع ساعات أو أيام تكون بالطبق مثلاً أن يكون الزبون لديه ذبيحة ويأخذ من المطعم مكملات مثل السلطات والشعبيات. ثالثاً حفلات كاملة تبدأ من الأطباق الرئيسية إلى الحلويات ولله الحمد حصلنا على تقبل كبير من الزبائن وأنا الآن لي ما يقارب السنة منذ بدأت هذه المهنة.
وعن سؤالنا لها: كيف وجدت تقبل المجتمع للفكرة أكدت رنا السالم:
بالنسبة للمجتمع حصلت على تشجيع كبير منهم وكان لهم الأثر الأكبر في نجاحي. نظرتي لشابات الأعمال نظرة فخر واعتزاز بأنهن استطعن تغيير أسلوب عمل المرأة السعودية من عمل مكتبي أو معلمة في مدرسة إلى سيدة اعمال ونصيحتي لهن المثابرة والتفاؤل ومن سار على الدرب وصل وعدم الاستياء من العقبات والقوة في تخطيها.
من الرياض:
وظهرت فكرة المطاعم النسائية في الرياض أيضاً، حيث يوجد مطعم أم عبدالله القصيمية، وهو من أهم هذه المشروعات.. والتي قالت للجزيرة:
إنها تحب الطبخ منذ الصغر، وإنها تركز في مطعمها على الأكلات الشعبية على وجه التحديد والتي من أبرزها: الجريش والمرقوق، والقرصان، والكبسات الشهيرة بمختلف أنواعها، وأشكال مختلفة من الحلى، وغيرها من الأطباق، الشرقية والغربية الشهيرة.
وقالت: إن الإقبال على نشاطها إقبال كبير من الزبائن، بحكم أنها تتميز بالطبخ المنزلي.
وأضافت أم عبدالله أن من يتقن مهنة الطبخ لسنا كثر، حتى لو عمل بها عدد من السيدات، فالجودة هي الأهم، والنكهة تمثل الميزة الأهم التي نتميز بها في تقديمنا لأعمالنا.
وقال أم عبدالله: إن العمل ليس عيباً، وعلينا وعلى المجتمع أن يتكاتف من أجل تشجيع البنات السعوديات على العمل لأن هناك خيرًا كثيرًا من وراء هذا العمل على وجه التحديد، وهو عمل شريف يستحق أن نبذل فيه مجهوداً.
وأكدت أنها تتمنى من جميع الفتيات أن يتعلمن الطبخ لأن الشغالات ليسنا دائمات حسب تعبيرها.
وطالبت الجهات المختصة بدعمهن، فهن بحاجة إلى الدعم، وأنها تطمح أن تتوسع في نشاطها قدر الإمكان.
من الطائف:
يقول ماجد الطويرقي الذي قام بافتتاح مطعم نسائي متخصص، هو وزوجته في محافظة الطائف:
الفكرة بدأت بعد معاناتي أنا وأسرتي من أكل المطاعم التي تفتقد النظافة والطعم والنكهة والذي شجعنا أكثر قرار خادم الحرمين بخصوص تصحيح أوضاع العمالة، حيث كانت البداية.ونحن نهدف من وراء إنشاء هذا المشروع تقديم خدمة للمجتمع الذي يعاني مع المطاعم المعتمدة على العمالة.
وعمّا يتضمنه المشروع قال الطويرقي: هو عبارة عن مطعم متكامل من محل الشوي وثلاجات كبيرة ومكينه البطاطس والشاورما وقدور الضغط وأفران الكهرباء وعيون الغاز ومحل للكاشيرة.
وعن حجم الإقبال على المطعم قال:
الإقبال ممتاز لكن هناك مشكلة الزبون متعود على المطاعم السريعة التي تقدم الطعام بسرعة بدون ترتيب وهو عكس تماماً عمّا تقدمه البنت السعودية، التي تقدم الطلب بترتيب ونظافة عالية.
وفيما يخص تقبل المجتمع لعمل المرأة قال:
اختلف الوضع عمّا كان عليه في السابق، فتقبل المجتمع لعمل المرأة حالياً أصبح رائعاً، وأنا وزوجتي وجدنا تشجيعاً من الكثيرين والسبب يعود لطبيعة عمل المرأة بنكهة منزلية.
وأكد الطويرقي أن الفتاة السعودية تمتلك مواهب مدفونة في مجالات العمل وإذا وجدت عملاً مناسباً ستقدم الكثير على المستوى العملي، وهي فقط بحاجة إلى مزيد من التشجيع.
ونصح الطويرقي الفتاة السعودية أن تشارك في بناء المجتمع السعودي وأن تنطلق في النشاط الذي تقدمه، لأن الفرص كثيرة لكن من يحسن استغلالها؟
وأضاف الطويرقي، على مستوى الدعم نحن نرغب في أي شركة وطنية تسهم معنا في دعم المشروع ونريد من الجمهور تشجيع البنات وعدم تحطيمهن كي يعود ذلك على المجتمع السعودي بالفائدة والنفع الكبير.
من جازان:
وفي جازان اشتهرت المطابخ الشعبية بذوقها الفريد وطعمها الطيب ورائحتها الزكية المميزة, حيث تعد الأكلات الشعبية من أبرز مظاهر التراث الجازاني إذ تحضر بكثرة في الفعاليات التراثية التي تقام في مختلف نواحي المنطقة, ولا زال إلى الآن الناس في هذه المنطقة يقبلون عليها دون غيرها عندما تقام الموائد في المناسبات والدعوات.
ومن أشهر المطاعم الشعبية المعروفة في جازان: مطعم متخصص في الأكلات الشعبية الجازانية, تحت أشراف أم رامي, الذي تنوعت أكلاته ومشروباته ويعد مطعم ام رامي للأكلات الشعبية من الأماكن البارزة, بالقرية التراثية التي يرتادها الزوار من كل مكان, فهو مشهور بأكلاته الشهية التي تقدم بجميع أنواعها, ومن هذه المأكولات الدقيق والخمير وفي بعض أيام المواسم يكثر الخضير, أيضاً من الأكلات المغش بمرق اللحم والسمك أيضا المرسة (معصوب) واللحوح والادامات المختلفة وغيرها, وتقوم العاملات فيه بالإشراف على جميع طلبات الزبائن وتقدم الأكلات فور طلب أصحابها لها وبجانبها جلسات مطلة على البحر للاستمتاع بأجواء القرية التراثية ومعالمها القديمة.
تقول أم رامي: أن مطعمها حظي باعجاب الكثير من الزبائن, محاولة دائماً تقديم أفضل الأكلات للزبائن على الطريقة الشعبية, حيث يكثر الطلب على المغش والمرسة وسمك الميفاء, وأوقات عمل المطعم في الأيام العادية من الساعة الحادية عشرة صباحاً ويغلق أبوابه عند التاسعة مساء أما في المناسبات والفعاليات يعمل من الحادية عشرة صباحاً إلى الساعة الواحدة ليلاً, كما أنه يتزايد عدد إقبال الزبائن عليها في هذه المواسم, وبالأيام العادية يكثر الناس بالخميس والجمعة على الأغلب.