تحقيق واستطلاع - خالد الدوس:
* لم يعد الوعي بمفهومه العام ترفًا فكريًّا، أو عبارة فلسفية.. بل هو إدراك وحس وكياسة تتسع فيه دائرة الرؤية، وتجعل الإنسان يصل للحقيقة ويعرف ما يدور بداخله، ومحيطه الاجتماعي.. والوعي الرياضي جزءٌ من منظومة الوعي العام بشموله.. يرّسخ المبادئ الرياضيَّة النظيفة، ويؤصل اتجاهاتها السامية ومنطلقاتها النبيلة، وبالتالي بناء مجتمع يمارس الرياضة بوعي وثقافة.
ففي السنوات الأخيرة تجاوز مفهوم الرياضة وروحها التنافسي إلى أن بلغ حدًّا من الانفلات الأخلاقي والمشاحنات التصادمية والتجاوزات المناهضة لقواعد الضبط الاجتماعي والمهني والقيمي، فظهر التعصب المقيت بأقبح وجه.. ناشرًا أذواقًا شاذة، وسلوكيات خطيرة ومؤثِّرة على وعي وثقافة المجتمع بشكل عام، وبالتالي تحوَّل نسيجنا الرياضي (المحتقن) في ظلِّ غياب الوعي إلى (بيئة) خصبة لتبادل الشتائم والقذف والإساءة والإثارة الممجوجة..وبات الأكثر استيعابًا واتساعًا للمناطقية والفئوية والعنصرية والتعصب والانقسامات والمشاحنات المؤثِّرة على البناء الاجتماعي.
* «الجزيرة» استطلعت آراء الخبراء والأكاديميين والإعلاميين حول غياب (الوعي) في النسق الرياضي.. نتناولها عبر الأسطر التالية:
استنساخ التجربة
في البداية تحدث الأستاذ منصور الخضيري وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب -سابقًا- قائلاً: إن الوعي الرياضي يؤسس لعمل إنتاجي مميز ويخلق بيئة سليمة للمنجز الرياضي، ومجتمعنا الرياضي الذي بلغ به التعصب منحى خطيرًا حتَّى شمل المجتمع غير الرياضي، يحتاج قبل غيره للوعي الفكري والتثقيف، فإذا صلح المجتمع الكروي صلح المجتمع الرياضي ومكوناته المنسجمة.
وأضــاف أن المجتمع الكروي في ظلِّ تجاوزاته وممارساته المناهضة للقيم الإيجابيَّة سلب عقول الناشئة على وجه الخصوص وجرفهم التيار مما جعل العودة للوعي وتنميته أمرًا صعبًا، فليتحرّك كل من يعنيهم الأمر قبل فوات الأوان.
وأوضــح أن الوعي بمفهومه الواسع ثقافة يتلقفها الناشئة وتنمو معهم وتكبر وتصبح من مسلماتهم من الصغر، مؤكدًا أن تنمية الوعي تأتي في البيت، ثمَّ المسجد والشارع وفي البيئة نفسها.. فمتى ما كانت البيئة واعية نما الوعي وازدهر.
وزاد قائلاً: في إحدى الدول الشقيقة تَمَّ إنشاء جمعية ممتازة للثقافة والرياضة وأبرز اهتماماتها يكمن في تنمية الوعي الرياضي والحس الوطني لدى المجتمع الرياضي عامة وشــبابه وفتياته خاصة، وأتمنَّى أن نستنسخ من الأشقاء هذه التجربة المثمرة ليكون لدينا جمعية مماثلة ترعاها كل الجهات ذات العلاقة وتدعمها وتنمي أهدافها، مشيرًا إلى أن تنمية خلايا ثقافة الوعي الرياضي في المجتمع الكروي تحديدًا تستوجب استحضار أسبابها، ثمَّ معالجتها وتحقيق السبل لتلك التنمية، مشدِّدًا على أهمية علاج أسباب هذا الاخفاق المؤلم في الوعي الرياضي وسبر أغواره، ثمَّ الانتقال إلى بحث السبل المُعينة على تنمية ومعالجة القصور في الوعي الرياضي. وبيَّن أن الكل يرمي بمسئولية غياب الوعي الرياضي على الآخر فلا تربية تتصدى له.. إِذْ هي مشغولة بالشأن التَّعليمي ومنشآته وليس الوعي الرياضي بأولوية لديها ولا رعاية الشباب وهي جهة الاختصاص ركزت على هذا الجانب ملقية اللوم على الإعلام ووسائله التقليدية والرقمية التي تُذْكي في الناشئة التعصب المقيت. ولا الجامعات التي لا ترى أن ذلك من مسئوليتها فهي مشغولة بالشأن الأكاديمي والبحث العلمي. ولا الإعلام الرسمي فهو لم يعد مقنعًا، بل إن النشء ليس متابعًا له أصلاً حتَّى يقتنع بأن له دورًا في الوعي الرياضي. ولا المنزل الذي هو الحاضن الأساسي لكنه يَرَى ألا مثيل له بهذا السيل الحارق من الوسائل الإعلاميَّة حتَّى تأتيه من بين يديه ومن خلفه التي وضعت التشويق الإعلامي همَّها الأول. أما تسويق الوعي الرياضي والإعلان عن التوعية والتثقيف فذاك آخر اهتماماتها..!!.
