الجزيرة - عبدالله الفهيد / تصوير - مترك الدوسري:
في ليلة ماطرة على العاصمة الرياض نهاية الأسبوع الماضي، شهدت بروقاً وعواصف، كان في المقابل منتدى تربوي إعلامي، جمع رجالات الإعلام والفكر والأعمال، وشهد عصفاً فكرياً ونقاشاً موضوعياً في قاعة المؤتمرات في فندق الهوليداي إن الازدهار سعياً نحو توطيد العلاقة بين الإعلام والتربية.
منتدى قرطبة التربوي الذي نظمه مكتب التربية والتعليم بقرطبة رأت قياداته أن يكون له الأثر الإيجابي في الميدان التربوي، وأن يسهم بفاعلية في إثراء الميدان التربوي بأطروحات تخدم قضايانا التربوية عبر استخدام مهارات التواصل والحوار، وتحت إشراف كفاءات إشرافية متخصصة.
وأكد مدير المكتب الأستاذ سهم بن ضاوي الدعجاني في تقديمه للأستاذ خالد المالك؛ ليقدم محاضرته عن (العلاقة بين التربويين والإعلاميين)، أن الحوار بين أبناء الوطن يعد أمراً حضارياً، ودليل ذلك مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشائه، وكذلك حوار الحضارات والأديان، وهو مؤشر يكشف أهمية الحوار بين أفراد المجتمع. ونوه الدعجاني بتشرف المنتدى بحضور ضيفه سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة الذي يعدّ - كما يقول - قامة في عالم الإعلام السعودي ومرجعاً كبيراً لراغبي معرفة الوضع السعودي عبر مقالاته ومؤلفاته المتعددة في جميع المجالات.
واعتبر الدعجاني العلاقة بين الإعلام والتربية يجب أن تؤطر ويؤسس لها لتحقيق الأهداف المرجوة من التربية لدى أفراد المجتمع، ولن يتم ذلك إلا من خلال وسائل الإعلام.
إلى ذلك بدأ ضيف المنتدى الأستاذ خالد المالك أولى جلسات منتدى قرطبة التربوي بشكره على تلك الدعوة، منوهاً بأهمية المنتدى وما يحمله من عنوان ورسالة، ثم ألقى محاضرة مختصرة بعنوان (ماذا يريد التربويون من الإعلام) منشورة في مكان آخر من الصفحة.
وبعد انتهاء المحاضِر من محاضرته فُتح باب النقاش، الذي شهد نقاشاً مميزاً من الحضور؛ إذ تحدث سعادة الدكتور إبراهيم المسند المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة الرياض معلقاً على حديث رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بأن ذلك المنتدى يعدّ مبادرة سباقة من مكتب التربية والتعليم بقرطبة؛ إذ استضاف قامة إعلامية عالية مثل الأستاذ خالد المالك، الذي تطرق في حديثه إلى تساؤلات قديمة وجديدة عن العلاقة والشراكة بين الإعلام والتربية. وقال: «وهنا أؤكد أنهما عنصران مهمان لكل زمان ومكان، ولا يختلف اثنان على أهمية الإعلام، خاصة في وقتنا الحاضر، بل هما مستمران، سواء كانت العلاقة إيجابية أو سلبية».
وأردف الدكتور المسند بقوله في مداخلته: «في ظني، إن التربية ستحقق أهدافها متى ما توافرت الرؤية والانفتاح على المجتمع بأخذ مرئياتها وتبنيها، وكذلك توافر إعلام تربوي متخصص ومحترف، وليس فقط تغطية أخبار أو النقد، رغم أهميته في توجيه المسؤول لأي نقاط سلبية. وهنا أقول مراراً إنه لا أحد يدعي أن رجال التربية والتعليم معنيون وحدهم بالتربية، بل يشترك جميع مكونات المجتمع ومؤسساته في ذلك، فنحن نقوم بجزء من التربية، رغم أن هناك من يقول إن الندوات القديمة تطرح أسئلة وتوصيات، لكنها لا تقدم الحلول، ولكن - بنظري - تلك الأسئلة والتوصيات تمثل إنارة للطريق، وللشراكة التي ينادي بها سعادة الأستاذ خالد المالك».
