أن يأتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض للتباحث مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فإن ذلك يُؤكد حقائق عدة أولها، أن المملكة العربية السعودية دولة مؤثرة إقليمياً ودولياً، وأن معرفة رأي قيادتها فيما يجري من أحداث في العالم مهم للدول الكبرى، وبخاصة الدولة الأهم في العالم التي تحتل مقعد الريادة والتّفرد والتأثير على مجمل ما يحصل على الكرة الأرضية.
ثانيها، أنه ورغم العلاقة المتميزة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية والشراكة الاقتصادية والإستراتيجية، إلا أنه تُوجد خلافات وتباين بين وجهات نظر القيادتين، وهو شيء عادي ويحصل بين الدول، بل وحتى بين أكثر الدول تحالفاً، وقد اعتدنا أن تختلف قيادات الدول تبعاً لمصالحها ورؤيتها للمواقف والأحداث الدولية، ومع أن حجم التفاهم واتفاق وجهات النظر بين الرياض وواشنطن كبير ويفوق بنسب كييرة حجم الاختلاف، إلا أنه لا يمكن إخفاء تباين وجهات النظر السعودية عن ما يعتقده الأمريكيون وما يريدونه من أصدقائهم وحتى شركائهم الاقتصاديين وحلفائهم الإستراتيجيين، وهو أمر كما أوضحنا طبيعي ومعتاد في علاقات الدول.
ثالثها، أنه كما لأمريكا فهم خاص لما يجري في المنطقة ولها مصالحها الخاصة ونظرتها الإستراتيجية، كما أن أوضاعها الاقتصادية ودورها الدولي يتطلب توازناً في التعامل مع القضايا التي يشهدها العالم، كما أن القوى السياسية والاقتصادية والحزبية لها أيضاً تأثيراتها في توجُّه الإدارة الأمريكية، وللمملكة أيضاً اهتماماتها ونظرتها الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، فمهما كانت العلاقة قوية ومتينة، والشراكة الإستراتيجية مهمة، إلا أن أمن المملكة ومستقبلها والحفاظ على استقرارها ورفاهية مجتمعها، أهم من كل ما ذُكر، فكل ما يُقوي أمن المملكة ويُعزز مستقبلها واستقرارها ودعم مسيرتها التنموية، هو الذي يهم قادتها ويحدد مسارات علاقاتهم مع الدول وقياداتها.
ولهذا، وقياساً على ما تقدم فإننا في المملكة العربية السعودية - قيادةً وشعباً - نرحب ونأمل أن تتعزز العلاقة مع أمريكا ونُقوي صداقتنا معها ونُعزز الشراكة الاقتصادية والإستراتيجية، بشرط أن تتفهم الإدارة الأمريكية آمالنا وطموحاتنا، وأن تكون شفافة فيما تقوم به من تعاملات في الملفات التي تُؤثر على الأوضاع في منطقتنا العربية وإقليمنا الخليجي، ومن أهمها القضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، والدور الإيراني وتأثيراته السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعمها للأنظمة والمنظمات والفصائل الإرهابية.
لا نريد من واشنطن سوى تعامُلٍ بالمثل وشراكة حقيقية في مواجهة الإرهاب ودعم السلام والأمن الدوليين، وأن يكون كل ذلك واضحاً وشفافاً وبصدق وأمانة.