ميول حزبية..!!
* ويلتقط الإعلامي المعروف الأستاذ إدريس الدريس خيط الحديث عن هذه القضية المجتمعية قائلاً: تنمية الوعي الرياضي مهمة نبيلة ونحتاجها في وسطنا الاجتماعي والرياضي، خاصة مع ما تشهده الساحة الاجتماعيَّة المحليَّة من تفشي التعصب والانحياز وتغليب العاطفة في المشهد الرياضي، مشيرًا إلى أن التشجيع الكروي ومتابعة المباريات تخطى حدود التسلية والترفيه وتجاوز حدود التنافس، إلى أن صارت الميول الكروية (حزبية) وصار المشجِّعون في مجتمعنا أحزابًا.. مما أورث حالات من الانقسام داخل الأسرة الواحدة.
وأوضـح أن التشجيع الكروي والميل لفريق دون الآخر ارتقى إلى مستوى العقيدة فصرنا نحب في الفريق الفلاني ونكره فيه وصرنا نبني محبتنا وتقيمنا للناس حسب توجهاتهم الكروية. وزاد: أظن أن هذا التحوّل في طريق التعصب معلوم ومحسوس لدى كل أفراد المجتمع وعليه في سبيل حلِّ هذه المشكلة فإننا يجب أن نثير هذه المشكلة ونجعلها قضية (رأي عام)!! لنصل جميعًا إلى كلمة سواء بحيث تعود أمور التنافس الكروي إلى نصابها ووضعها الطّبيعي من منظور أن الكرة مُجرَّد تنافس شريف لا يجب أن نتخطى حدود الملعب وينتهي بنهاية المباراة.!.
* وأوضح المستشار الإعلامي أن مسألة غياب الوعي الرياضي وتحوّله إلى أزمة اجتماعيَّة هي مسئولية كثير من القطاعات المباشرة مثل رعاية الشباب واتحاد الكرة وكذلك الأندية التي هي محاضن هذه اللعبة.
وعليه فإنَّ مهمة القضاء على التعصب ونشر ثقافة الوعي والتسامح الرياضي تتقاطع وتتشابك مع كثير من الجهات الرسمية والشعبية، فوزارة التربية والتَّعليم لها دور طليعي في توعية المعلمين الذين أخذ التعصب يتفشى بينهم والحال كذلك مع وزارة الثقافة والإعلام التي تناط بها مهمة السيطرة قدر الإمكان على الانفلات الإعلامي الرياضي وخصوصًا منه المرئي الذي صار يفرد المساحات والساحات وينشئ المجالس ودق الحنك..!! وإثارة غبار الخلاف والاختلاف بين المتحاورين في لغة هابطة وتعصب أعمى.
ومن هنا فإننا نتطلَّع إلى إيجاد ميثاق شرف بين أهل الإعلام بحيث توضع معايير أخلاقيَّة تراعي فيها الوحدة الوطنيَّة ووحدة الأسرة التي صارت تنتهك أحيانًا بسبب التعصب الكروي والمبالغة والإفراط في جعل الفوز والخسارة هي محور الاهتمام لدى مشجِّعي الأندية..
المدرسة أولاً
* كما تحدث الإعلامي والأكاديمي المعروف د. سعود المصيبيح قائلاً: عندما ننظر للوسط الرياضي وتزايد ظاهرة التعصب الرياضي والعنف والعنصرية والتوتر والتشجيع الخالي من الذوق والآداب العامَّة فإنَّ ذلك مرتبطًٌ بتكوين المجتمع وإعداده وتربيته ولا يمكن فصل الرياضة ومجالها عن بقية أساليب الحياة، وزاد عندما نرى المشجِّع الكوري أو الياباني يحضر لتشجيع فريقه المفضل أو منتخب بلاده فإنّه يدخل الملعب بانتظام ويجلس بأدب واحترام ويشجع وفق آلية مرتبة وبأهازيج معدة بإتقان وبحماس جماهيري جميل دون انفعال أو توتر أو إرباك، حتَّى وجوه هذه الجماهير أثناء المباريات نجد الحماس وقلما نجد السباب والشتائم والبذاءة والإساءة للخصم أو جمهور الفريق المقابل.!
وبعد المباراة تجدهم يجمّعون النفايات في أكياس يدوية يحملها كل مشجِّع ما خلفه بها ويترك مكانه نظيفًا ويغادر الملعب بانتظام واحترام..
وهذا كلّّــه تعلّمه في المدرسة منذ الصغر.. وشدَّد قائلاً: لمست ذلك بنفسي أثناء زيارتي لكوريا واليابان ورؤيتي للطلاب ..كيف ينظفون مدارسهم بأنفسهم ويحافظون على ألفاظهم وأحاديثهم، لأن المدرسة بداية كل شيء!!
وأضاف هذا (الوعي) تَمَّ اكتسابه من المدرسة وهي سرُّ تقدم هذه الأمم والشعوب وهو أمر نحن أحق به فنحن أمة الأخلاق الحميدة والقيم السامية.
