إن للحوار أدبا وفنا ومهارات وإلا تحول لمجرد كلام غير ذا معنى ..ولأهمية الحوار إليك شيئا من آدابه ونواهيه:
1 - يجب أن يدخل المرء في حوار يريد به وجه الله، والوصول من خلاله إلى معرفة الحق لا أن يظهر براعته، ويبرز مقدرته، ويبز أقرانه، وينتزع إعجاب الحاضرين.
2 - يجمل بالمرء أن يحسن الظن بمن يحاوره، وأن يدع أمر نيته لله، وأن يحمل كلامه على أحسن المحامل ما وجد إلى ذلك سبيلًا.
3 - كثير من المحاورين إذا أبدى وجهة نظر قابلة للأخذ والرد ثم عارضه صاحبه ولم يوافقه عليه، غضب لذلك أشد الغضب. وهذا لا يحسن بالمحاور، بل يحسن به أن يضبط نفسه، وألا يحمل الناس على ما يراه صوابًا.
4 - ليست المشكلة أن نختلف، وإنما هي أن لا نعرف كيف نختلف، وليس الحل ألاَّ نختلف أبدًا - فهذا غير ممكن ولا متصور- وإنما هو أن لا نصعِّدَ الخلاف، وألا نسعى إلى إذكائه، وأن نعرف كيف نختلف كما نعرف كيف نتفق!
5 - الجوانب العاطفية لها دور كبير في المحاورة وغيرها، فكثير من المحاورين يغفل هذا الجانب ولا يأبه به. وهذا خلل يحسن بالمُحَاوِر أن يتجنبه؛ ففي بعض الأحيان قد لا ينفع المنطق والبرهان، وإنما يجدي التودد والإحسان؛ فحينئذٍ أَلْقِ عصا المنطق والبيان، واحمل راية الشفقة والحنان؛ حينها تَخْطِب الودَّ، وتستولي على الأمد.
6 - حريٌّ بالمحاور أن يكسب صاحبه، وأن يخطب ودَّه في كل مناسبة تسنح له؛ فيثني عليه إذا أجاد، ويسلِّم له إذا أصاب، ويرده إلى الصواب بلطف إذا هو أخطأ، ويذكر مزاياه في حضوره وغيبته، ويبادر بالهدية والزيارة إذا أحسَّ نفرة منه. وهذه الأمور ليس بالسهل تحصيلها، وليس بمقدور كل إنسان أن ينالها، بل تحتاج إلى توفيق، وتدريب، وصبر، وشجاعة.
7 - إذا لم ينصفك محاورُك، فَرَدَّ عليك الحقَّ بالشمال وباليمين، أو جحد جانبًا من فضلك، أو تعامى عما معك من الحق وهو يراه رأي العين، فلا تُسايرْهُ في ذلك.
8 - الحوار لا يكون حظوة نفس واحدة بل لابد من مناسبته للطرف الآخر من وقت وظرف مناسبين.
وعليك بتجنب مايلي:
1 - التهكم على المحاور مما ينافي أدب الحوار، فلا ينبغي للمحاور أن يلجأ إليه إلا إذا اقتضى الحال ذلك، كأن تتحدث مع طائفةٍ باعوا أنفسهم بمتاع هذه الحياة الدنيا، واندفعوا لإغواء الأمة، والكيد لها ولشريعتها بجميع ما يملكون من صفاقةٍ، وعناد، وسوء طَوِيَّة.
2 - المجادلة باستماتة بغرض إفحام محاورك، لأنك ستخسر جزمًا إن هزمك المحاور.
3 - أن تخطِّئ محاورك لتظهر أنك على حق، لذا احرص على أن تمهد طريقًا للعودة لمحاورك، وتحفظ ماء وجهه إن أراد العودة.
4 - السخرية من محاورك وانتقاص قدره مهما كان رأيه سخيفًا أو غبيًّا.
5 - إلصاق التهم بالمُحَاوِر، وحمل كلامه على أسوأ المحامل، وأخذه بلازم قوله دون أن يلتزمه، أو أن يقول له: أنت لم تُرِد بما قلت وجه الله، أو نحو ذلك.