اتخذت القيادة الكويتية قراراً شجاعاً مسؤولاً حينما اجتاحتهم القوات العراقية الغاشمة عام 1990م بإصدارها تعليمات مشدَّدة لجميع وحداتها العسكرية بالانسحاب الفوري من الميدان وعدم التصدي للغزاة حفاظاً على أرواحهم الغالية لدى قيادتهم، كما هي غالية لدى أسرهم من مواجهة عبثية طائشة لا طائل من ورائها، إذ لا قبل للجيش الكويتي الصغير بمواجهة جيش جرار كجيش الطاغية العراقي الهالك صدام حسين.
لو أن القيادة الكويتية حينذاك أخذتها العزة بالإثم وركبت رأسها وشمخت بأنفها وفكرت بعقلية الطغاة فأمرت جيشها بالمواجهة لوقعت مجزرة مروِّعة ربما لا مثيل لها في التاريخ سيذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الكويتيين ومعهم عشرات ألوف آخرين من المعاقين والجرحى ومبتوري الأطراف ولبقيت دولة الكويت الشقيقة دار أيتام ومعاقين تعول ألوفاً من الأرامل عقوداً من الزمان.
ليت قيادات حماس يقتبسون التجربة الكويتية الناجحة ويتوقفون عن إعلان الحروب من خلال الفضائيات ضد الأفعى الجيش الإسرائيلي العدواني الشرس الذي يستغلها فرصة لإعلان حالة الطوارئ وإطلاق مقاتلاته الموجهة صواريخها بالليزر لتدك أطفال غزة ومرضى غزة وعجائز غزة الذين يختبئ ملثمو حماس الأشاوس بينهم.
إن كانت حماس ما زالت مصرة على مواجهة الجيش الإسرائيلي فلتتحرّش به من صحراء النقب لتواجهه هناك يختبئ ملثموها في الكهوف والجبال، أما قطاع غزة فهو جبهة إنسانية صغيرة المساحة مكتظة بالسكان لا تصلح ميداناً للمواجهات العسكرية اللهم إلا المتهورة منها.