وأكَّد أن فشل التَّعليم في المجتمع تمخض عنه رؤية هذا السلوك المنحرف أخلاقيًّا في التشجيع داخل الملعب وخارجه وأي محاولة لزرع الوعي تبقى ناقصة ما لم تبدأ في المدرسة ويتلقاها الطالب في سنينه الأولى..
وأوضح الخبير الإعلامي أن هناك مساحة كبرى للتوعية لم تستغل بشكلها الصحيح، أيّ وقت بث المباريات الرياضيَّة باستخدام عبارات التوعية والتَّوجيه داخل الملعب أو عند نقل المباريات عبر القنوات الفضائية وكذلك برامج التحليل الرياضي والصحف الرياضيَّة والمعلّق الرياضي بحيث يكون هناك رسائل ثقافية تنويرية مدروسة وقوية للجماهير في هذه الوسائل، بالإضافة إلى المسابقات الرياضيَّة والتحفيز على التشجيع النظيف ونشر قيم التواضع عند النصر والابتسامة عند الهزيمة وقيم التسامح مع أهمية الحزم ضد الخارجين عن النظام بمنعهم من دخول الملاعب والتشهير بهم والحدّ من انفعال الإداريين وتصرفاتهم المسيئة بعقوبات رادعة تنتهي بإبعادهم عن المجال الرياضي.
وشدَّد أن الوعي الرياضي قضية مصيرية لا تترك للاجتهادات واللا مبالاة في التعامل معها.
التنمية الرياضية
* ويؤكد عضو الشرف بنادي الاتحاد وعميد كلية الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور عبدالإله ساعاتي قائلاً.. إن الوعي الرياضي يُعدُّ من الركائز الأساسيَّة للتنمية الرياضيَّة بمفاهيمها الشمولية الواسعة الهادفة إلى ترسيخ المبادئ الرياضيَّة السامية التي تقود إلى تطوّر الرياضة في إطار القيم الرياضيَّة النبيلة وتحقيق مجتمع يمارس الرياضة بوعي وثقافة.. وتبعًا تسود الأخلاق الرياضيَّة المثلى في المجتمع، وبالتالي تتبلور من خلال الوعي الرياضي قمة الرياضة في بناء مجتمع حضاري حيوي.
وأضاف أن من واجب مختلف مؤسسات الوطن العمل على بث الوعي الرياضي ليس فقط بين الشباب الممارس للرياضة، بل بين مختلف شرائح المجتمع، مشيرًا إلى أن الرياضة يجب أن تكون أخلاقًا وفروسية وهذه هي مبادئ الألعاب الأولمبية.
وشدَّد أن ذلك لا يتم إلا من خلال نشر الوعي لهذه القيم والمبادئ والمفاهيم السامية، مبينًا أن الوعي الرياضي يوفر المناخ الملائم لممارسة الرياضة وخلق فرص الإبداع والنمو والازدهار مما يستوجب علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ونقرَّ أن لدينا انخفاضًا ملحوظًا في مستوى الوعي الرياضي وليس يدل على ذلك من ظهور صور التعصب الرياضي المقيت. والهتافات العنصرية المقيتة التي تظهر بين الفينة والأخرى. وهي التي تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والأخلاق الرياضيَّة النبيلة.
وكشف الساعاتي أن هذا الواقع يعكس الحاجة الماسَّة إلى مد مظلة الوعي الرياضي والتطوّر الرياضي المأمول.. مطالبًا وضع إستراتيجية وطنيَّة واعية تتبناها السلطة الرياضيَّة الرسمية وتشارك فيها قطاعات المجتمع المعنية وفي مقدمها الجامعات لنشر الوعي الرياضي في المجتمع السعودي الرياضي..
رياضيَّة بلا وعي.!
* يرى المدرِّب الوطني القدير الدكتور عبد العزيز الخالد أن المشهد الرياضي يعاني من غياب الوعي، مشيرًا إلى أن التعصب الرياضي المقيت وصل إلى أعلى مستوياته والقطار للأسف خارج المسار تمامًا، وينذر بمزيد من الاحتقان والتفرقة والغوغائية والمشاحنات التصادمية والإقصاء الفكري.. ومؤكِّدًا أن الأمر جد خطير ويزداد سوءًا يومًا بعد يوم، إذا لم يعالج هذه المثالب والأمراض الاجتماعيَّة التي تمخضت نتيجة غياب الوعي الرياضي.
وأضاف قائلاً: أتصور أن الحلول يجب أن تبدأ من المؤسسات المعنية (التعليميَّة والتربويَّة والإعلاميَّة ومؤسسات التنشئة الاجتماعيَّة «الأسرة، المدرسة، ووسائل الإعلام، والطبقة المثقفة ... الخ»، مطالبًا تشكيل لجنة عليا على مستوى القيادات يكون دورها إقرار مشروع وطني إستراتيجي لدراسة الوضع من كل جوانبه للوصول لمقترحات وتوصيات ملزمة للجميع ليضمن الحفاظ على النسق العام واللحمة الوطنيَّة.. والتأكيد على التنافس الشريف ورفع حدّة المنافسة بما يخدم الرياضة السعوديَّة ويعيد القطار فعلاً للمسار السليم.
