نظهر كثيراً بصورة ليست لنا على مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الشات، في صورة معظمها لا يعبّر عنا نلبس فيها أقنعة لا تظهر وجوهنا.. نتكلم من ورائها تارة بحلو الكلام، وابتسامة الأقلام، وتارة أخرى بلسان القبح وسوء المقال، نتلّون كالحرباء كتلك التي ذكرها البارودي في شعره قائلاً:
أنا في زَمانٍ غادِرٍ وَمَعَاشِرٍ
يَتَلَوَّنُونَ تَلَوُّنَ الْحِرْباءِ
نتلَّون لنؤذي غيرنا ونكيل لسوانا التهم والإساءات دون روية أو أدنى تثبت والبعض يسمح لنفسه بالتجاوز مبرراً ذلك بمقولة إن قول الحق أصبح صعباً، وإن هناك من لا يستطيع التعبير عما بداخله خوفاً من أن يسجل عليه كل شيء بضغطة زر صغيرة على هاتف يصوّر، أو كلام يحرف، ويرسل، وينشر ثم يعود عليك بالإقصاء قد يفقده عمله.
ومنا في وسائل الاتصال الحديثة من يلبس قناع التفنن في كلمات الإرضاء للمصالح الشخصية.. ومنا من يجامل مجاملات قد نقبلها دون منفعة أو تمادٍ فلا بأس فيها، بل نعتبرها أدباً وذوقاً اجتماعياً. ومنا من ينزع عن وجهه الأقنعة ولا يتكيفون مع النفاق الاجتماعي، تجدهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينشرون النصيحة والكلمة الهادفة والمبادئ العظيمة، مبدؤهم الأشم ونورهم الذي يضيء طريقهم قوله تعالي: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف: 108) أما عن تبادل الرأي والرأي الآخر وتقديم التهاني في وسائل الاتصال الحديثة هو أمر محبب لنا جميعاً، ولكن؛ ما نراه ممن يقدمون لك النصح وينهونك عن الوقوع في المعصية ويعظونك بالموعظة الحسنة وحسن الخلق وأنت على يقين أنهم لا يقولون ما يفعلون كما وصفهم رب العزة في مقاصد القرآن: {أتأمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَـبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} البقرة (44)، وفي سورة الصف (آية 2) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُون كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ الله}.
ولا أجد سوى أبيات أبو الأسود أنهي بها كلماتي:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
هذا لعمري في الفعال شنيع