كل واحد منّا؛عادة ما تكون له (لزمة) معينة، سواء كانت لزمة كلامية يرددها باستمرار في ثنايا كلامه، أو حركة معينة تصدر بشكل لا إرادي من خلال حركات اليد، أو الرأس، وهي في تفسيرات علماء النفس تعبيرات صادقة عن شخصية الشخص، وتعكس خفاياها، وأحوال حالات النفس التي يمر بها في حياةِ سعادةٍ، أو لحظاتِ وجعٍ، ومن اللزمات التي تظهر في ثنايا حديثي مع الزملاء والأصدقاء، وتخرج مني بشكل عفوي جملة (الله كريم) وماذا أجمل من هذه المفردة، التي قد تتردد على لسان أحدنا !وبخاصة حينما تكون تعليقا تلقائيا على حالة من حالات الحياة لي أو لغيري، حالات الحياة بكل أشكالها المفرحة، والمحزنة التي نمر بها في عيشنا اليومي مع الناس والحياة بكل تفاصيلها «الله كريم» أقولها باستمرار، فأشعر بأنها دعوة للتصّبر، وأشعر أنها استجداء ورجاء للربّ الكريم؛ أن تأتي عواقب الأمور بخير «الله كريم» أقولها، لأنه هو وحده من يعلم بالحال الداخلي في ساعات، قد تتكاثر سهام الألم فتنحني قامة التصنع بالجلد أمام الناس، ولو كانت الضحكات هي الظاهرة لهم في أوقات التعب المخفي، وأقولها حين تقسو الدنيا وتكشر لأني أجد فيها بلسما يخفف وطأة الظرف فتكون «الله كريم» حينما يكون الألم أكبر من احتماله، وتكون قسوة الحياة فوق التوقعات، ورحم الله محمد البشر القائل:
إن الأمور إذا انسدت مسالكها
فالصبر يفتح منها كل مرتجا
لا تيأسن وإن طالت مطالبة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
فدائما وأبدا «الله كريم» مع العبد، مادام العبد معه سبحانه جلّ في علاه.
وفيما أتذكر من ذكرياتي التي أحب تدوينها، أني في واحدة من سفراتي للرياض العاصمة، وقد كنت ملتحقا بدورة تدريبية نفذتها وزارة التربية والتعليم بفندق شهير يحوي قاعات تدريب رائعة، وبعيد عودتي بعد الساعة الثانية ظهرا إلى الفندق حيث إقامتي، تذكّرت تغيب زميل لي عن حضور الدورة ذلك اليوم، فأرسلت له رسالة لأطمئن على حاله وسبب غيابه، فهو يقيم بفندق يبعد عن مقر فندقي، فذكر لي بأنه كان منشغلا بترتيب حجوزات ومواعيد المستشفى لوالده المريض، فدعوت له بالشفاء والبقاء،ثم ختمت حديثي معه بمفردتي «الله كريم» فكأن الكلمة لامست شغاف شاعر يسكن صاحبي، فقال بيتين من الشعر الشعبي، تعليقا على مفردتي أو اللزمة الدائمة على لساني «الله كريم» وقد راقت له جملتي، ثم بعثهما إليّ وهما:-
الله كريم يجمّل النفس بالصبر
والنفس تجْمل من كريمٍ وهبها
الله كريم يجبر النفس والكسر
والنفس تجبر من وليفٍ حضنها
ثم استمر في إرسال أبيات مبدوءة كلها ب «الله كريم» مسجلة لديّ، ولأني لا أفقه في الشعر الشعبي، إلا أن منه مايحمل المعنى والمضمون والحكمة الجميلة، ختما لكم .. كانت هذه خاطرة سريعة، كتبتها على عجل، لعل فيها مايسلي ويمتع ويفيد، ولعلها تسجيل موثق لمداخلة مع صديق، نصبها في إخوانياتنا، قد تبقى حيّة نسترجعها كلما هبت نسائم ذكريات زمن مضى لن يعود.