وشدَّد الخالد أن الجهات المعنية تتحمل مسؤولية غياب الوعي الرياضي وثقافته في مجتمعنا الرياضي الذي بات اليوم محتقنًا وغوغائيًا أفرز التعصب والعنصرية ومفردات الكراهية، وبالتالي أصبح يحتاج اعترافًا أولاً بهذه الأمراض الفكرية ورواسبها الاجتماعيَّة المدمرة للقيم الأخلاقيَّة.. والعمل على تنقية الأجواء الرياضيَّة ومعالجة هذه المثالب بمد مظلة الوعي الرياضي ونشر مبادئه وقيمه ومفاهيمه السامية.. مشدِّدًا على أن الرياضة ممارسة فكرية وقيم أخلاقيَّة، ورسالة سلام.. قبل أن تكون فوزًا وخسارة وعلى أن يدرك الجميع دور الرياضة في تطوّر الأمم وترسيخ القيم الأخلاقيَّة في الارتقاء بالوعي المجتمعي.
ثقافة اللا وعي!!
* ويشير الدكتور عبد العزيز المصطفى أستاذ التربية البدنية بجامعة الدمام والرياضي السابق قائلاً: على مدى العقود الخمسة الماضية وحتى واقعنا المعاصر يعيش الرياضي والمتابع في حالة من اللا وعي في المجتمع ومما يحزن الكثير منا أن حالة اللا وعي الرياضي تصاحب معظم الرياضيين والمهتمين في جميع مؤسسات الرياضة السعوديَّة بدءًا بالرئاسة العامَّة لرعاية الشباب وحتى الأندية الرياضيَّة بما فيها اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضيَّة، وأضاف بالرغم من الطفرة الرياضيَّة التي رافقت السنوات الماضية مثل الاحتراف الرياضي والانتخابات الرياضيَّة والمشاركات الرياضيَّة الآسيوية الدوليَّة المقدرة وبناء المنشآت الرياضيَّة وتطوّر الإعلام والإعلاميين من كتاب ونقاد ومقدمي البرامج الرياضيَّة إلا أن ذلك لم ينعكس على مستوى الوعي الرياضي الإيجابي .. مع أن الرياضــة صارت صناعة ووظيفة لها دور رياضي وتربوي واستثماري وترويجي واجتماعي .. وذلك بسبب توجيه إدارة الرياضة نحو الأفراد الهواة والعلاقات الشخصيَّة أولاً، وغير المختصين ثانيًا بما فيهم رجال الأعمال الذين خطفوا الكرة السعوديَّة المحليَّة والدوليَّة بما لا يحمد عقباه..!!
انطلاقًا من فلسفة أن من حقهم المشاركة في إدارة الرياضة السعوديَّة طالما أنهَّم يقدمون الدعم المالي، وأضاف البروفيسور المصطفى قائلاً: لقد تقدمت الدول الآسيوية كثيرًا خلال العقود الثلاثة الماضية في جميع مجالات الرياضة وحقَّقت الكثير من الإنجازات الرياضيَّة تحت مظلة الوعي الرياضي على عكس واقعنا الرياضي اليوم الذي أصبح نسقه (غوغائيًا) يفرز الكراهية والشحناء والأحقاد والبغضاء والعنصرية وامتد تغييب الوعي الرياضي عند الإعلاميين والكتَّاب والنقاد ومقدمي البرامج الرياضية الذين ساهموا وما زالوا يسهمون في دعم عملية اللا وعي بمستقبل الرياضة السعوديَّة بدلاً من أن يكونوا قادة منبر الوعي الرياضي.
نتاج ثقافي متراكم
* أما الكاتب المعروف الأستاذ (عبد الله العجلان)..فينطلق من زاوية أخرى قائلاً: تنمية الوعي بصفة عامة هي في المجمل نتاج ثقافة مجمع عبر الأجيال وبواسطة المدرسة والبيت والحارة ووسائل الإعلام ومؤخرًا وسائل التواصل الاجتماعي فيمــا يخص الوعي الرياضي فإنَّ إشكاليته تكمن في كونه مرتبطًا ويؤثِّر ويتأثر بالمحيط الرياضي بكلِّ همومه وصراعاته وتقلُّباته ومنافساته، وقبل ذلك مكوناته التي تضم مختلف شرائح المجتمع.
وأضاف أن الأمر يتطلب المزيد من الجهد والبذل والدراسات المبنية على معطيات ومعلومات وأرقام ملموسة على أرض الواقع، مشيرًا إلى أنّه من المستحيل تنمية الوعي على الوسط الرياضي بممارسيه وجماهيره دون معرفة ماذا يجري بداخله وتفهم بالضبط مشكلاته؟..مستشهدًا بعدم إمكانية نشر الوعي الرياضي بمعزل عن البرامج الرياضيَّة التي باتت اليوم المحرّك الإيجابيّ أو سلبي الوعي، كما أنّه من الصعوبة إهمال دور الجامعة ودراساتها وأبحاثها ومن ثمَّ المدرسة وهي مجتمعه.. تحتاج كذلك لتوافر نظام واضح وقوانين ملزمة وصارمة تسري على الجميع فيما يتعلّق بضبط سلوكيات للممارسين للمجال الرياضي إداريًّا وفنيًّا وجماهيريًّا وإعلاميًا، وبالتالي نشر ثقافة الالتزام والاحترام والنظام، خاصة أن الرياضة وتحديدًا كرة القدم باتت تتعامل مع كونها مهنة في أجواء احترافية يفترض أن تكون مؤسسية وإذا لم تتحقق هذه فمن البديهي أن تكون أمام حالة فوضى وفلتان يصعب احتواؤها.
