نلاحظ بين الحين والآخر كثرة المتسولين، ونقول لسنا بمنأى عن العالم، فالعالم كله لديه فئة بحاجة إلى اللقمة وإلى حفنة من المال من ذوي البذل والسخاء، سواء يعرفونهم أو لا يعرفونهم. لكن اللافت للنظر هو تحوُّل التسوُّل إلى ظاهرة اجتماعية؛ فلا يمكن التمييز بين المحتاج وغير المحتاج؛ فلا تعلم من ظروفه قاسية أجبرته على استجداء عطف الآخرين. وفي بلادنا نرى بشكل لافت صغاراً وكباراً ورجالاً ونساء، والغالب فيهم أنهم ممن تسللوا إلى المملكة، وأيقنوا أن أسهل طريقة للحصول على المال هو التسوُّل. أوقات لا نرى إلا الرجال والطاعنين في السن، أو من لديه عاهة، ومرات لا نرى إلا النساء، ومرات لا نرى إلا الأطفال. ولا يُفهم من لغة الكلام إلا (ساعدني).
نعلم أن جهود الدولة الاجتماعية والأمنية في هذا الشأن أبطلت نشاطهم، والمواطن أصبح أكثر إدراكاً ووعياً بسبب ما ينشر عن هذه الجماعات من مقاصد سيئة في مساعدة أصحاب الإفساد في الأرض؛ لأنهم لا يستطيعون الحصول على المال بعدما جففت منابعه إلا عن طريق هؤلاء المتسولين، فنراهم يختفون مع الحملات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية المشار إليها آنفاً، ثم يعودون حينما يرون أن الحملة قد خفت.
ومواقعهم تكون عند الإشارات وعند الأسواق الكبرى وعند البنوك.. وأنا أسأل ولا أجد إجابة: لماذا في السنوات الخمس الأخيرة ظاهرة التسول من الأطفال والنساء على الأخص انتشرت؟ هل هم بحاجة ماسة وظروفهم صعبة أم أنه وسيلة للحصول على المال بأقل مجهود؟
أتمنى ألا تكون هذه الظاهرة عنواناً لاستهلالية الصباح، فأفضل ما يراه الإنسان هو إشراقة الشمس التي تضيء الكون والأزهار والورود تجمل شوارعنا بالعطر والشذا، لا أن نرى عند الإشارات استهلاليات الصباح عبر طرق نوافذ السيارات، وعبارات (لا تؤخرنا) كلها ريال.
إذا كانوا محتاجين فلا مشكلة لأن ديننا حثنا على الصدقة، لكن هؤلاء يدعون العوز والحاجة، وهم بعيدون كل البُعد عن ذلك. رحمك الله يا رجل الأمن الأول يا درع الأمة حياً وميتاً حينما وجّهت الأمة «بلدنا المملكة العربية السعودية ليس مكاناً للتسول إنما هو للعمل».
فإيقافهم وعدم استمرائهم لهذه المهنة بعدم انسياقنا للعاطفة، ونقول هذا ريال لن يؤثر، بل يؤثر ويؤثر؛ لأنه سيكون سبباً لوجودهم بكثرة في بلادنا.
نسأل الله أن ينير بصائرنا، ويكفينا شر المخادعين والكذابين.