وأبدى الدكتور عبدالرحمن الحقباني رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي في مجلس الغرف السعودية سعادته بهذا المنتدى التربوي الإعلامي، ورفض أن يكون هناك اختلاف بين التربية والإعلام، وقال: بل نحن شركاء، والدليل أن أغلب المحررين غير المتفرغين من رجالات التربية. لكن هناك أزمة في الرؤية غير متوافقة بين التربويين والإعلاميين؛ فالتربوي هدفه بناء جيل، وكذلك الإعلام يحمل الهدف نفسه، ولكن ما يحدث هو أن الرؤية غير واضحة، وأصبحت الإثارة هي الأبرز في الطرح الإعلامي عن التربية؛ إذ نقرأ «طالب يضرب معلماً»، وهنا تم توصيل المعلومة إلى المجتمع، التي أحدثت تغييراً في نفوس الناس. وعليه، فإن الإعلام بأشكاله كافة مهم لحماية المجتمع؛ لذا نحتاج إلى تسطير رؤية لخدمة المجتمع، ورسم نموذج للتربية. مستشهداً بمقولة قديمة تقول «الناس على دين ملوكهم»، أما اليوم فهي «الناس على دين إعلامهم»؛ لذا لا بد من المحافظة على المعلم وهيبة المعلم؛ فعليه تقوم العملية التعليمية، ولا شك أن الإعلام هو إحدى وسائل الإصلاح.
وقال الأستاذ فواز آل داوود مدير مكتب التربية والتعليم في الدرعية إن المدرسة بحاجة إلى أن تعود وتقوم بالدور الذي تخلت عنه في التأثير في الإعلام، مؤكداً أن المدرسة من الممكن أن تستفيد من تجربة الجزيرة اليوم في الانتقال من العملية التقليدية إلى المعاصرة.
وأكد الدكتور عبدالعزيز الفالح عضو هيئة حقوق الإنسان في مداخلته الدور الرائد للأستاذ خالد المالك في مجال الإعلام المقروء، وأنه قائد الإعلاميين في المملكة، وصاحب قلم وطني ومخلص. مضيفاً بأن الإعلام لم يعد السلطة الرابعة، بل السلطة الأولى من حيث دخوله إلى كل مكان عبر الوسائل المختلفة. داعياً رئيس تحرير جريدة الجزيرة إلى تبني هذا التوجه، وهو تعزيز الشراكة بين الإعلام والتربية.
وطرح الدكتور ثنيان النويعم في مداخلته تساؤلات عن كيفية الوصول إلى تصوُّر للربط بين الإعلام والتربية.
وأعرب الدكتور عبدالرحمن العبداللطيف المشرف العام على مدارس رواد الأمراء عن تفاؤله في هذه المناسبة والمنتدى بقطبي اللقاء (الإعلام والتربية) اللذين يسهمان في الارتقاء بمستوى الفكر، مقترحاً إنشاء لجنة إعلامية في مكتب قرطبة للتواصل المباشر مع جريدة الجزيرة، يسهم فيها الطلاب، ويتم تدريبهم على الإعلام نظرياً وميدانياً.
وطالب الأستاذ عبدالله الدرع المشرف التربوي بمكتب قرطبة للتربية والتعليم في مداخلته بضرورة سَنّ تشريعات منظمة من الإعلام لرفض نشر الأخبار السلبية التربوية، مشيراً إلى أنه في عام 1432هـ تم نشر أكثر من أربعة آلاف خبر إيجابي، وفي المقابل تم نشر أكثر من 800 خبر سلبي تربوي، وهذا تسبَّب في تأثير سلبي على المعلم، وأصبح يتوجس من الإعلام.
هذا، وقد أجاب الأستاذ خالد المالك عن جميع هذه المداخلات، وعلَّق عليها؛ ما أعطى للمناسبة، التي تُعدُّ فاتحة لبدء نشاط منتدى قرطبة، أهميةً وإثراء للآراء والمعلومات وما يمكن عمله في المستقبل لتقريب وجهات النظر بين الإعلاميين والتربويين.