وطالب العجلان بضرورة سنّ قوانين تكرّس في البداية احترام النظام ومنع أيّ تجاوز سواء في الملعب والمدرج أو في وسائل الإعلام وإن لم تتوفر هذه فمن المؤكَّد أن النتيجة ستكون غيابًا للوعي وبيَّن قائلاً: عندما يصدر سلوكًا مشينًا من أحد النجوم أو يظهر بمظهر نشاز دون أن يتعرّض، لأنّه عقوبة رادعة حينها سنجد أن جماهيره والمعجبين به سيمارسون نفس الأسلوب وبطريقة أسوأ وقسْ على ذلك تعدِّيات الإداريين وآراء الإعلاميين المسيئة للذوق العام والخارج للآخرين... الخ.
تأليب الرأي العام
* أما الأستاذ سليمان العساف نائب رئيس القسم الرياضي بجريدة الرياض فيدلي بدلوه في هذه القضية المهمَّة قائلاً: إن تنمية خلايا ثقافة الوعي الرياضي في المجتمع الكروي تحتاج إلى عمل وتضافر جهود من عدَّة جهات مسئوله أهمها وأبرزها دور وزارة الثقافة والإعلام المغيّب تمامًا عن واجباتها ومسؤولياتها. ومع غيابها الرقابي والتنويري غاب الوعي والتثقيف في نسيجنا الاجتماعي الرياضي، لأن هناك من يقف حجر عثر أمامه وهي البرامج الرياضيَّة المؤثِّرة سلبًا بأطروحاتها الهابطة واتجاهاتها المتعصبة.. برامج مع الأسف تعجّ بالصراخ والعويل والغوغائية وتوجيه الاتهامات والنيل من الآخرين لمجرد الاختلاف حول الميول أو التعبير عن حادثة.!!، بالإضافة إلى بعض التصرَّفات التي تجاوزت الخطوط الحمراء في نشر كل ما هو مسيء ومؤلب للرأي العام.
وأضاف أن المجتمع الكروي ما زال محتقنًا وغوغائيًا بسبب الإعلام الرياضي المنفلت وتجاوزاته المهنية الخارجة عن قواعد الضبط الأخلاقي والمهني والاجتماعي..
وزاد أن كل البرامج والندوات والحوارات والملتقيات الثقافية والفكرية لم تحقق الأهداف المنشودة، لأن معظم ما يبث أو يقدم من برامج يكون الضيوف أشبه بـ»المشجِّعين المتعصِّبين» الذين يقدّمون بأنَّهم إعلاميون أو محللون، وهؤلاء رموز التعصب وكبار المهرجين.. باتوا - مع الأسف - معاول هدم للقيم المهنية والأخلاقيَّة تتسع مع حضورهم الفاضح دائرة اللا وعي الرياضي!!.
وحمّل العساف وزارة الثقافة والإعلام مسئولية غياب الوعي الرياضي واستيطان اللا وعي في النسق الرياضي الذي تحوَّل إلى مجتمع غوغائي يفرز ويصّدر العنصرية والتعصب ومفردات الكراهية..كما حمّل رعاية الشباب جزءًا من هذه المسئولية باعتبارها مسئولة مباشرة عن النشاط الرياضي والشبابي، وخصوصًا أن المجتمع السعودي في معظم تركيبته الديموغرافية «شبابية»، لذلك ينبغي أن توضع خطط إستراتيجية مشتركة بين الجهات المعنية تسهم في صناعة مجتمع رياضي رشيد يقوم على دعائم الوعي والثقافة الحضارية..
أزمة ثقافية
*ويشير الدكتور عبدالرحمن القحطاني أستاذ الإعلام بكلية الملك خالد العسكرية واللاعب الدولي السابق بنادي الهلال قائلاً: الوعي يعني الحفظ والتقدير وكذلك الفهم وسلامة الإدراك وعليه فإنَّ الفهم وسلامة الإدراك يذهب إلى أهمية وقيمة الوعي الرياضي كجزء من الحفاظ على الأمن الشامل، حيث إن من منظومته هي الحفاظ على الأمن الرياضي وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال وعي مجتمعي ممنهج للرياضة وأهدافها التي تنعكس على سلامة أفراد المجتمع «الصحيَّة والنفسية والاجتماعيَّة والفكرية».
وزاد أن الوعي الرياضي هو جزءٌ من الوعي العام، وغيابه في مشهدنا الرياضي هو نتاج طبيعي لثقافة المجتمع الكروي المحتقن!!، مشيرًا إلى أن قضية الوعي الرياضي قد تجاوزتها كثير من المجتمعات المتحضرة.. ونحن لا نزال نأخذ القشور التي تعكس أزمتنا الثقافية مع الوعي ومكوناته المنسجمة.
وأضاف الكل يشارك في نقصه أو ارتقائه، وأتحفظ على من يقول المدرسة، أولياء الأمور، ...الخ، هي السبب.. لكن الأسباب تشترك فيها عدَّة مؤسسات المجتمع المدني المعنية، لذلك نحتاج إلى إرادة وإلى نزاهة في القول والعمل، مبينًا أهمية ودور جهات عدَّة في تكوين مشروع وطني إستراتيجي من وزارة التَّعليم العالي، ووزارة التربية والتَّعليم، والرئاسة العامَّة لرعاية الشباب والإعلام والثقافة يسهمان في نشر الوعي الثقافي الرياضي وبلورة مفهومه السليم وتأصيله في المجتمع الكروي تحديدًا، والذي تجاوزت في سنواته الأخيرة مفهوم كرة القدم إلى أن بلغت حدّ المشاحنات والصراعات والانقسامات الخطيرة المؤثِّرة على وعي وسلوكيات المجتمع بشكل عام، وبدلاً من أن تكون الرياضة للتسلية والترويح والإبداع والمنافسة الشريفة انقلبت إلى ساحة لتكريس التعصب والعنصرية والكراهية والشحناء.
وأكَّد أن هناك دولاً وقعت بروتوكول التعاون في مجال الوعي الرياضي والصحة العامَّة وذلك لتنفيذ الأنشطة والبرامج المشتركة وإقامة المحاضرات التوعوية والمعارض التنويرية وورش العمل العلميَّة..
وباختصار نحتاج إلى بناء مؤسسي يسهم في تنمية خلايا ثقافة الوعي الرياضي، وهذا لا يحدث إلا بإرادة وأشخاص قادرين على الارتقاء بالوعي وقيمه الفكرية في النسق الرياضي.
الانتماء الرياضي
* ويشدّد د. محمد العتيق أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة والمشرف العام على البرامج التنموية لمؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز ووالديه للإسكان التنموي قائلاً: الوعي في أيّ مجال هو العنصر المهم الذي تحقّق من خلاله الأهداف المرجوة، من قيام هذا المجال والوعي الرياضي في الوقت الحاضر لا بُدَّ من الاهتمام به لعدة أسباب:
1. نستطيع من خلال المجال الرياضي توجيه العديد من الرسائل إلى جميع الفئات نظرًا لاهتمام قطاع كبير من أبناء المجتمع بهذا الاتجاه وأحداثه وفعالياته..
2. اهتمام وسائل الإعلام ووسائل التواصل والاتِّصال الحديثة بجميع ما يقدمه هذا المجال في جميع الأوقات.
3. توفر العناصر المؤثِّرة (مشاهير اللاعبين وغيرهم) في المجتمع الرياضي لها دور في القبول ما يقدم عن طريقهم.
4. الانتماء الرياضي للكيان مهما كانت الظروف ومن هذا المنطق فإنَّ المسئولين والجهات الحكوميَّة والأهلية سواء تعليميَّة أو خدميَّة أو صحيَّة لا بُدَّ أن تكون لها دور فاعل في استغلال هذه العناصر وتقديم العديد من الرسائل التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها لأفراده، وأن تقدم بشكل متكامل يتناسب مع كل فئة عمرية أو حتَّى لأفراد المجتمع بالصيغة التي يرغبها وتلامس طموحاته واضعًا في حسبانه إيجاد لوائح ونظم وآليات العمل قبل أن يبدأ بتوجيه الرسائل ذات أبعاد إيجابيَّة.. ومحذرًا من آثار الجوانب السلبية.
وأضاف: يجب الاستفادة من التجارب الناجحة لنشر الوعي الصحيح وعدم الوعي الرياضي في الوقت الحالي يشارك فيه جميع القطاعات في المجتمع ولا بُدَّ من تضافر جهود الجميع ووضع إستراتيجية عامة لأهمية الاستفادة من اهتمام أفراد المجتمع الرياضي بتبني الصيغة من أجل نشر الوعي السليم على أسس من المحدّدات أهمها الاقتداء بالتعاليم الإسلاميَّة الصحيحة وغرس حب الوطن والمواطن الصالح. والعبرة مما يحدث في المجتمعات المجاورة من الأحداث كان سببها عدم الوعي الصحيح بأهمية الرياضة ودورها البناء..
وحول غياب ثقافة الوعي الرياضي قال: إن المجتمع يتحمل مسؤولية ذلك وتحتاج إلى تشجيع القدوة في المجال الرياضي وإبرازه عبر وسائل الإعلام وتحفيزه من الرئاسة. وأيْضًا التحفيز من قبل اتحاد القدم والأندية والمراكز الشبابية التي تسهم في إعداد الكوادر ذات الوعي الرياضي السليم. بالإضافة إلى حث الجامعات ومراكز البحوث على تقديم العديد من الدراسات التي تسهم في نشر الوعي الرياضي وتحديد الأسباب الحقيقية وراء تدنِّي الوعي الثقافي لدى الكثير من الفئات الشبابية في المجال الرياضي، وأيْضًا أهمية الإعلام واتجاهاته المؤثِّرة في إبراز من له دور في العمل على نشر الوعي الثقافي الرياضي السليم وتكثيف البرامج الحوارية مع الشباب وعبر المقابلات..
وأخيرًا وضع اللوائح والتنظيم التي تحدّد الحوافز والعقوبات لكل من يسهم في استغلال المجال الرياضي من أجل تشر الجوانب السلبية والتعصب والأحقاد والبغضاء وغيرها.!
غياب الحوار
ويبيَّن الحارس الدولي السابق بنادي الشباب (عبدالله آل الشيخ) أن غياب الوعي في نسيجنا الرياضي أظهر التعصب المقيت الذي يعد من الأمور المؤسفة التي التسقت بالمنافسات الرياضية وترتب عليها آثار سلبية تصل حد الكارثية في بعض الأحيان!.. وأضاف لقد تحولت الرياضة في مجتمعنا في ظل غياب الوعي الثقافي من مجرد ترويج عن النفس وتسلية وممارسة أخلاقية فكرية، إلى مرض نفسي اجتماعي خطير أفرز كثيراً من المشاحنات والصراعات والانقسامات المؤثرة على ثقافة ووعي المجتمع السعودي بشكل عام.
وشدد الخبير الرياضي أن ما يحدث في معظم الأندية والملاعب والبرامج والمطبوعات من ممارسات ساقطة وملاسنات هابطة وتجاوزات خارجة عن سياق المبادئ الرياضية النبيلة وأهدافها السامية، بسبب غياب الوعي الرياضي وبالتالي تحولت متعة المنافسة الكروية إلى صداع مزمن ووجع مؤلم.. وأوضح آل الشيخ أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ينتظر منها النهوض (بقالب التنوير) عبر إقامة وتنظيم الندوات الثقافية والملتقيات العلمية وورش العمل التي تنادي بتأصيل وتفصيل مفهوم الوعي في الوسط الرياضي، وحث الاتحادات الرياضية، وأنديتها على تفعيل دورها الثقافي والاجتماعي بعقد مثل هذه الاتجاهات التنويرية، وبرامجها التوعوية، وأنشطتها الفكرية، كما أن وزارة الثقافة والإعلام تلعب دوراً (محورياً) في نشر الوعي الثقافي الرياضي، خصوصاً برامجها الرياضية الحوارية التي باتت اليوم هي المحرك الأساس للوعي، ومتابعة مضمون ومحتوى هذه البرامج الرياضية بما يحقق أهداف الرسالة الإعلامية السامية ومنطلقاتها المهنية، أخيراً وليس آخراً مشاركة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في تنمية الوعي المجتمعي عبــر النهوض بقالب الحوار الواعي والمتزن في وسطنا الرياضي تحديداً، والذي من الواضح ومنذ نشأته لم يكن هناك تنظيم للحوار، أو وجود منهج مؤسسي تنطلق منه ثقافة الحوار وأدبياتها الحضارية، وبالتالي الإسهام في تشكيل (الوعي) في المجتمع الكروي.
أهمية التنشئة الاجتماعية
* أما الزميل عبدالمحسن الجحلان.. الكاتب الرياضي المعروف فيؤكد أن الوعي والثقافة يُعدُّ أن من العوامل المهمة في تقدم وتطوّر الشعوب وفي جميع المجالات والميادين وتحديدًا الرياضة واتجاهاتها المختلفة.
وأضاف أن البيت إحدى الركائز الأساسيَّة لزرع مفهوم الوعي ولكن مع الأسف الشديد نجد الكثير من البيوت أهملت أساليب التنشئة الاجتماعيَّة السليمة لأبنائها التي من رحمها يتمخض الوعي ومكوناته المنسجمة، لذلك طبيعي أن نعاني أزمة وعي ثقافية في الوسط الرياضي أو غيره.. وأضاف أن المجتمعات المتحضرة تجاوزت مفهوم الوعي وتأصيله في سلوكهم ومنهج حياتهم ونحن لا نزال نأخذ القشور التي تكشف عمق أزمتنا الثقافية مع الوعي.
وشدَّد الجحلان أن النسق الرياضي يعيش حالة اللا وعي فظهر التعصب والعنصرية والشحناء والأحقاد والكراهية بأقبح وجه.. واتسعت دائرة فرعون الاقصائية التي كثيرًا ما نشاهدها في معظم البرامج الرياضيَّة الحوارية التي تبحث عن الأكثر صراخًا والأطول لسانًا!!، مطالبًا أن يكون هناك وعي متكامل يبدأ من البيت والمدرسة مرورًا بالإعلام الرياضي لينتقل للنادي حتَّى يخرج جيل واع ومثقف ورياضي وأدبي وقيمي، لأن ذلك سينعكس على جوانب عدة نفسية وثقافية واجتماعيَّة وفكرية.
غياب النظام
* ويؤكِّد الكاتب الرياضي الزميل سلطان المهوس أن الوعي عنصر متشكّل من عدَّة أجزاء لا يمكن فصلها، ورأس سنامها القيم الإسلاميَّة باعتبارنا مجتمعًا مسلمًا ومن هذا المنطلق استطيع أن أؤكّد لك وبكل صراحة أن غياب تطبيق النظام ليس غياب النظام هو سرطان الوعي! وأحد أسباب مرضه المزمن سواء على صعيد المجتمع الرياضي أو غيره.. وما دمنا نتحدث عن الوعي الرياضي فيجب أن نعرف مصدر التغذية له كوسائل الإعلام ومساحات الرأي وكذلك تشكيل البيئة الصَّغيرة كالمدارس والمنزل، مشدّدًا أن الوعي ينمو في مثل هذه الأجواء أولاً قبل أن يكبر ويسمن من خلال الوسائل الأخرى.
وأضاف: نحن في السعوديَّة نتساهل كثيرًا مع المخالفات والاتهامات والكلمات النابية والخروج عن النص الأخلاقي داخل الوسط الرياضي والنتيجة هي استشراء اللا وعي ليصل لمجتمعات أخرى غير معنية بحكم أن الرياضة هي التي تجمع أغلب الشعب السعودي نتيجة عدم وجود متنفس آخر لها وغياب تطبيق الأنظمة والاكتفاء بحب الخشوم والتصالح وأحيانًا النسيان وإدخال الملف لدرج المسئول أو إهماله هو ما أوصل شبابًا بمقتبل العمر يقف بالمدرج لقذف كل أنواع السبِّ والشتم وإيذاء الآخرين بالطرقات أو قتل الحوار وممارسة الاقصائية المقيتة بكلِّ أنواعها.
وزاد: إِذا وجد النظام وتَمّ تطبيقه ارتفع مستوى الوعي لأن المدارس تدرّس الوعي والقيم لكن في الشارع والمدرج والمجالس يتم قتل تلك القيم مع الأسف، مبينًا أن مسئولية غياب ثقافة الوعي في نسيجنا الرياضي تقع على تطبيق النظام فقط. فالمخطئ يجب أن يأخذ نصيبه النظامي، ومن هنا يتشكّل الوعي والمسئولية تندرج على الجهات الرقابية وخصوصًا أن العالم اليوم لا يمكن السيطرة عليه.. فالثقافات سوق رائجة داخل جهاز صغير تحمَّله في الجيب ولن تستطيع المدرسة أو الأسرة أن تسيطر على الوضع التوعوي سواء بالعدالة وتطبيق النظام ولا غيره.
***
التوصيات والمقترحات ........
* تفعيل الدور الإيجابيّ في وسائل الإعلام الرياضي والتركيز على جانب تنمية الوعي وثقافته في المجتمع الكروي على وجه التحديد.
* زيادة الوعي التثقيفي لدى النَّشء الصَّغير المحب للرياضة.. بأن الرياضة قيم أخلاقيَّة وممارسة فكرية ورسالة سلام ووئام.. عبر الأنشطة الرياضيَّة المدرسية والإعلام وإظهار الآثار السلبية من التعصب المقيت (جسديًا ونفسيًّا وماديًّا واجتماعيًّا).
* نشر المفاهيم الواعية في الوسط الرياضي والإعلامي التي تسهم في غرس القيم الرياضيَّة ومبادئها السامية من خلال عقد الندوات العلميَّة والملتقيات الثقافية وورش العمل في سياقه التربوي والأخلاقي.
* تخصيص جوائز تشجيعية للجمهور وروابط الأندية المثالية.. طبقًا للضوابط والمعايير التي تبنى على احترام الآخرين وتنهض بقالب الوعي الثقافي.
* النهوض بقالب التوعية والتَّوجيه أثناء نقل المباريات وتكون هناك رسائل إرشاديَّة تسهم في نشر قيم الوعي الرياضي ومكوناته المنسجمة.
* الحزم ضد الخارجين عن النظام بمنعهم من دخول الملاعب والتشهير بهم والحد من انفعال الإداريين وتصرفاتهم المسيئة التي تكرّس مفهوم اللا وعي في الوسط الرياضي.. بعقوبات رادعة تراعى فيها الوحدة الوطنيَّة، ووحدة الأسرة التي صارت تنتهك بسبب التعصب وظهور خلايا اللا وعي.
* حث الجامعات والصروح الأكاديمية على تقديم الدراسات العلميَّة والأبحاث المتخصصة التي تساعد على تعميق الوعي الرياضي في المجتمع الكروي.
* وضع إستراتيجية وطنيَّة واعية تتبناها السلطة الرياضيَّة الرسمية وتشارك فيها قطاعات المجتمع المعنية وفي مقدمها الرئاسة العامَّة لرعاية الشباب، تسهم في النهوض بقالب التنوير، وتأصيل الوعي في السلوك الرياضي.
* إيجاد نظام واضح وقوانين ملزمة وصارمة تسري على الجميع فيما يتعلّق بضبط سلوكيات الممارسين للمجال الرياضي (إداريًا وفنيًّا وعناصريًّا وجماهيريًّا وإعلاميًا) وبالتالي نشر ثقافة الالتزام والاحترام والنظام.
* العمل على إيجاد صيغة جديد (للإعلام الرياضي) وتوجهاته.. بما يضمن الحدّ من تجاوزاته وممارساته المهنية التي تؤجج الرأي العام الرياضي، وتكرّس مفهوم التعصب المقيت، ومفردات الكراهية.